أحدثت العودة الصامتة للقائد العسكري السابق في «جيش لبنان الجنوبي» (بقيادة الضابط أنطوان لحد) عامر إلياس الفاخوري، والذي كان مسؤولاً عن معتقل الخيام، إلى عبر مطار رفيق الحريري الدولي، ضجّة في الأوساط السياسية والقضائية والشعبية. وجاءت عودة الفاخوري رغم صدور حكم غيابي يقضي بسجنه مع الأشغال الشاقة مدة 15 عاماً، بعد إدانته بجرم الاتصال بإسرائيل والتعامل معها واعتقال لبنانيين وتعذيبهم، خلال مرحلة الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان.
وتداركاً لخطورة ما حصل، سارعت مصادر أمنية إلى التخفيف من وطأة الأمر، وأعلنت أنّ جهاز الأمن العام اللبناني «أوقف القائد السّابق لسجن الخيام في جيش أنطوان لحد المدعو عامر إلياس الفاخوري منذ عدّة أيام في مطار رفيق الحريري الدولي، ولا يزال موقوفاً لغاية اليوم حيث يخضع للتحقيق بخلاف ما يتم تداوله عن دخوله لبنان من دون توقيفه».
إلا أن مصدراً قضائياً خالف هذا النفي، وأكد لـ«الشرق الأوسط»، أن «عودة الفاخوري إلى لبنان من دون توقيفه أمر قانوني مائة في المائة». وأوضح أن «الجرم الذي ارتكبه سقط بمرور الزمن». وقال المصدر إن «الحكم صدر بحق الفاخوري عن المحكمة العسكرية في عام 1998، وأدانه بجرم التواصل مع إسرائيل، لكن مع مرور 20 عاماً عليه يسقط الجرم حكماً، وبالتالي لا يمكن توقيفه وإعادة محاكمته».
وشغل الفاخوري منصب قائد كتيبة عسكرية في ميليشيات «جيش لبنان الجنوبي»، وهي الكتيبة التي كانت تتولّى حراسة معتقل الخيام الشهير. وفرّ الفاخوري (56 عاماً) إلى إسرائيل، مع انسحاب قوات الاحتلال الإسرائيلي في 25 مايو (أيار) من عام 2000 وغادر بعد ذلك إلى الولايات المتحدة.
كانت صحيفة «الأخبار» المقرّبة من «حزب الله» هي التي كشفت (في عددها أمس) خبر وصول الفاخوري إلى مطار بيروت، وذكرت أن «عنصر الأمن العام المكلَّف التدقيق في جوازات سفر الواصلين، لاحظ أن عامر إلياس الفاخوري الذي يحمل جواز سفر أميركياً، كان مطلوباً توقيفه حسب النشرة الجرمية، وتبين لدى التدقيق أن قرار التوقيف جرى سحبه، وأن خلاصة الحكم الغيابي بالسجن 15 عاماً مع الأشغال الشاقة، كما مذكرات التوقيف في جرائم الخطف والاغتصاب، إضافة إلى مذكرات التوقيف غير القضائية الصادرة عن الجيش اللبناني كلها مسحوبة، ما جعل الأمن العام عاجزاً عن توقيفه، لغياب أي قرار قضائي يتيح ذلك».
وأكد مرجع قانوني لـ«الشرق الأوسط»، أن «هذه القضية مثيرة للاستغراب، وترسم علامات استفهام كبيرة». وقال: «حتى لو سقط الجرم بمرور الزمن، يفترض توقيف هذا الشخص، وإحالته إلى المرجع الذي أصدر الحكم بحقه، لأن سقوط الحكم يجب أن يصدر بقرار قضائي يعلل الأسباب»، مذكّراً بأن «بعض الذين ارتكبوا مخالفات أو جنحاً بسيطة منذ ثلاثة عقود، لم تُحذف أسماؤهم عن النشرة الجرمية، رغم شمولهم بقانون العفو العام الصادر في عام 1991، ولم تنظّف سجلاتهم إلا بعد مثولهم أمام القضاء وتسوية أوضاعهم». ولفت المرجع القانوني إلى أن «عودة شخص بهذه الخطورة الجرمية، وسحب المذكرات القضائية الصادرة بحقه يعني أنه جرى ترتيب وضعه قبل عودته لتجنيبه قرار التوقيف والملاحقة».
(الشرق الاوسط)