جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / على الطاولة اليوم وفي الشارع… موازنة الإجراءت الموجِعة!
لبنان

على الطاولة اليوم وفي الشارع… موازنة الإجراءت الموجِعة!

وصفتْ أوساطٌ سياسية الواقعَ الذي يعيشه لبنان بأنه يشبه الدوران في حلقةٍ من الأخطار، داخليّة ذات طبيعة مالية – اقتصادية لم تعد تحتمل أي «مناطق رمادية» في المعالجات، وخارجيّة تنطلق من ارتباط «بلاد الأرز» بالمواجهة المفتوحة بين واشنطن وطهران عبر «حزب الله» وتحاول بيروت تَلمُّس «منطقةٍ آمنة» حيالها تقيها تشظياتٍ «تخترق» الخطّ الفاصل حتى الساعة بين الدولة والحزب.

ويحْكمُ هذا «التوازي» في الخطريْن الوضع اللبناني الذي كان أمس عيْناً على بدء مجلس الوزراء اليوم المناقشاتِ الماراتونية لمشروع موازنة 2019 في جلساتٍ متتالية وصولاً إلى بتّها وإحالتها على البرلمان، وعيناً أخرى على الدينامية الأميركية غير المسبوقة في إطار التصدّي لإيران ونفوذها بالمنطقة والتي ترتكز في جولتها الراهنة على عصا العقوبات الأقسى التي تشمل أيضاً «حزب الله» والمرشّحة للتمدُّد نحو حلفاء له.
وعشية انطلاق قطار مناقشة الموازنة، بدت البلاد عالقةً بين «مطرقة» الشارع الذي ينفّذ اليوم تحرُّكاً ضاغطاً جديداً عبر العسكريين المتقاعدين على شكل قطْع طرق في بيروت وخارجها استباقاً لأي خياراتٍ على حساب رواتبهم ومخصصاتهم التقاعدية، وبين «سندان» الضغط الدولي للخروج بموازنةٍ تَقَشُّفيةٍ تترْجم الالتزامات الإصلاحية التي تعهّدت بها بيروت أمام الدول المانحة في «سيدر» والتي تشكّل مع مخصّصات المؤتمر (نحو 11 مليار دولار) «خريطة الطريق» لتَجاوُز «القطوع المالي» الذي قرع مسؤولون كبار في الدولة «جرس الإنذار» بإزائه في الأسابيع القليلة الماضية.
وفيما كان العسكريون المُتقاعِدون «يدقّون النفير» عبر نداءات بالصوت على طريقة «البلاغات رقم واحد» لتحفيز المتقاعدين (وحتى المدنيين) على المشاركة في تحركات، برز تطوران: الأوّل محاولة رئيس الجمهورية ميشال عون توجيه رسالة احتواءية عبر ما نقله عنه النائب جميل السيد من أن «لديه ملاحظات ووجهاتِ نظرٍ سيطْرحها في مجلس الوزراء خلال درْس الموازنة، وسيكون له موقف من موضوع حقوق العسكريين في مختلف الأسلاك».
والتطور الثاني لقاء وزير المال علي حسن خليل، الذي لم يضمّن مشروع الموازنة كامل الخيارات التي كانت محور بحْث لخفْض العجز وبينها تجميد 15 بالمئة من رواتب القطاع العام (ابتداءً من سقف معين) لمدة ثلاث سنوات على أن يجري مناقشتها من «خارج النص»، مع كل من فريق البنك الدولي برئاسة المدير الإقليمي ساروج كومار جاه، ومسؤولة مكتب صندوق النقد الدولي في لبنان نجلا نخلة. وكان لافتاً ان اللقاءين المنفصلين وُضعا تحت عنوان «في إطار التحضير لبدء جلسات مناقشة الموازنة»، وأنه تخلّلهما بحث في أمور الموازنة العامة بخطوطها العريضة والخطوات الإصلاحية التي تتضمنها والأرقام المتوقَّعة، «كما جرى نقاش وتبادل للآراء للمساعدة في بلورة مجموعة من الأفكار التي توصل إلى موازنة متوازنة تتضمّن خطوات إصلاحية عملية».
وبحسب المعلومات الرسمية أثنى وفدا البنك وصندوق النقد الدولييين على هذه الخطوات «التي تعكس شفافية ووضوحاً ومقاربة مسؤولة تجاه هذا الملف الحساس».
وفي موازاة ذلك، لم يغِب عن المشهد اللبناني التحدي الكبير الذي يشكّله «التدافع الخشن» بين الولايات المتحدة وإيران. وبينما كانت بيروت منهمكة بتقويم نتائج زيارة الوفد النيابي اللبناني لواشنطن وما سمعه خلالها من موقف حاسم بأن لا تهاوُن إزاء «حزب الله» والعقوبات التي ستتصاعد عليه والتي لن توفّر مَن يُشتبه بمشاركته في تمويل الحزب ورفْده بأشكال الدعم، مع تأكيد أن الأمر لن يشمل رئيس البرلمان نبيه بري وحركة «أمل» وأن ثمة حرصاً على تفادي «إصابة» الاقتصاد اللبناني، جاءت مواقف المبعوث الأميركي الخاص لإيران براين هوك لتؤكد بوضوح مضي واشنطن بهذا الاتجاه. وقد أكد هوك لتلفزيون «ام تي في» اللبناني أن خيار فرض عقوبات على حلفاء سياسيين لحزب الله أو مسؤولين حكوميين لبنانيين لم يَسقط عن الطاولة، معلناً «حزب الله مصنَّف كمنظمة إرهابية ومَن سيؤمن الدعم المادي له معرّض للمحاكمة الجنائية والمنْع من الحصول على تأشيرات إلى الولايات المتحدة»، موضحاً «اننا نود أن نرى لبنان قوياً ومستقلاً وسيداً أما إيران فتودّ أن ترى لبنان جزءاً من أمبراطوريتها».
ورداً على سؤال قال: «نحن نغيّر الواقع في لبنان مع ملاحقة إيران بشكل أكثر قسوة من أي مَرة، ولأول مرة في تاريخه طلب زعيم حزب الله حسن نصرالله في مارس الماضي وعلناً القيام بتبرعات والسبب وراء ذلك هو أن الإيرادات التي تحصل عليها إيران بدأت تجفّ، وإيران تدعم حزب الله بنحو 70 بالمئة من إيراداته وعائداته التشغيلية، أي ما يعادل 700 مليون دولار سنوياً (…)».
وإذ رأى أن «إيران تريد أن تستخدم لبنان لتُشْعِل حرباً بالواسطة مع إسرائيل، وغيرها من النيات الخبيثة»، اعتبر «ان الأهم بالنسبة إلينا هو مساندة الشعب اللبناني من أجل مستقبل أفضل»، لافتاً رداً على سؤال إلى انه «من ناحية إسرائيل لديها الحق بالدفاع عن نفسها وإيران ما زالت تزوّد حزب الله بالصواريخ والأسلحة منذ عقود. ونظنّ أن هذا يضع الشعب اللبناني في دائرة الخطر، وحزب الله مستعدّ للقيام بأي شيء يمكنه النفاذ به لزيادة التوتر في المنطقة».

الراي