شيءٌ ما فتح آفاق المنطقة المقفلة من تسوية ادلب الى معابر نصيب والقنيطرة وقريبا البوكمال في سورية، الى زيارة النائب طلال ارسلان الى بيت الوسط وزيارة رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط الى قصر بعبدا وصولا الى لقاء الحسم الحكومي بين الرئيس ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف سعد الحريري.
مصدر الترياق الكابح لسموم الحالة اللبنانية المعقدة، متعدد الاحتمالات، بعضهم يقول انه الضغط الفرنسي تعجيلا بتشكيل الحكومة ضنا بمقررات مؤتمر «سيدر» المشروطة باصلاحات، والبعض الآخر يؤشر على العقوبات الاميركية على ايران معها حزب الله الذي صنفته الادارة الاميركية بين خمس جماعات للجريمة العابرة للحدود التي تسمح للولايات المتحدة بملاحقتهم حتى في الدول التي تعتبر الحزب منظمة ارهابية.
اللقاءات الليلية التي شهدها بيت الوسط مهدت للقاءات النهارية في بعبدا، ابرز تلك اللقاءات كان بين الرئيس المكلف سعد الحريري ورئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل ثم لقاء الحريري مع احد طرفي العقدة الدرزية النائب طلال ارسلان والذي مهد للقاء الرئيس عون مع وليد جنبلاط، بعد زيارة مماثلة قام بها ارسلان، وسبقته دعوة الوزير جبران باسيل مناصري التيار الحر الى وقف حربهم الالكترونية ضد القوات اللبنانية.
وتمحورت هذه اللقاءات حول كيفية ازالة الاختلافات الحزبية حول بعض الحقائب الوزارية الثلاث وهي وزارة الاشغال العامة والنقل والتربية الوطنية والعدل، القوات اللبنانية تطالب بوزارة العدل التي يتمسك بها الرئيس عون للوزير سليم جريصاتي، والتقدمي الاشتراكي يطالب بالتربية بدلا من الصحة التي تستمر المساعي لابعادها عن حزب الله تحسبا للعقوبات الاميركية، اما الاشغال العامة فيتمسك بها تيار المردة طارحا مقايضتها بوزارة الطاقة التي تعد قدس اقداس التيار الوطني الحر، ولاحقا تردد ان القوات وافقت على نيابة رئيس الحكومة وعلى وزير دولة فضلا عن وزارة الشؤون الاجتماعية والتربية والثقافة، وتردد ان القوات عرضت الاحتفاظ بوزارة الصحة والتخلي عن وزارة التربية.
وقد بشر رئيس الحكومة المكلف في افتتاح مؤتمر «صيف الابتكار» قائلا: لقد اقتربنا جدا من تشكيل الحكومة بخلاف رئيس الحكومة السابق فؤاد السنيورة الذي قال بعد اجتماعه ورؤساء الحكومة السابقين، وهو منهم الى جانب تمام سلام ونجيب ميقاتي: ان الحكومة ليست قريبة، وقال ان جوهر المشكلة هو: هل ستكون الحكومة المقبلة متضامنة ومنسجمة مع حالها اذا ما استمرت المناكفات بين القوى السياسية؟ مذكرا بأنه في 30 الجاري تحل ذكرى انتخاب رئيس الجمهورية «ولا ادري ماذا سيقول اذا سئل عن اسباب عدم وجود حكومة».
ووسط هذا الابتهاج بقرب ولادة الحكومة، ابلغت مصادر مطلعة «الأنباء» انه حتى لو تشكلت الحكومة اليوم او غدا او في نهاية الاسبوع فذلك لم يعد يمثل علامة على بداية نهاية الازمة التي باتت مثل سلسلة حلقات متصلة، لا ندري اين طرفاها، في ظل المتاهة التي تغرق المنطقة العربية فيها.
فبعد تشكيل الحكومة هناك البيان الوزاري الذي عليه تحديد جدول اعمالها للمرحلة المقبلة، وعليه ايضا ان يحظى بثقة مجلس النواب، او ان يحل محل الحكومة الراهنة في تصريف الاعمال بانتظار استشارات نيابية جديدة ملزمة وتكليف جديد الى ما هنالك من حلقات السلسلة التي ليس لها بداية ولا نهاية.
البيان الوزاري سيشكل العقدة بعد تأليف الحكومة، وأعقد ما فيها البرنامج الاصلاحي الذي اشترطته دول مؤتمر «سيدر» الذي انعقد في باريس لقاء تأمين 11 مليار دولار ونيف كقروض ميسرة للبنان، وأصعب ما في هذا البرنامج إلزامه لبنان بتطبيق قرار مجلس الامن رقم 1559 الصادر عام 2004 والذي ينص على بسط سلطة الدولة ونزع اسلحة الميليشيات وعلى رأسها حزب الله الذي هو شريك في الحكومة بل الراعي لكينونتها في الوقت الحاضر.
(الأنباء الكويتية)