ومؤخرا تم الكشف عن إجازة مجلس الوزراء السوداني تعديلات على القانون الجنائي، بتضمين ختان الإناث كجريمة في القانون يعاقب مرتكبها بالسجن ثلاث سنوات.

ورغم الاتجاه الإعلامي والرسمي لمحاربة هذه الظاهرة السيئة، التي تؤثر على مستقبل الفتيات وحياتهن النفسية خاصة بعد الزواج، إلا أن الأرقام الرسمية لا تزال تكشف عن خيبة أمل، فبيانات الجهاز المركزي للإحصاء تشير إلى أنه حتى عام 2016 فإن نسبة ختان الفتيات أقل من 14 عاماً، وصلت إلى 31.5 بالمئة، أي ثلثهن.

ويعتبر الختان الذي تشوّه فيه الأعضاء التناسلية للأنثى لاسيما في صيغته المسماة بالختان الفرعوني حيث التشويه الكامل، عادة متوارثة في السودان منذ القدم، لكن الأجيال الجديدة بدأت تعي بشكل جيد، ضرورة كبح هذه العادة الضارة.

فيديو تثقيفي

ترى الناشطة الاجتماعية السودانية على يوتيوب، أم سلمة إبراهيم، مؤسسة قناة “ونسة وفائدة” التي شنت هجومًا على هذه العادة ومن يقفون وراءها ونادت بمحاربتها بكافة السبل، أن الختان الذي يمارس في العديد من الدول، والسودان حيث يُسمى بـ “الطهارة”، لا يزال ظاهرة تتطلب الانتباه والعمل المكثف، وأن هناك من يمارسه دون وعي، غير أن ثمة من يصرّ عليه كعادة دون أن يراعي مستقبل البنت.

الناشطة أم سلمة إبراهيم

وتشير إلى أن البنات في المناطق الريفية هن الأكثر تضررًا، في حين تنحسر العادة في الحضر والمدن، بسبب الوعي والتعليم.

وتلفت الانتباه إلى أن النساء كبار السن “الحبوبات”، كان لهن دور كبير في أن تعيش هذه الظاهرة إلى اليوم، حيث إنهن ينظرن إليها بوصفها شيئًا إيجابيًا يحمي الفتاة من “العار”.

ونشرت أم سلمة إبراهيم في قناتها فيديو بعنوان “ختان الإناث في السودان”، وجد صدى من المتابعين، وكانت أغلب الآراء تؤيد ضرورة إنهاء هذه العادة الضارة باعتبارها “جريمة في حق الطفولة والبراءة” كما يفسرها الفيديو.

وتقول أم سلمة: “أن الأب والأم من المفترض أن يحموا أطفالهم وليس العكس.. فالختان له انعكاسات كبيرة نفسية على البنت، كما أن العار لا يكون بهذا الجرم القاسي”.

وتضيف: “بل إن البنت المختونة تتضرر أكثر، ما يجعلها تذهب إلى العار أكثر من سواها.. بالإضافة إلى المشاكل الأخرى كالعقم وربما الوفاة في بعض الحالات سواء في العملية نفسها.. أو بانعكاساتها الجسدية والنفسية.. وكذا الاكتئاب المستمر”.

أرقام.. ووفيات

برغم توالي صدور القوانين في السودان ومنذ عام 1946 إلا أن الخفاض لم ينحسر كثيرًا على مدى زمني طويل يقترب من السبعين عامًا.

وتشير الإحصائيات إلى أن أعلى النسب للختان توجد في ولايتي نهر النيل بنسبة 83.3% والولاية الشمالية بنسبة 83.4%، ثم تتدرج هذه النسب في التدني في الولايات الأخرى، وتؤكد التقارير الرسمية حدوث وفيات نتيجة ممارسة هذه العادة.

وثمة معتقدات شعبية أن الختان يمنع الخيانة الزوجية أو يزيد من متعة الرجل، وكلها أمور ظلت في الخيال الجمعي دون أن تكون صحيحة، وهو ما يؤكده أخصائيون نفسيون اليوم من الأجيال الشابة.

ولاحظت منظمة اليونيسف بالسودان أن آخر المسوحات تشير إلى أنه رغم الانخفاض في الممارسة نتيجة ارتفاع الوعي، إلا أن المؤشرات لا تزال تفيد بأن نسبة الممارسة تصل إلى 69 بالمئة، وتلعب اليونيسف دورًا في إمكانية تعديل الوعي في هذا الإطار.

ويقدر الأطباء أن حالات الوفيات تصل من 10 إلى 30 بالمئة في بعض القرى السودانية، حيث لا تتواجد وسائل العلاج، وقد لاحظت الباحثة الأميركية لا يتفوت كلاين، في هذا الموضوع أن عدد النساء في السودان بات يقل، ربّما بسبب تلك الوفيّات.

ويشار لقصة مشهورة حصلت قبل عدة سنوات لطفلة تدعى أنعام عبدالوهاب، تبلغ من العمر أربع سنوات، كانت قد شغلت الرأي العام بعد أن ثبت أن سبب وفاتها يتعلق بالتهاب حاد نتيجة الختان.

آراء وتعليقات

وفي التعليقات على هذه العادة في فيديو “ونسة وفائدة” كتب حافظ مردس أن: “ختان النساء عادة سيئة للغاية يجب التخلص منها، وثانيًا يؤدي إلي عسر الولادة، وأن الله جميل ويحب الجمال، لا يمكن أن أصدق أنه خلق الأنثى وبها علة يجب إصلاحها بيد بشرية”.

فيما قال أبوعبيدة الريح: “نتمنى أن تنتهي هذه العادات الضارة”، وأكد ما ذهبت إليه أم سلمة من أن من يقوم بها “أو يصر عليها هم من (الحبوبات)”، كما توضح صورة شهيرة تم تداولها كثيرًا لامرأة كبيرة السن تحمل مقص الختان.

(العربية.نت)