أقامت جمعية “معكم” الخيرية الاجتماعية عشاءها السنوي الخيري في مطعم “دار القمر” في طرابلس برعاية الرئيس المكلف سعد الحريري ممثلا بعضو المكتب السياسي في تيار “المستقبل” الدكتور مصطفى علوش، في حضور وزير الدولة لشؤون النازحين في حكومة تصريف الأعمال معين المرعبي ممثلا بعقيلته عزة المرعبي، مفتي طرابلس والشمال مالك الشعار، احمد فتفت وعقيلته رولا فتفت، المطران إدوار ضاهر، نقيب المهندسين بسام زيادة، نقيب المحامين محمد المراد ممثلا بعقيلته فاطمة المراد، شفيقة بدر ونوس، أعضاء المكتب السياسي في تيار “المستقبل” محمد صالح، هيثم مبيض، ربى دالاتي وعامر حلواني، رئيسة الجمعية غنى الأسطى علوش وحشد من محبي الجمعية وداعميها.
الأسطى علوش
بعد النشيد الوطني، وكلمة ترحيب من غادة حروق، ألقت غنى الأسطى علوش كلمة، فقالت: “لا شيء أجمل من اجتماع الأصدقاء في هذا المساء الماطر بالخير والبركة والمحبة. وجمعتنا اليوم، هي كما كانت دائما، بهدف الخير ولتعميم الخير قدر الإمكان، لإخوة وأخوات لنا في هذه المدينة الصابرة، بأحيائها القديمة قدم الزمن. فصبر أبناء مدينتنا على الضيم وإصرارهم على الخير، يشابه صبر النبي أيوب يوم كابد وعانى ولم يفقد في يوم من الايام إيمانه بأن الغد هو الأمل بالفرج. الأمل بالفرج في عالمنا هذا لا باب له إلا العلم والمعرفة، ولا مدخل إليه إلا من خلال أبواب المدرسة. وصبر أهالينا الذي يشابه صبر أيوب هو إصرارهم على إبقاء أبنائهم في المدرسة. ودورنا في دعم هذا الأمل هو مساعدة الأهل على إبقاء أولادهم في المدرسة ودعمهم للنجاح في دراستهم. وهكذا يتحقق جزء من العدالة لهم، من خلال إعطائهم الفرصة لتحقيق ذاتهم وإبراز مهاراتهم الكامنة. حقهم علينا هو مساعدتهم في العلم، بالرغم من الصدف التي وضعتهم في مكان لم يسعوا هم إليه”.
اضافت: “صحيح أن الحرب في مدينتنا أصبحت لحسن الحظ وراءنا، فنعمة النسيان هي خير ما فينا لأنها تسمح للبشر بالمضي قدما، لكن في مدينتنا مناطق لم تشف بعد شوارعها وبيوتها وشبابيكها من جروح الرصاصات التي نخرتها، وزرعت الخوف في قلوب أبنائها، وزرعت معها انعدام الثقة وضمور الأمل لدى يافعيها، الأمل بأن غدهم هو فعلا كغد أيوب يوم حلت الرحمة عليه وعوض الله له عن معاناته”.
وإذ أوضحت ان الجمعية “منذ ثلاثة عشر سنة، أخذت على عاتقها جزءا من العبء الثقيل والمتشعب، لإعادة بعض الأمل لبعض من أبنائنا وشبابنا، من خلال باب واحد، رأينا انه الباب الأسلم لمنحهم الفرصة لتحقيق ذاتهم، وهو باب الدعم المدرسي والمهني والجامعي”، عددت المشاريع التي قامت بها، وقالت: “كانت الإنطلاقة من مدرسة إبتدائية رسمية صغيرة للاناث في قلب باب التبانة، وكان المشروع الطموح هو تأمين الدعم المدرسي لطالبات الصفوف الإبتدائية في تلك المدرسة بعد الدوام الرسمي، وكذلك تأمين الغداء لهن. استمر هذا العمل لمدة ثلاث سنوات متتالية، انتقلنا بعدها لتنفيذ هذا المشروع ولا نزال لغاية اليوم في مركز جمعيتنا في التبانة – شارع الشهيد خليل عكاوي. كل هذا بتمويل ذاتي ودعم دائم من الأصدقاء المؤمنين برسالتنا والواثقين بعملنا.كما عملنا على مشاريع تنموية أخرى متعددة منها الايام الصحية المجانية ودورات للتوعية”.
واكدت ان “هدفنا الدائم هو التنمية البشرية طمعا في تمكين الشباب والنساء والأطفال. عملنا على برامج تدريب مهني للشباب والشابات وعلى برنامج تعليم الانكليزية للنساء لمدة أربعة أعوام على نطاق النصف الشمالي للبنان. هذه البرامج الكبيرة كانت بتمويل من عدة جهات مانحة.اما حاليا فنحن نعمل على برنامجين متوازيين. الاول بتمويل ذاتي، وهو برنامج الدعم المدرسي ل 90 طفلا في مركز جمعيتنا في التبانة، حيث يحضرون يوميا الى مركز الجمعية، ويتم مساعدتهم في دروسهم اليومية، ويحضرون لامتحاناتهم الشهرية والنهائية. هذا العشاء هو لتمويل هذا المشروع الخيري بإمتياز”.
واعلنت ان “المشروع الثاني فهو برنامج HOPE او طموحي، الممول من السفارة الاميركية في بيروت لدعم مئة طالب من الجامعة اللبنانية ماديا واكاديميا ومعنويا. هذا البرنامج هو اول برنامج تموله السفارة الاميركية في بيروت لدعم طلاب من الجامعة اللبنانية، بعد ان كانت السفارة قبل هذا المشروع تدعم فقط طلابا في الجامعة الاميركية في بيروت والجامعة اللبنانية الاميركية. وإستطاعت جمعيتنا ان تقنع ممولي المشروع بضرورة دعم طلاب الجامعة اللبنانية، فكان مشروع HOPE. ونعمل حاليا على دراسة سبل توسيع المشروع ليشمل أكبر عدد من المستفيدين لما لمسناه من تجاوب من الطلاب مع هذا المشروع. هذه رؤيتنا وهذه إنجازاتنا وهذه برامجنا، أشكر كل من دعمنا خلال 13 سنة. ولكم مني التحية والسلام. وسيبقى شعارنا دائما نعمل معكم لغد أفضل”.
ممثل الحريري
ثم ألقى الدكتور علوش كلمة، فقال: “شرفني دولة الرئيس سعد الحريري بتمثيله في عشاء الجمعية كتعبير جلي عن تقديره لعمل الجمعيات الأهلية في إسناد العمل الإجتماعي ودعمه في شتى الأطر. إن هذه الجمعيات هي أبلغ تعبير عن الرقي المدني والإنساني الذي يسعى إلى تعميم التضامن داخل المجتمع الواحد كسبيل لتأمين الإستقرار للمجتمع من خلال دعم الفئات الأكثر حاجة للمساعدة”.
أضاف: “هذا المجهود المشكور الذي وإن كان ينبع من رغبة المساهمين في رضى الضمير ورضى الخالق، لكن هذا العمل هو مساهمة شديدة الأهمية على المستوى الأهلي والوطني، لأن تأمين بعض العدالة الإجتماعية هو خطوة أساسية في سبيل تأمين السعادة للناس، والسعادة والمسرة بين الناس هو عنوان الحكم الرشيد، بدل شعارات النصر الفارغة والهتافات الطنانة الرنانة التي تعد الناس دائما بالمزيد من الموت والدمار والأسى والفقر”.
ورأى أن “دور الحكم الرشيد ليس في الخطابات من وراء المنابر لتحشيد الناس لمزيد من الإستشهاد، بل لمزيد من الشهادات من الجامعات والمعاهد العليا يتخرج منها أبناؤنا لتأمين مستقبلهم، ويفرحون قلب أهاليهم بدل الحسرة على غيابهم أمام صورهم المعلقة على الحائط مكللة بالسواد”.
ولفت الى أن “هذه بالنسبة لنا رسالة الرئيس الشهيد رفيق الحريري يوم أتى إلى لبنان لانتشال شبابنا من عالم اليأس والموت العبثي في الحرب العبثية والتعصب الأعمى وشعارات الغوغاء وهتافات بحياة زعيم ما وبموت آخر”، مشددا على أن “أساس الحكم الرشيد هو تأمين السلم والإستقرار وفرص العمل للناس، وهذا ما عمل عليه رفيق الحريري منذ اليوم الأول لوجوده في الحكم، فاتهم بشتى الإتهامات لمجرد أنه أراد استنقاذ الناس من اليأس، في حين أن اليأس والفقر والحرمان هي عدة الشغل لدعاة الموت والدمار والتعطيل الذين لا وجود لهم في خارطة الوجود من دون الحروب”.
وتابع: “لقد أصبح بلدنا متميزا بهدر الفرص المتاحة له منذ ولادته في الثاني عشر من تشرين الثاني سنة 1943. هدرنا الفرص بغوصنا في الشعارات القاتلة والمشاريع الإنتحارية يوم ظننا أن أبناءنا تهون أرواحهم سعيا وراء شعارات لم تكن إلا طبولا فارغة تنظم وقعها عقول، إما فارغة، أو خبيثة، والنتيجة ذاتها في الحالتين. مزيد من التخلف والهوان. وفي العقود الثلاثة الماضية هدرنا فرص تأمين الإستقرار وهدرنا المساعدات التي منحت لنا في سبيل ذلك من مؤتمرات باريس المتعددة والآن نسعى إلى هدر فرصة جديدة بسيدر واحد”.
واشار الى أنه “كان من المفروض اليوم أن نكون في وسط ورشة تحقيق مقتضيات مؤتمر سيدر واحد كفرصة جدية لإنتشال الوضع الإقتصادي من المستنقع المفروض على حياة اللبنانيين، لكن كما شهدتم من خلال شريط الأمور منذ أكثر من ستة أشهر أن الإصرار على الإلتفاف على الدستور وفرض الشذوذ كأمر واقع ليتحول إلى عرف أدى إلى تعطيل كل شيء وإهدار المزيد من الفرص”. وأكد أن “ما شهدناه في الأسبوعين الماضيين من شذوذ واضح عن منطق القانون والقضاء، ما هو إلا نتيجة حتمية لمنطق البلطجة والإستقواء على الدولة -المخولة وحدها حمل السلاح، وهدر دماء الناس لتغطية الشذوذ الوطني والأخلاقي وتحويل حرمة الدم إلى مهرجانات هزلية وحفلات تهريج”.
واعتبر أن “الإجتهادات المطروحة حتى الآن قاصرة عن الوصول إلى حلول وانتاج الحكومة، فلا يمكن إغراء سعد رفيق الحريري بعدد الوزراء لتمرير الشذوذ على القواعد الدستورية في تأليف الحكومات، حكومات تؤمن العمل المهني بدل إدخال عناصر شغب لتعطيلها وفرض الشلل عليها. لكن، وبالرغم من كل ذلك، وبالرغم من الضوضاء وحملات التهويل والتهديد خارج اطار الدستور، وبالرغم من محاولات تحريف الوقائع وحرف الإنتباه عن الأساس، فإن الرئيس سعد رفيق الحريري لن يكل ولن يمل في محاولاته لإعادة الأمل والإستقرار إلى الناس، ولن يستقيل من مهمة استشهد من أجلها الرئيس رفيق الحريري”.