لا يتردّد رئيس تيار «المردة» النائب سليمان فرنجية في التأكيد أنه لم يكن ينتظر من العهد أكثر مما تحقق، وأنه يشكر ربّه على أنه حيث هو وليس في القصر الجمهوري. ويضيف متسائلاً: «ما الذي يميّز العهد اليوم عن السابق. لقد أسهبوا في الماضي في اتّهام جهات كثيرة بالصفقات، لنرى اليوم أموراً كثيرة تنقصها الشفافية. وما يجري في ملف الكهرباء يدفعني إلى التشكيك في أقربهم إليه من عائلته، ولا أستثني سواه. فأنا أرغب البقاء مقتنعاً بأنّه جيّد»!؟
بصراحته المعهودة استقبل فرنجية في مقر «المردة» في بنشعي اعضاء مجلس نقابة محرري الصحافة برئاسة النقيب الياس عون وفي حضور الوزير السّابق روني عريجي، وعضو المكتب السّياسي في «المردة» السّيدة فيرا يمين، ومسؤول الإعلام المحامي سليمان فرنجية، ومديرة موقع «المردة» الإلكتروني الزميلة حسنا سعادة.
بعد كلمة للنقيب عون شرح فيها الغاية من الزّيارة لـ”هذا الموقع الوطني” ورغبة النقابة في التواصل مع القيادات على اختلافها للوقوف على آرائها من مختلف المواضيع الوطنية».
ردّ فرنجية مرحّباً ومثنياً على هذه المهمة وعلى «دور النقابة الوطني والمهني المميز في مد أواصر العلاقات الوفاقية بين اللبنانيين في ظلّ ما يواجهنا من تحدّيات». وقال مستعرضاً التطورات الراهنة في بداية العهد الجديد: «كنتُ أودّ أن تكون الأوضاع أفضل في هذا العهد، لكن ما الذي يميّزه حتى الساعة عن العهد السابق؟
أفتّش فلا أرى أيّ فارق. قرارنا أن ندعم أيّ أمر إيجابي ولا نعارضه. نحن ممثلون في الحكومة وموجودون فيها ولكنّني لم أرَ أنّ الأوضاع على مستوى أمل الناس والوعود التي قطِعت. لقد اتَّهموا في السابق جهات كثيرة بالصفقات وعدم الشفافية لنرى اليوم قضايا كثيرة تنقصها الشفافية كما في الكهرباء مثلاً، وخصوصاً في ما يتعلق بالمناقصات والطريقة التي أُحيلت بموجبها الى إدارة المناقصات والتي تثير الشكوك. فما هو دورها؟ وهل في تسلّم العروض وفضّها فحسب، وإن صحَّ هذا فإنّه «يعني أنّ هناك مناقصة مدبّرة». ولفت الى انّه «وقبل ان تصل البواخر الى بحرنا لا تفاجأوا بمشروع إنتاج الطاقة على البر». كاشفاً عن خطة لبيع الدولة مولدات كهربائية تنتج 500 ميغاوات.
وقال فرنجية: «للدلالة الى انّ شيئاً لم يتغير، عليّ ان اكون منصفاً في حق الرئيس سعد الحريري فقد ابلغَني عام 2010 عندما طرحت عملية استقدام أولى البواخر لإنتاج الطاقة في لبنان انّها سترسو على سمير دوميط. ولمّا سألته لماذا؟ قال: «لإحراجي، وإن تمّت على هذه الطريقة لن امشيَ فيها». ولكن في النتيجة نالها دوميط.
واليوم العملية تكرّر نفسَها وهذه المناقصة كتلك. على كل حال انا لستُ ضد الخصخصة اذا كانت الأسعار بشروط الدولة وليست وفق شروط المستثمر». واستطرد قائلاً: «أنا في كلّ ما يجري أستثني الرئيس عون الذي لا علاقة له بكلّ ما يبتعد عن الشفافية، ولكن لا أستثني أحداً حتى من عائلته أو أقرب القريبين اليه وهلمّ جر.
وإذ قيل له: هل هناك كلمة لأحد دون عِلمه أو بإرادته؟ ردَّ فرنجية: «أُريد أن أبقى مقتنعاً بأنّ العماد عون جيّد». وأضاف: «لم ألاحظ انّ ما حصل معي عام 2010 قد تغيّر اليوم. فأنا لم أكن آمل في حصول اكثر ما حصل، ولذلك اشكر ربّي على انّني بقيتُ هنا ولم اكن انا رئيس الجمهورية. فمهما فعلنا كان سيقال «لو كان العماد عون هنا لَما حصل ما حصل»، فما تحقّق ما زال دون الآمال والتوقعات.
أمّا أنا ولأكونَ صريحاً لم أكن أنتظر اكثر مما حصل اليوم، هذا هو لبنان. كنت اتمنّى ان يتّخذ خطوة اقتصادية جريئة ويذهب الى تغيير الفكر القديم، فالنهضة الاقتصادية تكون بزيادة الدخل القومي وليس بزيادة الضريبة، بل بفتح البلد امام الاستثمارات».
ودعا فرنجية الى «سنّ قوانين عصرية لتسيير عجَلة الاقتصاد وفتح لبنان على الاستثمارات ووضع التشريعات اللازمة»، وقال: «كنت أتمنّى لو اتُخذت خطوة جريئة على المستوى الاقتصادي ترمي الى تغيير الذهنية وتؤدي الى زيادة الدخل القومي، لا الاكتفاء بالمعزوفة العامة «عصر النفقات ووقف الهدر»، وما تمّ القيام به حتى الساعة لم يغيّر شيئاً، فإذا كانوا لا يريدون إحداث تغيير حقيقي في البلاد، فلن يتغيّر شيء».
ورفض تعديل اتّفاق الطائف، وقال: إنّ العلّة ليست في الدستور، واذا اقتضَت الأوضاع وحتّمت إحداث أيّ تغيير على المستوى الدستوري فذلك سهل اذا تمّ بتوافق اللبنانيين، ولكن من دون توافق لا يجب إجراء ايّ تعديل».
وردّاً على سؤال، قال فرنجية: «إنّ رئيس الجمهورية لا يدعوني بل يستدعيني، وهذا أكرّره ونحن موجودون على الساحة اللبنانية وكيف يتعاطى معنا الآخر نتعاطى معه، وقد حاولوا إلغاءَنا ونحن جاهزون لكلّ شيء، نهادن من يهادننا، ونواجه من يواجهنا، ونحارب من يحاربنا، وأنا طرحي وطنيّ ومنفتح ولا أتلطّى وراء طائفتي كالبعض عندما يتمّ حشرُه، ولا أسير في المزايدات، فالشؤون الحياتية هي الأساس، وعلينا إعادة بناء الطبقة الوسطى التي انهارت والتي كانت الأساس في نهضة لبنان».
وحول إمكان حصول لقاء مصارحة بينه وبين رئيس الجمهورية لإعادة المياه الى مجاريها، قال فرنجية: «أنا في مسيرتي السياسية كنت ايجابياً ولكن لا أستطيع أن أكون كذلك إيجابيا مع من يكون سلبياً معي» .
وأوضَح «أنّ كلّ من يعتقدون أنّني مشروع رئيس جمهورية في المستقبل يعمدون الى محاربتي، فيجب إزالة هذا الهاجس حتى لا تعود هناك مشكلة»، لافتاً الى «أنّ كلّ ما قاله «التيار الوطني الحر» فعلَ عكسَه على الارض، شنّوا «حرب التحرير» على سوريا فصارت حليفتهم، وكانت «القوات اللبنانية» اكبر مشكلة فصاروا حلفاء، وبعد «الإبراء المستحيل» صار الرئيس الحريري افضل زلمي في العالم». ولذلك المطلوب دائماً التواضع في الخطاب».
وحول الأوضاع الأمنية دعا فرنجية الى «وضع حدّ للفلتان الأمني الحاصل»، مشيراً الى «أنّ على اللبنانيين التوحد حول موضوع النزوح السوري، مذكّراً بخلاف اللبنانيين سابقاً حول موضوع المقاومة الفلسطينية، «فهذا الخلاف كلّف الوطن كثيراً من المآسي، واذا اختلفنا حول موضوع النزوح فهذا يعني أنه سيكون هناك مليون ونصف مليون مواطن وليس نازحاً، وهنا المشكلة، ونحن قادرون على ايجاد حلّ اذا اتفقنا، شئنا أم أبينا، فإنّ الدولة السورية معنية واذا لم نتحدث معها في هذا الموضوع قد تقول أنا لن اتعاونَ ولن أسمح بعودتهم، ما يعني تثبيتَ المشكلة على أرضنا».
وحضَّ فرنجية على «التصرّف بمسؤولية حيال هذا الموضوع» مشيراً الى «أنّ الأمم المتحدة تريد تأمين مصالح الغرب وأنّ اوروبا لا تريد استقبال النازحين عندها وتريدهم معزّزين مكرّمين حيثما هم ومصلحتُنا لا تتلاقى مع مصالح الدول الغربية، وخصوصاً أوروبا، ويجب معالجة الامور، ولا اقول الغرب لا تهمّه مصلحة لبنان، بل تهمه مصلحته قبلنا، ومصلحتنا لا تتوافق مع مصلحة الدول الاوروبية التي تخاف من ذهاب اللاجئين اليها».
وردّاً على سؤال عمّن يعيد النازحين الى سوريا؟ اجاب: «إنّ هذه مسؤوليتنا، وعلينا التفتيش عن الوسيلة التي تؤمن ذلك، وإلّا يتحول ابقاؤهم في لبنان على طريقة لا حول ولا قوة، فإذا حصل استقرار في سوريا ولم يعد هذا النازح فهل يصبح مواطناً اجنبياً أو لاجئاً على ارضنا؟ انا ارى من الآن الى فترة قريبة استقراراً في سوريا بحيث يصبح في امكانهم العودة، ولكن ما هي الخطة التي وضعناها من اجلِ ذلك؟
لم تكن هناك خطة للنزوح ولا للعودة. بعض المسؤولين سهّل عملية الدخول وفي اعتبارهم انّ النظام السوري سيسقط بعد ثلاثة اشهر واعدين أنفسَهم بأن تفسَّر مبادرتهم إيجابا وبالتالي يصبحون أبطالاً إنسانيين».
و أكّد أنّه «لا بدّ من الكلام مع سوريا وأن يكون التعاطي من حكومة الى حكومة، ومن دولة الى دولة، ولا أقول إنّ الأمم المتحدة ليست الجهة الصحيحة للحوار معها، لكن مصالحها تتضارب مع مصالحنا».
وشكا فرنجية من «عدم وجود إحصاء حقيقي عبر ملف مدروس لأعداد النازحين ولأوضاعهم الإجتماعية والإنسانية، وأنّ أحدًا لا يعرف من هو النازح الموالي أو المعارض او الذي دخل خلسةً ومن يملك أوراقاً ثبوتية ومن لا يملك».
وقال: «علامَ اتّفق نادر الحريري وجبران باسيل حول هذا الموضوع؟ قيل لي انّ اتفاقاً واضحاً توصّلا إليه. انا عندما كنت مرشّحاً للرئاسة اجتمعت بالرئيس الحريري وأثيرَ معي هذا الأمر وقلتُ إنّني على موقفي من العلاقة مع سوريا إنّما لنضع المواضيع الخلافية جانباً».
وأضاف: «كان الله في عون اللواء عباس ابراهيم إن كُلِّف مهمّة الاتصال بسوريا لأنّها لن تكون سهلة، وفي رأيي إنْ لم يتوافر الإجماع على هذه المهمة فلن تكون سهلة، او على الاقل، قد يتبرّأ احدهم من نتائجها، ولذلك يجب التعاطي مع هذا الملف بمسؤولية وطنية».
وعن «داعش» قال فرنجية: «سقط مشروعها، ولو نجح هذا المشروع لكان سقط لبنان وكانت تغيّرَت صورته الى الأبد، «داعش» قطوع مرّ علينا، وزال عنّا خطر وجودي كان قد قضى علينا الى الأبد لو كسبَ الرهان داعش، وهنا في لبنان زال الخطر الوجودي والآن في سوريا والعراق يندحر «داعش»، ولكن هل إنّ مسيحيي هذين البلدين سيعودون الى بلادهم؟
أرى أنّ ذلك كثير الصعوبة، فالمسيحي الذي يذهب الى اوروبا او اميركا نادراً ما يعود، وفي أيّ حال تمّت حماية لبنان بفضل ثبات محور المقاومة، وحميَت معه كلّ المذاهب الدينية». وأضاف: «بعد هذا الانتصار نحن قادمون على مرحلة جيّدة في المنطقة، فهل سنعرف الإفادة منها؟».
ورداً على سؤال حول تدخّل «حزب الله» في سوريا، قال فرنجية: «لم يندحر «داعش» الّا مع ذهاب «حزب الله» الى سوريا، وهو يقاتل من أجل مشروع أبعد مما نظنّ، فهذا قرار استراتيجي، ونحن مع هذا المحور وهو يدخل ضمن المنطقة.
المشروع الآخر أيضاً دولي وله رهاناته، وإنّ الذين يعيبون على الحزب تدخله في الحرب السورية إنّما ينطلقون ايضاً من رهانات خارجية على سقوط النظام السوري والحزب. وعندما يرى الحزب انّ وجوده غير ضروري سيغادر سوريا».
وعن آليات التعيينات الادارية، دعا فرنجية الى «إبقاء آلية التعيينات مفتوحة لتشمل من في الملاك وخارجه لأنّ هناك أيضاً كفايات عالية يحتاجها لبنان وموجودة خارج الملاك».
أمّا بالنسبة للانتخابات النيابية فقال فرنجية «إنّ القانون الانتخابي الجديد سيغيّر في البلد نوعاً ما، إنّما المشكلة ليست في القانون، بل في طريقة تطبيق النظام».
وأكّد أنّه بعدما أطاح سواه بالخطوط الحمر التي رسمها لنفسه في السياسة والتحالفات «فإنه ليس لدينا اليوم ايّ خطوط حمر، والأمور مفتوحة على كلّ الاحتمالات، إنّما مع الثبات في اقتناعاتنا السياسية التي لا نحيد عنها.
وحول إمكان انعقاد لقاء بينه وبين رئيس حزب «القوات اللبنانية» سمير جعجع، قال فرنجية: «لا شيء حتى الآن في الأفق».
وعن علاقته بالأمين العام لـ»حزب الله» السيد حسن نصر الله قال فرنجية: «ممتازة وعظيمة ولا تتغيّر».
(الجمهورية)