بشارة شربل :
لا يعني تزيين حسّان دياب حكومته بست نساء أن بالإمكان عرض صورتها التذكارية كي “يسخسِخ” قبالتها الشعب اللبناني. فالصانع الأصلي مدمنٌ على بضاعة مشوبة بالعيوب، وليس الناس سُذَّجاً ليتمكن المهندس التنفيذي من غِشهم بالديكور. حتى الإختصاصيون، وبعضهم جيّد، فيما بعضهم الآخر غير مطابق للمواصفات، لا يكملون المشهد المطلوب. أهدروا جزءاً من صدقيتهم على درب التأليف. تمَّ التلاعب بحقائبهم مرات ومرات بعدما وَرَدَت أسماؤهم معلّبة من محترفي الألاعيب وممارسة النفوذ. لذا يأتون تُبَّعاً مهيضي الجناح لا مستقلين يجهرون برأي حرّ وهمّهم مصلحة كل لبنان.
ولسائل لماذا لا تعطى حكومة دياب فرصة، فربما أفلحت في انتشال لبنان من الحفرة وأبلَت أفضل من حكومتي الحريري المرحومتين، الجواب بسيط: اللبنانيون يصارعون وحشين، الوقت والإنهيار، ولا يملكون رفاهية منح الحكومة الجديدة وقتاً مستقطعاً من مستقبلهم لمداعبة التنين. الانتفاضة الشعبية العارمة المستمرة منذ نحو 100 يوم لم تضحِّ بعلاء أبو فخر وحسين العطار وبعيون شبان ثائرين على امتهان الطبقة السياسية لكراماتهم وسرقتها جنى عمر أهلهم بالتواطؤ مع سلطة المصارف، لتخرج عليها السلطة نفسها بتركيبة هدفها الأصلي متابعة إنكار حصول ثورة شعبية وتأكيد الحضور الطاغي للأحزاب والقوى المرتكِبة التي أغرقت اللبنانيين بالديون والفساد منذ 30 عاماً.
لا شك في أن حسّان دياب يملك نوايا حسنة ويريد النجاح. فالفرصة أتته على طبق من تقاطعات يأس فريق “8 آذار” فيما كان مركوناً على رف السياسة. يحنُّ إليها عبر مشاركته “مشّائي” عين التينة في التقرّب من “صاحب” البرلمان، أو عبر “فلفشة” كتابه الشهير “يوميات وزير – شهادات وصور من الزمن الجميل”. وإذا لم يكن ضرورياً مجاراة المَثَل بأنّ “طريق جهنم مفروشة بالنوايا الطيبة”، فالواضح انّ حكومة يتقاسمها “حزب الله” وجبران باسيل، بواسطة المستشارين والموالين، تحتاج أكثر من أعجوبة لتمتنع عن تنفيذ أجندات جاهزة في الصفقات الداخلية وفي سياسات المحور الإقليمي، ويلزمها ألف صلاة لتنجز بعض ما يُفرح المواطنين المكتئبين.
لم يؤلف حسان دياب حكومة مستقلين ولا اختصاصيين بالمعنى الشامل والحقيقي. ولم يَعِد صراحة بانتخابات برلمانية، إذ ربطها بتعقيدات قانون إنتخابي جديد. ولا تحمَّس للسلطة القضائية المستقلة. كما انه لم يعطِ الانتفاضة شيئاً ملموساً لتبادله بفترة سماح تأخذ خلالها استراحة الرقيب. أما مراهنته على قبضة أمنية من حديد فستُمنى بالفشل لأن الشعب اللبناني الذي طرد نظام الوصاية الأصيل لن يقبل باستعادته بواسطة الوكيل.
تشكيلة حكومة دياب لم تبشِّر بالكثير، لكن فرصتها قائمة بالأمر الواقع. فإما أن تضيِّع فرصة اللبنانيين الثائرين في التغيير، وإما ان يأتي برنامجها وأفعالها بنتائج تستحق عندها شعار “حكومة الإنقاذ”… والوقت ضيّق على الجميع.