جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / عون: ساعة الحساب مع الفساد حانت…
5b33846abfbe6_ESCWA3

عون: ساعة الحساب مع الفساد حانت…

اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان “التقاء ممثلين لدول اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (“الاسكوا”)، ونخبة من كبار المسؤولين والأكاديميين والمختصين في بيروت، من اجل تنمية مستدامة وشاملة للوطن العربي، تأتي في وقت تتضافر قوى الشر لكي تمزق بلداننا العربية، وتخير نسبة كبيرة من مواطنيها بين الموت أو حياة البؤس في مخيمات النزوح”.

وقال: “اننا في لبنان نعيش تحديات مشابهة تماما لتحديات التنمية المستدامة، من حيث ضرورة معالجة مشاكل الحاضر والاستعداد لمتطلبات المستقبل. فنحن مصممون على مجابهة الأزمات المتراكمة التي بدأت بالظهور قبل نصف قرن واستمرت سنوات وعقودا”، فانعكست في الهوة المزمنة بين إيرادات الدولة ونفقاتها وتنامي الدين العام بشكل ينوء تحته الاقتصاد الوطني”، معتبرا ان “لا شيء ينقص لبنان لكي يحقق أفضل النتائج الاقتصادية مقارنة باقتصادات المنطقة، وكذلك اقتصادات الدول الناشئة”.

واكد “ان ساعة الحساب مع الفساد قد حانت، فلا تهاون مع تحقيق المكاسب غير المشروعة من طريق مخالفة القواعد الأخلاقية والقوانين والتعدي على حقوق الدولة”.

وشدد على الحرص على “إيجاد الحلول الضرورية لازمة النازحين، آملين من المجتمعين العربي والدولي مساعدتنا على تحقيق هذا الهدف، ومساعدة النازحين على العودة إلى ديارهم في أقرب وقت”.

مواقف الرئيس عون اتت خلال افتتاحه الدورة الوزارية الثلاثين للاسكوا التي انعقدت، قبل ظهر اليوم في مقر “الاسكوا” في بيروت، وتستمر أعمالها يومين بعنوان “التكنولوجيا من اجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية واستحداث فرص العمل اللائق وتمكين الشباب في البلدان العربية”، في حضور وزير الخارجية والمغتربين في حكومة تصريف الاعمال جبران باسيل، الامين العام لجامعة الدول العربية احمد ابو الغيط، وكيل الامين العام للامم المتحدة والامين التنفيذي للاسكوا الدكتور محمد علي الحكيم، وممثلي وفود الدول المنضوية في “الاسكوا” وسفراء دول عربية واجنبية.

أبو ضرغم
بعد وصول الرئيس عون إلى قاعة الاجتماعات في “الاسكوا”، بدأ الافتتاح بالنشيد الوطني ونشيد “الاسكوا” عزفتهما موسيقى قوى الامن الداخلي برئاسة المقدم انطوان طعمة، ثم رفع شبان وشابات من جمعية الكشاف اللبناني اعلام دول “الاسكوا”.

ثم استهلت الجلسة الافتتاحية بكلمة للمسؤول الاعلامي في “الاسكوا” نبيل ابو ضرغم، قال فيها: “فخامة الرئيس، اليوم دخلتم مقر الاسكوا، للمرة الاولى، فاستقبلكم اهلها بشغف كبير تحية لنضالكم في سنوات صعاب تمسكتم خلالها بميثاق الامم المتحدة وبالاعلان العالمي لحقوق الانسان وبفكرة الامم المتحدة فغدوتم الملهم الاكبر لفكرة المواطن الاممي الذي يحلم بمستقبل يسوده السلام للانسانية جمعاء، وغدوتم الصوت الاعلى الذي يذكر اللبنانيين والعالم بدور لبنان التاريخي في وضع ميثاق الامم المتحدة والاعلان العالمي لحقوق الانسان”.

وأضاف: “فخامة الرئيس، تزورون مقر “الاسكوا” اليوم وتتزامن مع زيارتكم عودة الدورة الوزارية بعدما تغربت عن دولة المقر لفترتين متتاليتين. قرار اتخذه معالي الدكتور محمد علي الحكيم، وكيل الامين العام للامم المتحدة والامين التنفيذي للاسكوا، باستعادة مؤتمراتها الى بيروت لان هذه المدينة، على حد تعبيره، هي الحاضنة الفكرية والثقافية المثلى التي تتفاعل فيها “الاسكوا” مع نفسها ومع العالم العربي والعالم.
فأهلا وسهلا بكم، فخامة الرئيس، واهلا وسهلا بضيوفنا الكرام، لقد دخلتم هذا المكان فزادت في ظل وهجكم المكانة”.

الحمادي
والقى كلمة دولة قطر التي ترأست الدورة التاسعة والعشرين الامين العام لوزارة خارجيتها الدكتور احمد بن حسن الحمادي قال فيها:
“يطيب لي ان اتوجه بالشكر الجزيل الى جمهورية لبنان الشقيقة على استضافتها لنا في اجتماعات الدورة الوزارية (30) للاسكوا ولجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا (“الاسكوا”) لقيامها بتنظيم هذا الملتقى المهم وترتيبه، وعلى الدعوة الكريمة الى الحضور والمشاركة فيه. يطيب لي ان اتقدم بالشكر والتقدير الى سعادة الدكتور محمد على الحكيم وكيل الامين العام للامم المتحدة، الامين التنفيذي للاسكوا على الجهود التي يبذلها لتطوير مجالات عمل “الاسكوا” للنهوض بالمنطقة”.

وأضاف: “ان عالمنا اليوم وخصوصا منطقتنا العربية تمر بمرحلة بالغة الخطورة والتعقيد، من حيث التحديات الكبرى والقضايا الملحة التي تتجسد في معاناة الشعوب، وتمثل هاجسا مستمرا للحكام والمسؤولين، وتتمثل هذه التحديات والقضايا في الحروب والنزاعات، والنزوح والهجرات والازمات المفتعلة والتقلبات الاقتصادية، وغيرها من مهددات الامن والسلم الدوليين، والتي تؤثر سلبا على الجهود الاقليمية والعالمية المبذولة من اجل تنفيذ الاهداف العالمية للتنمية المستدامة 2030. ومن اجل ذلك، فقد اصبح من اوجب واجباتنا مباشرة بذل المزيد من الجهود والموارد للتغلب على هذه التحديات الكبرى وتجاوزها. ولا ريب ان ذلك لن يتم على اكمل الصور الا بالعمل المشترك، والتعاون والمؤازرة والتعاضد الاقليمي والدولي، وخصوصا في منطقة الشرق الاوسط والمنطقة العربية وهو ما اكده اعلان الدوحة الصادر في ختام اعمال الدورة الوزارية الـ29 للاسكوا التي انعقدت في الدوحة كانون الاول 2016”.

ان من الدروس المستفادة من تاريخ العمل الانمائي ان تلبية متطلبات تنفيذ خطة التنمية المستدامة للعام 2030 لن يتم على اكمل وجه من دون الارتكاز على شراكات عالمية لايجاد البيئة الدولية والاقليمية المواتية للتنمية، مع مراعاة اختلاف قدرات البلدان ومستويات التنمية فيها، واحترام السياسات والاولويات والملكيات الوطنية. وتحقيقا لذلك، فقد ركزت استراتيجية التنمية الوطنية لدولة قطر للفترة 2018 -2022، على اهمية قطاع التعاون الدولي، في تعزيز دور قطر الاقليمي اقتصاديا وسياسيا وثقافيا للمساهمة في تحقيق الامن والسلم العالميين من خلال مبادرات سياسية ومعونات تنموية وانسانية. ولقد اسفدنا كثيرا من خبرات “الاسكوا” ومرئياتهم الفنية، في مرحلة الاعداد لهذه الاستراتيجية والتي أطلقت في شهر آذار المنصرم.

لذا فان تحقيق تنمية اقتصادية واجتماعية شاملة ومستدامة يتطلب حشد الوسائل اللازمة والعمل على تعزيز تعاون دولي فعال بخلق شراكات حقيقية، كما حددهاالهدف الانمائي السابع عشر تستند الى روح التضامن العالمي والاقليمي والى اشراك الحكومات الوطنية ومنظمات المجتمع المدني وافراد المجتمع مع ضرورة الاحترام الكامل لحقوق الانسان”.

وتابع: “في عصرنا الحاضر، الذي تحدد فيه التكنولوجيات القدرات التنافسية وتؤدي دورا مهما في التنمية المستدامة، يمكننا تسخير الامكانات الهائلة التي توفرها تقنية المعلومات من اجل تحقيق تنمية مستدامة اقتصادية واجتماعية وبيئية، ويكون ذلك بالتركيز على انشطة البحث والتطوير لتعزيز تكنولوجيا المواد الجديدة، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات والتكنولوجيات الحيوية واعتماد الاليات التكنولوجية القابلة للاستدامة. ويمكن تحسين اداء المؤسسات الخاصة من خلال مدخلات معينة مستندة الى التكنولوجيات الحديثة، فضلا عن استحداث انماط مؤسسية جديدة تشمل مدنا وحاضنات للتكنولوجيا.

ايضا يمكننا استخدام التكنولوجيا في تعزيز بناء القدرات في العلوم والتكنولوجيا والابتكار، بهدف تحقيق اهداف التنمية المستدامة في الاقتصاد القائم على المعرفة ولا سيما ان بناء القدرات هو الوسيلة الوحيدة لتعزيز التنافسية وزيادة النمو الاقتصادي وتوليد فرص عمل جديدة وتقليص معدلات الفقر. ويمكن وضع الخطط والبرامج التي تهدف الى تحويل المجتمع الى مجتمع معلوماتي، بحيث يتم ادماج التكنولوجيات الجديدة في خطط واستراتيجيات التنمية الاجتماعية والاقتصادية واعداد سياسات وطنية للابتكار واستراتيجيات جديدة للتكنولوجيا مع التركيز على تكنولوجيا المعلومات والاتصالات لتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة، وذلك يتطلب تشجيع الابتكار وتبادل افضل الممارسات والحلول الانمائية الناجحة والمختبرة، وابتداع الآليات المناسبة للرصد والمتابعة والتقويم اثناء التنفيذ بما يقلل التكاليف ويضمن الوصول الى النتائج المرجوة”.

وقال: “اننا في دولة قطر نولي اهتماما كبيرا للتنمية الوطنية والاستقرار الاقليمي والوئام العالمي بحيث يولي سمو الامير اهتماما خاصا بتحقيق مرتكزات رؤية قطر الوطنية 2030، من التنمية الاقتصادية التنمية الاجتماعية والتنمية البشرية والتنمية البيئية، والتي حرصنا ان تتماشى مع الاهداف العالمية المخططة. كما اننا نسهم، الى حد كبير، في التنمية الدولية وفي التخفيف من وطأة الحروب والنزاعات على المتأثرين بها، وذلك بالمساعدات الانسانية وبالمشاريع الانمائية في كثير من مناطق النزاعات والاحتلال.

ان دولة قطر تؤمن ايمانا عميقا بأن الحق في التنمية هو من الحقوق الاساسية للانسان وان تكافؤ الفرص في التنمية هو احد دعامات الحكم الرشيد وهو السبيل الامثل لبناء مجتمعات السليمة، المسالمة والمتكاملة التي تمثل الوسيلة لحماية الشباب من آفة التطرف والعنف والارهاب. فالمجتمع السليم والفرد السعيد هما الغاية من كل سعي في سبيل الانماء والازدهار المستدام”.

وأضاف: “خلال فترة رئاستنا للدورة (29) للاسكوا، للعامين المنصرمين، انعقدت العديد من ورش العمل العمل والفعاليات الفنية المتخصصة في مجالات التنمية المستدامة والاقتصاد والتجارة، والطاقة والمياه، والمرأة وغيرها بحيث تم:

– التركيز على تنفيذ اجندة 2030 بداية من تبني الاعلان الوزاري في الدوحة والذي يضع خطوات عملية لطريقة مقاربة تنفيذ الاجندة على المستويين الوطني والاقليمي، وصولا الى انشاء وحدة لدعم الدول العربية في تنفذ الاجندة في الامانة التنفيذية.

– الاهتمام بقضايا الفقر متعدد الابعاد واصدار اول تقرير عربي يعتمد على هذا المفهوم الاوسع للفقر، اعتمده مجلس وزراء الشؤون الاجتماعية العرب .

– تبني خطة العمل الاقليمية الخاصة بدعم اجهزة الاحصاء العربية لتنفيذ اجندة 2030.

– ايلاء اهتمام خاص بقضايا تمويل التنمية باعتبارها المحك الاساسي لتنفيذ اجندة 2030، من خلال الدراسات الفنية وكذلك التدريب.

– التنويه بالدور المهم للجان الاقليمية للامم المتحدة في تنفيذ اجندة 2030، والى ان الاصلاحات المطروحة للامم المتحدة يجب ان تأخذ في الحسبان اهمية تعزيز هذا الدور”.

الراجحي
ثم كانت كلمة للجمهورية التونسية الدولة التي تترأس الدورة الثلاثين القاها الوزير لدى رئيس الحكومة التونسية لمتابعة الاصلاحات توفيق الراجحي، واستهلها بالقول:
“أود أن أعرب عن شكري وامتناني لحكومة الجمهورية اللبنانية الشقيقة على استضافتها للدورة الثلاثين للجنة الامم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الإسكوا”، وعلى حفاوة الاستقبال وكرم الضيافة.
ويسعدني أيضا أن أتقدم بعبارات الشكر الى دولة قطر الشقيقة على رئاستها للجنة خلال السنتين الماضيتين، وأن أنوه بالمجهودات التي بذلتها من أجل تعزيز عمل اللجنة.
ولا يفوتني أن أشكر كل الدول الأعضاء على اختيارهم بلادي لترؤس أشغال هذه الدورة، وأن أؤكد لكم حرصنا على إنجاح أعمالنا والمساهمة في مزيد تعزيز أنشطة اللجنة، معولين في ذلك على تعاونكم ومساندتكم للرئاسة التونسية طوال السنتين المقبلتين.
وأود ان انتهز هذه الفرصة لأجدد للدكتور محمد علي الحكيم تهانينا الحارة له في مناسبة تعيينه على رأس اللجنة وتمنياتنا له بالنجاح والتوفيق، وأن نعرب له عن تقديرنا لجهوده ومساعيه لتعزيز دور الإسكوا في دفع التعاون والاندماج في منطقتنا العربية. والشكر موصول لأعضاء الأمانة على الإعداد الجيد لهذه الدورة”.

وأضاف: “تنعقد دورتنا هذه السنة تحت محور “التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية”. وهي تلتئم في ظروف صعبة جدا تمر بها منطقتنا العربية، بما يحتم علينا التركيز على القواسم المشتركة بين بلداننا وتحديد خطوات عملية تمكننا من رفع التحديات التنموية ومزيد التعاون والتآزر لمواجهة التحولات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية العميقة في منطقتنا العربية وفي العالم.
ولا شك أن الثورة التكنولوجية الحالية، أو ما يسمى بالثورة الصناعية الرابعة، يمكنها، إذا ما حسن استخدامها، أن توفر لنا الحلول للتحديات الكبيرة التي نواجهها والإستجابة لأولويات منطقتنا ولا سيما إتاحة فرص إنمائية غير مسبوقة وايجاد مواطن الشغل وتدعيم الحوكمة الرشيدة وتحسين إنتاجية الإقتصادات الوطنية والتصرف المستدام في الموارد الطبيعية، ومن ثمة تحويل الإقتصادات العربية الإستهلاكية إلى اقتصادات إنتاجية ذات دور فاعل في سلاسل القيمة العالمية.

ونحن على يقين أن قدرة البلدان العربية على تحقيق التنمية المستدامة مرتبطة إلى حد كبير بقدرتها على تطوير التكنولوجيات الواعدة ونقلها وتكييفها والتحكم فيها وإدارتها من أجل زيادة إنتاجية القطاعات المختلفة”.

وأضاف: “إن تونس التي نجحت في الانتقال الديموقراطي وتكريس الدولة المدنية الحديثة، تسعى الى استجابة لتطلعات شعبها في التنمية الإجتماعية والإقتصادية العادلة والمستدامة. وهي تؤمن في ذلك بدور الإقتصاد الرقمي والتكنولوجيا في رفع التحديات الإقتصادية والإجتماعية وبناء مجتمع المعرفة.
لذلك تعمل الحكومة التونسية على إرساء مجتمع جديد قوامه تكنولوجيات الاتصال والاقتصاد الرقمي ويشمل كل الفئات والجهات ويضمن حق المواطن في التواصل عبر شبكات المعلومات وحقه في الخلق والإبداع من خلال تمكينه من التعلم والمعرفة الحديثة وحثه على الأنشطة ذات المحتوى المعرفي المرتفع في مختلف المجالات.
وترمي الخطة الإستراتيجية لتطوير قطاع تكنولوجيات الإتصال والإقتصاد الرقمي التي اعتمدناها في إطار المخطط الخماسي للتنمية الإقتصادية والإجتماعية 2016 -2020، إلى خلق حوالي 80 ألف فرصة عمل قبل نهاية 2020 وضمان تكافؤ الفرص عبر الإندماج الإجتماعي ومحو الفجوة الرقمية للحد من فوارق بين الفئات وضمان المساواة بين الجهات إضافة إلى ضمان تموقع تونس في الاقتصاد الدولي ومساهمتها في العالم الرقمي الجديد.

وتسعى الخطة الاستراتيجية إلى إستحثاث نسق التنمية في بلادنا من طريق ربط 100% من الأسر التونسية بشبكة الإنترنت بحلول سنة 2020 وضمان صادرات رقمية بقيمة 5 آلاف مليون دينار سنويا واستكمال إرساء الإدارة الرقمية وتعزيز تقديم الخدمات الإدارية عن بعد.

وتابع: “إعتمدت تونس في نيسان الماضي قانون “النهوض بالمؤسسة الناشئة” المعروف بإسم “Start up Act” الذي يهدف إلى وضع إطار محفز لبعث مؤسسات ناشئة تقوم على التجديد و إعتماد التكنولوجيات الحديثة وتحقق قيمة مضافة عالية و قدرة تنافسية على المستويين الوطني والدولي. ويعتبر هذا القانون “ثورة” في منظومة القوانين المشجعة على الإستثمار وموجها بالأساس إلى فئة الشباب لحضهم على الإستثمار وبناء مؤسساتهم الخاصة ذات القيمة التكنولوجية العالية.

ونحن نتطلع إلى أن يواصل شركاؤنا من الدول الشقيقة والصديقة والمنظمات الدولية والإقليمية معاضدة جهودنا التنموية في مجال الاقتصاد الرقمي كأحد روافد تنفيذ أجندة التنمية المستدامة. ونحن نتطلع خصوصا إلى مزيد دعم العمل الرائد الذي تقوم به “الإسكوا” في مجال إعداد الدراسات وتقديم الاستشارات والتدريب في مجالات عديدة متصلة بالتنمية. وإن تونس التي تقدر عاليا ما حققته سائر برامج التعاون والمعونة الفنية، تأمل في مزيد تعزيز هذا التعاون وتنويعه وإثراءه، وخصوصا في مجالات مراجعة أنظمة الحماية الاجتماعية وإدارة المؤسسات العمومية وإعداد المخططات التنموية وإدماج أهداف التنمية المستدامة فيها، وكذلك في مسائل التجارة البينية والاقتصادي التضامني والتشاركي والعدالة الاجتماعية والدعم المستهدف”.

وقال: “أود أن أجدد الإعراب باسم الحكومة التونسية عن التضامن التام واللامشروط مع الشعب الفلسطيني الشقيق في وقت كثفت سلطات الاحتلال اعتداءاتها اليومية على الشعب الفلسطيني الأعزل في غزة وسائر الأراضي الفلسطينية والعربية المحتلة في تعد صارخ على القانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الانساني واستهتار تام بقرارات الشرعية الدولية. وهو ما يحرم هذا الشعب المناضل حقة في التنمية والإنخراط في جهود المجموعة الدولية لتحقيق أهداف التنمية المستدامة، بل ويفرض عليه “نكوص التنمية” وخسائر عابرة للأجيال ومتعددة المستويات، حسب ما ورد في تقرير الأمانة.

وإن تونس إذ تحيي جهود السلطة الفلسطينية من أجل استرداد حقوق الشعب الفلسطيني الشقيق ولا سيما عبر التوصل إلى اعتماد قرار للجمعية العمومية للأمم المتحدة يدين استخدام الكيان الصهيوني المفرط للقوة ضد الشعب الفلسطيني الأعزل، تدعو “الإسكوا” الى مزيد العمل على إبراز معاناة الشعب الفلسطيني داخل منظومة الأمم المتحدة وتوثيق الانتهاكات الإسرائيلية وفضحها للرأي العام الدولي”.

وختم: “تجدد تونس، في هذه المناسبة، الإعراب عن دعمها التام لجهود استئناف مفاوضات السلام وفق جدول زمني محدد لإنهاء الاحتلال وإقامة دولة فلسطينية مستقلة عاصمتها القدس الشريف، ولا سيما عبر استصدار قرار أممي يحمي الشعب الفلسطيني وينهي الاحتلال الإسرائيلي ويفضي إلى تسوية عادلة وشاملة ودائمة تعيد الى الشعب الفلسطيني حقوقه وتضمن أمن المنطقة واستقرارها”.

ابو الغيط
وألقى ابو الغيط كلمة، قال: “يسعدني ان اشارك في افتتاح اعمال الدورة الثلاثين للجنة الوزارية للاسكوا. واسمحوا لي ان اتوجه بالشكر الى السيد السفير محمد علي الحكيم على دعوته الكريمة للمشاركة في اعمال هذا المؤتمر الوزاري المهم. واتقدم بالتحية الى “الاسكوا” على الجهود التي تقوم بها في المنطقة العربية بالمشاركة مع جامعة الدول العربية من اجل دعم جهود الدول العربية في تنفيذ اهداف التنمية المستدامة في العديد من المجالات العمل الهامة. ولا يفوتني ان اتوجه بالشكر الى دولة قطر على رئاستها للدورة (29)، واتقدم بخالص التهنئة الى دولة تونس على رئاستها للدورة الحالية”.

واضاف: “تعود بدايات التعاون بين جامعة الدول العربية و”الاسكوا” الى حقبة السبعينات من القرن الماضي والتي شهدت اطلاق الاسكوا، حيث تم ابرام مذكرة تفاهم بينهما في عام 1983 تم تحديثها عام 2013 لتطوير التعاون بينهما وتعزيزه ليشمل اولويات مختلفة كالتنمية المستدامة، ومكافحة الفقر، وتعزيز التكامل التجاري والاقتصادي وتحقيق الامن الغذائي، وتعزيز تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والارتقاء بحقوق المرأة، وغيرها، وليكون العمل المشترك اكثر انسجاما مع الحاجات والتحديات المستجدة في المنطقة العربية، ولتوفير اطار للحوار والتعاون بين المنظمتين يعمق جهودهما للدفع قدما بالتكامل الاقليمي، ودورهما في وضع السياسات العامة في المنطقة، واخذا في الاعتبار توسع الاسكوا في نطاق انشطتها التي اصبحت تشمل غالبية الدول العربية”.

وتابع: “اكدت خطة الامم المتحدة 2030 للتنمية المستدامة محورية مفهوم التكامل والترابط بين الاهداف. ومن هنا ارى ان التعاون والتنسيق القائم بين جامعة الدول العربية والاسكوا لا بد وان يتسم مع هذا المفهوم، اي ان يكون مترابطا ومتكاملا بشكل وثيق لتلافي الازدواجية في العمل وقيام التوازن المطلوب بما يعزز ويقوي اواصر التعاون والمشاركة بينهما.

واسمحوا لي ان اهنئ “الاسكوا” على نجاح فعاليات المنتدى العربي للتنمية المستدامة لهذا العام، وان اثني، في هذا الاطار، على الجهود التي تقوم بها “الاسكوا”، بالتعاون مع الجامعة العربية والشركاء الدوليين، لايصال رسائل واولويات المنطقة العربية في تنفيذ خطة 2030 الى المنتدى السياسي رفيع المستوى عاما بعد عام”.

وقال: “استكمالا وتعزيزا لاوجه التعاون وتفعيل المشاركات تستضيف الامانة العامة الاجتماع الرابع والعشرين لالية التنسيق الاقليمي خلال شهر اكتوبر المقبل، وسيشهد هذا الاجتماع عقد اجتماعات بين المنظمات العربية المتخصصة ونظيراتها من منظمات ووكالات الامم المتحدو للوقوف على اهم القضايا التي تهم المنطقة ولتجديد الاولويات المشتركة، كما تقوم الامانة العامة حاليا بالاعداد والتحضير لعقد فعاليات الاسبوع العربي للتنمية المستدامة في نسخته الثانية خلال شهر نوفمبر المقبل تحت رعاية السيد عبد الفتاح السيسي رئيس جمهورية مصر العربية، وهي الفعالية التي تحرص على ان تكون الاسكوا شريكا رئيسيا فيها”.

وأضاف: “مع الاعلان عن خطة الامم المتحدة للتنمية المستدامة 2030، بادر القادة العرب خلال القمة العربية السابعة والعشرين في نواكشوط في عام 2016، باتخاذ قرار يقضي بانشاء آلية عربية تتولى متابعة تنفيذ اهداف التنمية المستدامة 2030 في الدول العربية يكون ضمن مهامها تعزيز التعاون مع الامم المتحدة ووكالاتها المتخصصة، وقد تمخض عن هذا القرار انشاء اللجنة العربية لمتابعة تنفيذ اهداف التنمية المستدامة وتقديم الدعم للدول العربية في تنفيذ خططها الوطنية والتي ترفع توصياتها الى المجلس الاقتصادي والاجتماعي للجامعة العربية،ـ واود ان انوه هنا الى ان جامعة الدول العربية بصدد تطوير واصلاح المجلس الاقتصادي والاجتماعي، والذي تشارك الاسكوا في اجتماعاته بصفة دورية من اجل ضمان اتساق الجهود العربية مع المستجدات التي تشهدها الساحة الدولية”.

وتابع: “في ظل الظروف والتحديات الكبيرة والمتلاحقة التي تشهدها المنطقة العربية خلال المرحلة الحالية والتطور التكنولوجي السريع والهائل الذي يشهده العالم، وخصوصا في مجالي تكنولوجيا المعلومات والاتصالات، يمثل موضوع نقاش هذه الدورة الوزارية “التكنولوجيا من اجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية” اهمية محورية وركيزة اساسية من ركائز العمل في مجال التنمية المستدامة، بحيث تساهم التكنولوجيا والبحث العلمي والابتكار في تحقيق التنمية المستدامة المنشودة، وخصوصا عندما تستخدم وسيلة لتنمية قدرات الانسان وعنصرا جوهريا لتغيير المجتمعات من طريق توفير الادوات والوسائل الضرورية لوضع الاطر الوطنية.

ويأتي هذا التوجه متماشيا مع الاهتمام الذي توليه الدول العربية للتوطين ونقل التكنولوجيا، في ضوء كونها عملية ضرورية لتأمين بيئة صحية للعمل ولتوفير فرص عمل للشباب للحد من البطالة، وايضا لتعزيز وتيرة التقدم نحو تحقيق خطة 2030 والاسراع فيها، وتلبية الحاجات الخاصة لمختلف الدولة، وخصوصا الدول الاقل نموا، مع الاخذ في الاعتبار ان الهدف السابع عشر من اهداف التنمية المستدامة 2030 يركز على تعزيز التكنولوجيا وتطويرها ونقلها ونشرها.

ويتطلب الامر العمل، في هذا الصدد، بجدية من اجل ايجاد طرق جديدة ومبتكرة للتمويل المستدام، مع تغيير فلسفة الفكر المالي والمصرفي، والتشبيك في هذا الخصوص بين المال والمجتمع والبيئة، وتعزيز المشاركة بين اصحاب المصلحة المتعددين لجمع المعارف والتكنولوجيا والموارد المالية وتقاسمها، وذلك بهدف تحقيق اهداف التنمية المستدامة في جميع الدول ولاسيما في الدول البنامية والدول الاقل نموا، وهذا ماتقوم الامانة العامة بدراسته في الوقت الحالي تمهيدا للخروج بمبادرة تطرح على القمة التنموية التي ستعقد هنا في بيروت اوائل العام القادم.

وقال: “في هذا الاطار، يسرني ان الفت الى ان جامعة الدول العربية بادرت ومن خلال اللجنة العربية للتنمية المستدامة، بتقديم مقترح لانشاء “الشبكة العربية للعلوم والتكنولوجيا من اجل التنمية المستدامة”، والتي تهدف الى المساهمة في تعزيز اليات التعاون في مجالات العلوم والمعرفة والتكنولوجيا من اجل تحقيق اهداف التنمية المستدامة، بالتعاون مع المنظمات الاقليمية والدولية المعنية”.

وختم: “يسعدني ان اتوجه بالشكر والتقدير الى الجمهورية اللبنانية على احتضانها لهذا الاجتماع الوزاري المهم، مع التطلع الى استضافتها للقمة العربية التنموية المقبلة اوائل عام 2019، والتي نتمنى النجاح لاعمالها، وان تخرج بنتائج تلبي طموحات المواطن العربي. اتقدم بجزيل الشكر الى السيد السفير الدكتور محمد علي الحكيم وكيل الامين العام للامم المتحدة والى سكرتارية اللجنة على حسن التنظيم، متمنيا ان يكلل الاجتماع الوزاري لهذا العام بكل النجاح والتوفيق”.

الحكيم
وألقى الحكيم كلمة قال فيها: “يسعدني باسم لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا “الإسكوا” أن أرحب بكم ضيوفا أعزاء في بيت الأمم المتحدة في بيروت في افتتاح الدورة الوزارية الثلاثين للإسكوا. ويشرفني أن أتقدم من فخامة الرئيس العماد ميشال عون بعظيم تقديري على رعايته وتشريفنا بحضوره شخصيا حفل الافتتاح. وأرحب بمعالي السيد أحمد أبو الغيط بحيث يجسد عمق الشراكة العربية والأممية، ونعمل مع الجامعة العربية الشريك الرئيسي للإسكوا لتنفيذ خططنا الحاضرة والمستقبلية.

وأرحب بمشاركة معالي السادة الوزراء ورؤساء الوفود العربية وممثلي المنظمات الدولية. وأحيي شركاءنا في التنمية، الحاضرين معنا اليوم، ممثلي مؤسسات الفكر والمجتمع المدني والقطاع الخاص لتلبيتهم الدعوة للمشاركة في هذه الدورة التي اختارت دولنا الأعضاء أن يكون موضوعُها الرئيسي “التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة”.

وأضاف: “تحتضن بيروت اليوم نخبة عزيزة من 14 وزيرا عربيا في لقائنا التشاوري هذا وعلى أعلى المستويات. وتلبس بيروت، مدينة الفكر والثقافة والأدب والفن والإبداع، أحلى أزيائها لترحب بالوفود العربية من مشرق الوطن العربي إلى مغربه ومن شماله إلى جنوبه لتداول لغة واحدة وللتباحث عن هدف واحد ألا وهو خدمة الانسان العربي حاضرا ومستقبلا تحت شعار “التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة” نابعة من اقتناعاتنا بأن التكنولوجيا والابتكار هما عنصران أساسيان لتنفيذ خطة 2030 لتنمية المستدامة في وطننا العربي.

نجتمع اليوم للتباحث في طريقة وضع التكنولوجيا والابتكار في خدمة الإنسان والتنمية البشرية في منطقتنا العربية، وللنظر في سبل دمج هذين البعدين في الخطط التنموية الوطنية باعتبارهما حاجة ملحة وأولوية مطلقة في عالم اليوم، لدفع عجلة التنمية الشاملة والمستدامة مما يعزز رفاه المواطن العربي وازدهاره وتوسيع المكاسب لتشمل الجميع من دون استثناء. وتوفر الأمم المتحدة فرصة للوقوف عند الحاجات الملحة للبلدان العربية في ظل الأوضاع الراهنة التي تشهدها المنطقة العربية التي شهدت خلال السنوات الأخيرة تحوّلات على كافة الصعد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والبيئية. نجتمع لتحفيز التعاون ولإيجاد الأطر المناسبة الوطنية والإقليمية التكاملية لتحقيق الرفاه لمجتمعاتنا، وسعيا منا إلى تحقيق المصلحة العامة لشعوبنا، وتأمين مستقبل أفضل للشباب وللأجيال العتيدة”.

وتابع: “الواقع، أن موضوع التكنولوجيا يكمل المواضيع التي طرحتها الدورتان الوزاريتان السابقتان، من “العدالة الاجتماعية” و”تنفيذ خطة التنمية المستدامة لعام 2030″. وكلنا يعلم ما تختزنه التكنولوجيا والابتكار من إمكانات لترسيخ العدالة الاجتماعية ومنع الانقسام والتهميش وسد الفجوة المستمرة بين الجنسين وضمان الدمج الكامل للأشخاص ذوي الإعاقة وصولا إلى أكثر الفئات تعرضا للأخطار من ناحية، وما يمكن أن تقدمه من حلول ناجعة للكثير من التحديات البيئية والاقتصادية والاجتماعية التي تواجه بلداننا العربية، وتمكين الشباب والنساء والفتيات وتوفير العمل اللائق للجميع ودعم التنمية المستدامة الشاملة في منطقتنا العربية”.

وقال: “الشباب العربي اليوم هو شباب متألق ومتألم في آن واحد. متألق بأفكاره وطموحاته ومتألم في انتظاره لفرص العمل اللائق التي توفر له العيش الكريم. ولن يتأتى هذا إلا من خلال فتح المجال للقطاع الخاص. فالقطاع الحكومي في الدول العربية بات كبيرا بدرجة غير مسبوقة ومترهلا بصورة غير مقبولة. وبالتالي يجب إعطاء الشباب مساحة أكبر للعمل في القطاع الخاص، فيطوروا هذا القطاع ويتطورون معه. وهذه مسؤولية مشتركة تقع على عاتق الحكومات والقطاع والخاص معا. فالدولة مطالبة بإزالة القيود والتعقيدات والقوانين الصعبة التي تعيق تطوير القطاع الخاص وإتاحة المرونة اللازمة لإنشاء الأعمال الرائدة ودعمها. وعلى القطاع الخاص أن يبني روابط وثيقة مع الجامعات ومراكز البحوث لتشكل مخرجاتها نتائج عملية لخدمة التنمية”.

واضاف: “لا يفوتني هنا أن أشير إلى أن النساء العربيات، يواجهن صعوبات تفرضها أنظمة تمييزية تحبط قدرتهن على المساهمة الفعلية في الاقتصاد. فلا يمكن تفعيل نهضة حقيقية في مجتمعاتنا العربية إلا بتمكين النساء من التخصص في المجالات كافة ودخولهن الممنهج في سوق العمل. وقطاع التكنولوجيا يمثل حالة صارخة للمشاركة المحدودة للنساء في الحياة الاقتصادية والتي ينبغي التعامل معها بدرجة كبيرة من الإلحاح”.

وتابع: “إن الرسالة التي ترغب الأمم المتحدة في توجيهها اليوم إلى جميع المعنيين، هي دعوة صريحة إلى تبني التكنولوجيا والابتكار في خدمة التنمية البشرية، وليس الاستثمار في التكنولوجيا من أجل التكنولوجيا. هذا هو الهدف الأساسي من التكنولوجيا، أن تكون في خدمة الإنسان والتنمية البشرية والمستدامة في الدول العربية. وكل جهود التنمية يجب أن تصب في الإنسان وترتبط به.

وعلى هذا الأمل، أتمنى لمداولاتكم كل التوفيق في فتح آفاق جديدة لأجيالنا من الشبان والشابات. وآمل أن تفضي توصيات هذه الدورة، والإعلان الذي سيصدر عنها، إلى رسائل ومقترحات تحول أولويات وشواغل المنطقة العربية، إلى سياسات تنموية قادرة على نشر مخرجات التكنولوجيا وترويج الابتكار في مجتمعنا.

وختم: “أجدد شكري لفخامة رئيس الجمهورية اللبنانية العماد ميشال عون على مشاركته معنا، وهو خير دليل على اهتمام الحكومة اللبنانية من أعلى الهرم باحتضان مقر اللجنة الاقتصادية والاجتماعية (الإسكوا) في بيروت وما تقدمه الى لبنان والعالم العربي. أكرر تقديري لمعالي الامين العام للجامعة الدول العربية على المشاركة معنا اليوم والشراكة المثمرة بيننا، وأشكر ممثلي الجهات المشاركة جميعاً، متمنياً نتائجَ مثمرةً بمستوى التوقعات المنتظرة من هذا الحشد من الخبراء رفيعي المستوى بغزارة معارفهم وعظيم خبراتهم”.

عون
وألقى الرئيس عون كلمة الختام، فقال: “أهلا وسهلا بكم في الربوع اللبنانية، ممثلين لدول اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغرب أسيا ونخبة من كبار المسؤولين والأكاديميين والمختصين، المعنيين بأهم القضايا الاقتصادية والإنمائية في المنطقة العربية. تلتقون في بيروت في إطار الدورة الوزارية الثلاثين للإسكوا، واضعين كل خبراتكم للبحث في السبل الممكنة كافة من أجل تنمية مستدامة وشاملة للوطن العربي”.

اضاف: “إن اجتماعكم هو ظاهرة لافتة ومميزة في اللحظة الراهنة من تاريخ منطقتنا، تماما مثلما هو لافت ومميز نشاط “الإسكوا”، منذ تأسيسها وانطلاق عملها من بيروت قبل 44 سنة. فأنتم تجندون قواكم، وتسخرون إمكاناتكم، وتستخدمون عقولكم وأفكاركم لرفع مستوى الإنسان في المجتمعات العربية، من طريق مكافحة الجوع والفقر وتعميم التعليم والرعاية الصحية والمساواة بين النساء والرجال، مع حفظ حقوق الأجيال المقبلة وحصتها في التنمية الاقتصادية والبيئة السليمة والثروات الطبيعية، في الوقت الذي تتضافر قوى الشر لكي تمزق بلداننا العربية وتجعلها رهينة عدم الاستقرار والتطرف والتعصب، وأسيرة الحروب الهمجية، وتخير نسبة كبيرة من مواطنيها بين الموت أو حياة البؤس في مخيمات النزوح”.

وتابع: “ايها الحضور الكريم، تنعقد دورتكم هذا العام ومحورها “التكنولوجيا من أجل التنمية المستدامة في المنطقة العربية”. ولا شك في أن هذا الموضوع الذي اخترتموه محورا لأبحاث دورتكم هو موضوع حيوي وملح، فلا يمكن إهمال التكنولوجيا ودورها في مسيرة التنمية في منطقتنا العربية. ليست التكنولوجيا في عصرنا ترفا، أو نشاطا منفصلا عن التنمية والحياة الاقتصادية، بل هي لاعب رئيسي في التطور الاقتصادي والاجتماعي على مستوى العالم بأسره، في البلدان الغنية كما في البلدان الفقيرة أو الدول ذات الدخل المتوسط. ولبنان يدرك أهمية التكنولوجيا ودورها في البناء الاقتصادي، لذلك فهو يعول عليها كثيرا في البرامج التي ننوي صوغها وتنفيذها في المرحلة الزمنية المقبلة، في إطار التخطيط الاقتصادي والاجتماعي، الذي نعتبره ممرا إلزاميا للخروج من ظروفنا الاقتصادية الراهنة. وهذا التخطيط هو أيضا تمهيد لا غنى عنه لبناء مستقبل زاهر للأجيال المقبلة من اللبنانيين”.

واعلن “ان التنمية المستدامة تهدف إلى إنقاذ المجتمعات من مشاكلها الراهنة، الفقر والجوع والأمية والمرض، وفي الوقت نفسه توفير حياة كريمة للأجيال المقبلة”. وقال: “نحن في لبنان نعيش تحديات مشابهة تماما لتحديات التنمية المستدامة، من حيث ضرورة معالجة مشاكل الحاضر والاستعداد لمتطلبات المستقبل. فنحن مصممون على مجابهة الأزمات المتراكمة التي بدأت بالظهور قبل نصف قرن من الزمن واستمرت مدى سنوات وعقود، فانعكست في تراجع مستوى المعيشة والتفاوت غير المقبول بين الفئات الاجتماعية والمناطق، وانعكست خصوصا في الهوة المزمنة بين إيرادات الدولة ونفقاتها وتنامي الدين العام بشكل ينوء تحته الاقتصاد الوطني”.

واضاف: “وفيما لبنان يواجه هذه الظروف الصعبة، والاستثنائية، فرض عليه أن يدفع قسطا كبيرا، يفوق إمكاناته الاقتصادية والمالية والاجتماعية، في المأساة الإنسانية التي نجمت عن الحرب السورية واضطراب محيطنا الإقليمي عموما. إننا نتفهم البعد الإنساني لمعاناة النازحين، ولكنها مشكلة تفوق قدرة لبنان على تحمل أعبائها، المالية والاقتصادية والأمنية، ونحن مصممون على إيجاد الحلول الضرورية لها، آملين من المجتمعين العربي والدولي مساعدتنا على تحقيق هذا الهدف، ومساعدة النازحين على العودة إلى ديارهم في أقرب وقت”.

وتابع: “من جهة أخرى، وبمعزل عن المشاكل الآنية، نريد الاطمئنان إلى أننا قمنا بما يتوجب علينا لتأمين الحياة الكريمة للأجيال المقبلة من بعدنا، لذلك فقد عزمنا على مواجهة الواقع وصعابه، وقررنا اللجوء إلى التخطيط الفاعل، فوضعنا خارطة طريق تلحظ تجنيد طاقاتنا الوطنية والاستعانة بالخبرات الدولية المشهود لها، ونتوقع أن تبدأ نتائج هذا العمل بالظهور فور تشكيل الحكومة الجديدة وإنجاز بيانها الوزاري”.

واكد “ان الغاية الرئيسية من وراء هذا الجهد هي تحويل الاقتصاد اللبناني من اقتصاد ريعي إلى اقتصاد منتج. وتبرز الحاجة ماسة إلى رفع مستوى المعيشة، وزيادة نسبة العمالة، واستنفار الطاقات الكامنة وغير المستعملة في الاقتصاد الوطني، لتوفير الوظائف وتحفيز النمو. ولأن طاقات الاقتصاد اللبناني ليست مستثمرة على الوجه الكامل، فإن الخطة تلحظ تحديد القطاعات المنتجة ودعمها واستغلالها”.

وتابع: “تلحظ برامجنا أولوية تحقيق الإصلاح المالي من طريق تحصيل كل الإيرادات المشروعة للدولة ووقف الهدر في الإنفاق وزيادة المشاريع والاستثمارات العامة. وليكن معلوما أن ساعة الحساب مع الفساد قد حانت، فلا تهاون مع تحقيق المكاسب غير المشروعة عن طريق مخالفة القواعد الأخلاقية والقوانين والتعدي على حقوق الدولة”.

وقال: “من البديهي أن الدولة اللبنانية لن تسمح للأزمة أن تتفاعل وتتفاقم، ولا للاقتصاد أن ينكمش عاما بعد عام. فلا شيء ينقص لبنان لكي يحقق أفضل النتائج الاقتصادية مقارنة باقتصادات المنطقة، وكذلك اقتصادات الدول الناشئة. فلبنان يمتلك موقعا مميزا، وانفتاحا ثقافيا وتجاريا على العالم منذ القدم، ولدى أبنائه، خصوصا الشباب، أكثر من دليل على تفوقهم ونجاحهم، في بلدهم كما في العالم الرحب. وعندنا مؤسسات تعليمية مشهود لها وقطاع مالي عريق وقوي وفاعل”.

وختم: “إذ أتمنى لكم التوفيق في أعمال دورتكم، أرجو لمنطقتنا العربية أن تستعيد الاستقرار والسلام والوئام والنمو والازدهار، وللإسكوا دور كبير يعول عليه في تحقيق الجانب الاقتصادي والاجتماعي من هذه التمنيات”.