كتب ألان سركيس في “نداء الوطن “:
ينتظر الجميع خطوة رئيس الحكومة المكلّف نجيب ميقاتي المقبلة لمعرفة الإيجابيات التي تُروّج لإمكان تأليف حكومة قبل نهاية عهد الرئيس ميشال عون.
سواء تألفت حكومة جديدة أو لم تتألف، فإن عدم انتخاب رئيس جديد للجمهورية يعني أن الفراغ سيتحكّم بالبلاد، لأن تجربة حكومة الرئيس تمام سلام تعني أن كل وزير بات رئيس جمهورية لأن العرف بات يقول «في غياب الرئيس فإن أي قرار يحتاج إلى توقيع رئيس الحكومة وكل الوزراء من دون استثناء».
من هنا يستجمع ميقاتي كل أوراق قوته، وهو لا يريد أن يمنح عون ورقة بين يديه يستعملها في معاركه المقبلة، خصوصاً وأنه قد نبّه سابقاً الى أنه لن يسلّم البلاد لحكومة تصريف أعمال.
وينشط الثلاثي المتمثّل بميقاتي والرئيس نبيه برّي و»حزب الله» من أجل تسهيل الولادة الحكومية، لأن «الحزب» لا يتحمّل مغامرة بقاء عون في بعبدا، فهو من جهة لا يستطيع التخلي عنه، ومن جهة ثانية غير قادر على تغطية خطوته الإنقلابية لأنها سترتدّ بالطبع عليه.
وتحاول السلطة استغلال حكومة نهاية عهد عون من أجل تكريس عودتها الواسعة إلى الحكم، فقد مرّ قطوع 17 تشرين والإنتخابات من بعده، والتقطت السلطة أنفاسها، لذلك تحاول تكريس هذا الإنتصار في أروقة الحكومة الجديدة.
من هنا، فإن محاولة تطعيم الحكومة بسياسيين تأتي في هذا السياق، خصوصاً وأن الوزراء السياسيين أبعدوا عن الجنّة الحكومية منذ حكومة الرئيس حسان دياب، ودخل مستشاروهم بدلاً منهم وبقي الوضع على حاله.
وفي السياق، فإن ميقاتي يحاول القيام بكل الخطوات من أجل عدم بقاء حكومة تصريف أعمال إذا ما دخلت البلاد مرحلة الفراغ الرئاسي، في حين أن الرئيس ميشال عون يبذل كل الجهود من أجل تحسين وضع صهره رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل في آخر أيام عهده، فالجميع يعلم أن حضور باسيل سيتراجع ولن يعود بإمكانه الإتكال على عضلات رئيس الجمهورية، كما أن «حزب الله» لا يستطيع أن يمنحه كل ما يريد بعد مغادرة عون القصر الجمهوري.
وإذا كان التأليف ضرورياً، فإن هذه الضرورة كان يجب أن تتكرس منذ انتهاء موعد الإنتخابات النيابية وعدم انتظار الأيام الأخيرة من إنتهاء العهد، فالبعض يرى أن الإستقتال على التأليف هو بسبب معرفة الجميع أن الفراغ الرئاسي قادم.
لكن هناك نظرة سائدة بأن التأليف لا يعني الفراغ الرئاسي، فالرئاسة مرتبطة بشكل كبير بالتوافقات الإقليمية والدولية، وهذه التوافقات ممكن أن تحصل في أي لحظة، سواء كانت هناك حكومة حقيقية أو حكومة تصريف أعمال.
ويأتي الضغط الدولي كعامل مساعد وضاغط في مرحلة إنتخاب الرئيس، إذ إن الأيام الأخيرة من عمر العهد ستكون حاسمة وعندها يلعب العامل الخارجي لعبته، خصوصاً وأن الدفع هو باتجاه الإنتخاب وليس لتكريس الفراغ القاتل.