ألان سركيس- نداء الوطن
مرّت جلسة إنتخاب رئيس جديد للجمهورية بهدوء، ولم تحصل أيّ من المفاجآت الكبيرة وغير المتوقعة، وانتقل البحث إلى المرحلة الثانية وربما تكون الحاسمة.
يبدو أنه كان هناك قرار متّخذ من قِبل الجميع بضبط إيقاع اللعبة، فالرهان على تحقيق خرق من الجلسة الأولى لم يكن كبيراً لأن أحداً من أفرقاء الصراع لا يملك 86 صوتاً، وبالتالي فقد كانت النتيجة وفق ما ظهرت بالأمس، حيث نال مرشح القوى السيادية النائب ميشال معوض 36 صوتاً مقابل 63 ورقة بيضاء و11 صوتاً لمرشح قوى التغيير سليم إده و12 ورقة ملغاة.
إذاً، كان التوازن سيد اللعبة، فمن جهة لم تستطع المعارضة فرض مرشحها ولم تتّحد وغرّد نواب التغيير خارج السرب وانتخبوا إده غير المعروف عند أغلبية الشعب اللبناني والثوار وكسروا وحدة المعارضة، ولم يستطع «حزب الله» وحلفاؤه حسم المعركة من الجلسة الأولى وخطف الرئاسة الأولى وبقي الصراع قائماً بين حلفائه المسيحيين ووحّدهم باستعمال الورقة البيضاء.
هذا في الشكل، أما في المضمون، فإن كلّ فريق سينصرف إلى «شدشدة» صفوفه، فـ»حزب الله» اللاعب الإقليمي سيبقى منتظراً جلاء الصورة الإقليمية وما سيجري على خطّ المفاوضات الأميركية – الإيرانية، في حين أن المعارضة ستقوم بالمزيد من المساعي ليس فقط من أجل توحيد صفوفها والاتفاق على مرشح واحد بل من أجل عدم السماح لـ»حزب الله» بخرق صفوفها وتكرار تجربة إنتخاب رئيس مجلس النواب ونائبه مع أن تجربة التغييريين لا تشجّع.
وفي السياق، فإن نشاط «حزب الله» سيتركّز بعد جلسة الأمس على جمع حلفائه وعلى رأسهم رئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل والمرشح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية، فباسيل بات ممرّاً إلزامياً لـ»الحزب» الذي لا يستطيع تخطي أكبر كتلة مسيحية حليفة له وثاني أكبر كتلة في البرلمان كرمى لعيون فرنجية، وبالتالي فإن الساعات والأيام المقبلة ستشهد حركة مكوكية على هذه الضفة.
أما بالنسبة إلى المعارضة المتنوّعة، فخطر خرقها بـ»المفرق» كبير جداً، وهناك نواب قد يبرمون إتفاقات من تحت الطاولة مع «حزب الله» على اعتباره القوة الأكثر تماسكاً، في حين أن الخوف الأساسي يبقى من إبرام رئيس الحزب «التقدمي الإشتراكي» وليد جنبلاط وقدامى «المستقبل» صفقة مع «حزب الله» تكون نتيجتها فقدان المعارضة الأكثرية وربما الثلث المعطل وتتيح لـ»حزب الله» الإتيان بفرنجية رئيساً، ولا يكفي إذا سار جنبلاط بمرشح المعارضة في الدورة الأولى. وبالإجمال، فإنه لم يحصل في جلسة الإنتخاب أكثر مما كان متوقعاً، لذلك ستبادر كل كتلة إلى دراسة موقفها واتخاذ القرار من ضمن الهامش «المُلبنن» من الإستحقاق الرئاسي لأن الشق الخارجي يبقى الأهم.
ومن جهة أخرى، فإن الدول الفاعلة في الملف اللبناني راقبت جلسة إنتخاب الرئيس وهي تصرّ على عدم الوقوع في الفراغ الرئاسي لكنها لا تريد أن يبقى لبنان والرئاسة رهينة «حزب الله»، لذلك فإن جولة جديدة من مناقشات السفارات ستنشط في الأيام المقبلة من أجل قراءة المشهد وإسقاطه إنطلاقاً من الواقع الإقليمي والدولي.
لم يستطع المجلس النيابي إنتخاب الرئيس، لكن الأمل بحصول الإنتخاب قبل انتهاء ولاية الرئيس ميشال عون لا يزال موجوداً، خصوصاً أن الوضع الداخلي ضاغط بشكل كبير كما أن الدول الكبرى لن تترك لبنان يقع في المحظور.