خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
لم يعد يملك سوى “الضريح”..ومحبّة الناس.الضريح لا يصنع سياسة، والمحبّة لم تعد تكفي لصناعة وطن.يأتي ويذهب، تاركاً للجموع التائهة “شحنة عاطفيّة” لا تُجاري حاجات الواقع، وبالتالي لا ترسم صورة جليّة للمستقبل.ما تبقّى من الماضي الجميل غير بضعة مستفيدين، منهم من صار برتبة نائب في عباءة حريرية، ومنهم من تجاهلوا أصل القضيّة أو “القاتل”، بل باتوا يلاقونه، عن قصد أو دون قصد، في منتصف الطريق وخاصة الطريق الرئاسي، تحت مسمّيات عديدة:الإعتدال، الحوار، التوافق..أو الثأر من الأصدقاء/الأعداء الجدد المفترضين!
سعد الحريري في بيروت حدث وجداني مؤثّر، قد يستدرّ دمعة حارقة من هنا، أو استذكاراً بعيداً للشهيد الكبير من هناك.سعد الحريري، الذي نحبّ ونلتقي معه في محطّات 14 آذار، لم يعد “رئيساً”.كما لم يعد يمسك بيد الطائفة السنّية الى الصراط المستقيم.ما بعده من فراغ عميق، لا بدّ من ملئه بما يليق به، وبواقعة أنّ “القاتل” هو العدو الأصيل والثابت، عدوّ العائلة وعدوّ السيرة الحريرية وعدوّ البحث المتعثّر عن وطن سليم معافى.
من يريد أن تبقى الحريرية حيّة فينا، عليه أن يدرك بادئ ذي بدء أنّ فؤاد السنيورة ليس الخصم، ولا مصطفى علّوش ولا أشرف ريفي ولا سمير جعجع ولا سامي الجميّل، ولا كلّ هذا الرعيل من الشهداء الأحياء..وأنّ الوعد الذي قُطع ذات مناسبة سياسية، لرئيس محسوب على بشّار الأسد وحسن نصرالله، ليس وعداً مستمرّاً في كلّ ظرف وزمان.ومن يتّكئ، من نوّاب السنّة الجدد، على “وعد” الحريري لينفّذ ما في أجندة حزب الله إنّما لا ينتمي الى المدرسة التي علّمت وعمّرت وتقاطعت مع قرنة شهوان والبريستول وواقعة زيت الزيتون الشهيرة.من يفعل ذلك هو مجرّد “إنتهازي” صعد الى الشجرة في لحظة ضياع سياسي – إنتخابي، وراح يرمي بثمارها الى من لا يستحقّون!
سعد الحريري الذي عاد الى الضريح (وليس الى بيروت) لا يجوز العبث بإرثه السياسي، بلا هوادة.عودوا الى لحظة اغتيال الرئيس الكبير رفيق الحريري ورفاقه.عودوا الى لحظة 14 آذار المجيدة.عودوا الى التمييز بين القاتل والضحيّة حتّى تعودوا الى الوضوح، على حدّ قول الشهيد سمير قصير، ولو بشيء من التصرّف!