اكد رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ان مواقف امير دولة الكويت الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح منذ ان كان وزيرا للخارجية ورئيسا للجنة السداسية العربية في قمة تونس عام 1989 وحتى اليوم تجعل الكويت قريبة جدا من الدول الشقيقة والصديقة على حد سواء.
جاء ذلك في لقاء خاص للرئيس عون مع وكالة الانباء الكويتية (كونا) عشية زيارته الرسمية لدولة الكويت التي يصلها غدا الثلاثاء ويجري خلالها مباحثات رسمية مع سمو أمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح.
وقال الرئيس عون خلال اللقاء “صحيح ان زيارتي لدولة الكويت هي الاولى لي كرئيس للجمهورية اللبنانية لكن الكويت ليست بغريبة عني فهي تحظى بمكانة مرموقة في قلوب اللبنانيين والعرب”.
واضاف ان “الرسالة التي احملها معي الى الكويت لا تختلف عن تلك التي حملتها للدول التي زرتها منذ انتخابي رئيسا للجمهورية والتي سأزورها ايضا والتي تتضمن رغبة لبنانية صادقة في الانفتاح والتعاون مع الجميع انما ضمن المعايير والمفاهيم المعتمدة التي تحفظ لكل بلد حقوقه واستقلاليته وسيادته واحترام خصوصيته”.
وتابع قائلا ” انها رسالة قائمة على المودة والاحترام المتبادل وتعكس خصائص لبنان الذي لم يعتد يوما على احد بل غالبا ما كان المعتدى عليه والذي صبر وكافح وناضل ولم يستسلم كي يحافظ على مبادئه وقيمه التي حفظت دوره المميز في الشرق وان ما احمله معي هو صورة لبنان القوي وعزيمة ابنائه التي وقفت سدا منيعا امام محاولات استهدافه وتقويض استقراره وامنه ووحدته بشتى الوسائل”.
واضاف ان “الكويت تتفهم الوضع اللبناني ربما اكثر من غيرها كونها عانت في العام 1990 من غزو لاراضيها وكان لسمو الامير حين كان وزيرا للخارجية في ذلك الوقت دور اساسي في تحريرها من الاحتلال واعادتها الى دورها الفاعل والاساسي في المنطقة والعالم”.
واكد ان العلاقات بين لبنان والكويت راسخة وثابتة وتاريخية “وطموحنا دائم للسعي الى تعزيز هذه العلاقات في المجالات كافة كي تعكس حقيقة التقارب اللبناني- الكويتي ليس فقط على مستوى البلدين بل ايضا على مستوى الشعبين”.
وقال الرئيس عون ان العلاقة الاخوية بين لبنان والكويت قد تشكل مدخلا لتحقيق ما تنادي به البلدان من وحدة وتضامن عربي لمواجهة التحديات ” وهذا يوجب حصول وفاق سياسي ومقاربة المشاكل السائدة حاليا بنظرة حوارية منفتحة لان الخطر يهدد الجميع”.
واكد ان لبنان مدعو مع الكويت للعمل على عدم استغلال اي طرف للخلافات السائدة بين المجموعة العربية من اجل القضاء على قضية تاريخية وهي القضية الفلسطينية وتهويد مدينة القدس “التي نريد الابقاء على قدسيتها فيما يتم العمل حاليا على تجريدها من هويتها الحقيقية واعطائها هوية مزيفة ومنع الفلسطينين من نيل حقوقهم المشروعة ومنها حق العودة”.
ونوه الى انه لطالما عملت الكويت وصاحب السمو امير دولة الكويت من اجل تقريب وجهات النظر بين الاطراف المتباعدة على الساحة العربية ” ونحن نقف الى جانب هذا المسار ونضع يدنا بيد سمو الامير الشيخ صباح الاحمد الجابر الصباح للوصول الى هذا الهدف”.
وحول التطمينات التي يقدمها لبنان لعودة السياحة الكويتية بشكل خاص والخليجية بشكل عام الى طبيعتها في لبنان قال الرئيس عون ان “أمن السياح هو من أمن لبنان ولا حاجة الى الخوف لان الامن ممسوك والاخوة العرب سيجدون ان طبيعة لبنان وطريقة عيش اللبنانيين لا تزال على حالها معززة بوعي تام للاجهزة الامنية وسهر دائم لمنع اي استهداف للاستقرار”.
واضاف ان ” الوضع السائد في لبنان والاستقرار الذي يعيشه هو شهادة عملية وميدانية بان الاستقرار فيه خط احمر لا يمكن تجاوزه بارادة لبنانية وبعزيمة الجيش اللبناني والقوى الامنية التي تقوم بدورها على اكمل وجه باعتراف العالم اجمع” مؤكدا ان “لبنان يعتبر حاليا واحة امنية مستقرة وهو امر تحقق نتيجة ارادة لبنانية قوية”.
وردا على سؤال حول ما اذا ستطلب بلاده من الكويت باعتبارها دولة نفطية رفده بخبرات بعد دخول لبنان عمليا في التلزيمات النفطية والغازية اعرب الرئيس عون عن ترحيبه بكل النصائح في هذا المجال نظرا الى الخبرة والتجربة الرائدة التي تملكها الكويت في المجالات النفطية وما يمكن ان تضيء عليه من نواح ومواضيع تفيد لبنان في هذه التجربة الحديثة العهد.
واعتبر ان دخول لبنان نادي الدول النفطية “كان حلما بعيد المنال وها هو يتحول اليوم الى واقع ملموس يتطلع اليه اللبنانيون بكثير من التفاؤل”.
وقال ان شركات عديدة من مختلف دول العالم قدمت طلباتها من اجل المشاركة في التنقيب عن النفط والغاز وهو امر يعول عليه لبنان من اجل الانتقال من حالة الى اخرى لافتا الى ان “المسار طويل انما الاصعب قد تحقق ويبقى ان نعبد الطريق امام الاهم وهو استخراج النفط والغاز وبيعه ليستفيد اللبنانيون جميعا من مردوده”.
وتطرق الرئيس عون الى مسألة النازحين السوريين معتبرا انها مسألة حساسة جدا بالنسبة الى لبنان نظرا الى مساحته الجغرافية الصغيرة التي لا تسمح له باستيعاب هذا العدد الهائل والذي يتخطى المليون و820 الف نازح منذ بداية الحرب في سوريا اضافة الى وضعه الاقتصادي الحرج وكذلك التحديات الامنية التي تترافق مع هذا العدد من النازحين. وقال “لقد اثبتت الفترة الاخيرة ان الوعود التي تلقاها لبنان بمساعدته ماديا لم تحترم ومن هنا حملنا دعوتنا بوجوب عودة النازحين الى الاماكن الآمنة في سوريا”.
ولفت الى ان هذه الدعوة ” نابعة من منطلق انساني اذ من الظلم ان تبقى العائلات مشتتة اذا ما توفرت عوامل اعادة لم شملها من جديد ومن منطلق الحاجة اللبنانية الى تخفيف العبء الكبير الذي يلقي بثقله على اللبنانيين ويهدد ظروف عيشهم ومن منطلق بديهي بعودة النازح الى بلده بشكل آمن وسليم وقطع الطريق بالتالي امام اية افكار خارجية مبيتة لاستغلال وضع هؤلاء النازحين وتوطينهم في الدول التي تستقبلهم”.
واكد ان لبنان يعول على دعم دولة الكويت لموقفه في هذا المجال وضم صوتها الى صوته خصوصا وان الكويت لطالما دعمت لبنان في المحافل الاقليمية والدولية وايدت مطالبه المحقة.
وقال الرئيس عون ان بلاده تتحضر لاطلاق خطة اقتصادية تؤمن الانتقال من الاقتصاد الريعي الى الاقتصاد المنتح مؤكدا توفير كل اسباب النجاح للخطة عبر تدعيمها بنصائح شركات ومؤسسات دولية معروفة ومكافحة الفساد والهدر وتحسين البنى التحتية كركيزة لهذا العمل الضخم.
ولفت الى ان دولة الكويت لطالما واكبت لبنان في مسيرته الطويلة وعبر مختلف المراحل التي تخطاها “وانا على يقين انها ستستمر بهذه المواكبة وستقدم كل الدعم اللازم خصوصا وان الرؤية التي وضعناها هي رؤية واعدة ومبشرة”.
واضاف “دولة الكويت ليست بغريبة عن المنطقة وما تشهده من تطورات واحداث وهي بالتالي تدرك جيدا ان التحديات التي يواجهها لبنان فرضت عليه كما على غيره من الدول” مؤكدا ان “للكويت دور اساسي نعتمد عليه ونثق به” في المؤتمرات الدولية التي يتم التحضير لها لدعم لبنان خلال الفترة المقبلة.
واعتبر عون ان ” العالم ادرك ان هناك مصلحة له في ابعاد لبنان عن اتون النار المشتعلة من حوله كما ادرك اللبنانيون ان المصائب التي طرقت ابوابهم لم تكن عابرة وقد تكون الاخطر في تاريخ لبنان المعاصر وهي تتزامن مع خطر دائم على الحدود متمثل باطماع اسرائيلية ونواياها الخبيثة تجاه لبنان المتجسدة بتهديدات شبه يومية وخروق دائمة للقرارات الدولية وهي تدرك انها لن تحاسب عليها على الصعيد الدولي”. واضاف ان اللبنانيين اتخذوا بسبب هذه المخاطر القرار التاريخي بالوصول الى قاعدة مشتركة تنهي الازمة السياسية التي كانت سائدة وبمقاربة كل التعقيدات على الصعيد الداخلي عبر الحوار في ما بينهم والالتفاف حول جيشهم والسعي الى تأمين كل الدعم المعنوي واللوجستي له لتمكينه من القيام بواجبه.