يعرف الكثير منا أن التأمل جيد في جوانب كثيرة، فهو يساعد على تقليل التوتر وزيادة التركيز والتئام الذات.. لكن الاستماع إلى فوائد غير ملموسة مثل ترويض العقل، لا يعد أمراً مقنعاً بالنسبة للأشخاص الذين لا يقدرون على التأمل، فالجلوس بهدوء بينما ينصب تركيز العقل على أمر واحد مع الاسترخاء يعد ممارسة بالغة الصعوبة.
نتائج ملموسة
فبحسب موقع ” Care2″، تتحول ممارسة التأمل بدون نتائج ملموسة إلى مجرد القيام بشيء مثل الكثير من الأعمال المملة. لكن هنا فائدة مدهشة لا بد من الانتباه إليها وهي أنه يمكن تؤدي ممارسة التأمل بشكل منتظم إلى تغيير تعبيرات جينات الإنسان.
ترددت مقولات لسنوات طويلة مفادها بأن الجينات غير قابلة للتغيير، وأن الجينات التي ولد بها الإنسان، هي نفسها التي يتمسك بها طوال حياته. إلا أن نتائج دراسة علمية جديدة أظهرت تغير هذه الأقاويل وأثبتت عكسها موثقة بأدلة علمية راسخة.
بحث من هارفارد
وكشفت الدراسة، التي أجراها باحثون من جامعة هارفارد، كيف يؤثر الاسترخاء على الإنسان، وتحديداً على المستوى الجزيئي.
وسعى الفريق لمعرفة ماهية العمليات الجزيئية التي يخضع لها الجسم من أجل الحد من ضغط الدم وارتفاعه، من خلال ممارسات مثل التأمل.
وقام المشاركون في الدراسة بممارسة تداخل العقل والجسم بشكل منتظم، خلال فترة شهرين، بينما عكف الباحثون على رصد ما طرأ من تغيرات على جينومات المشاركين.
وحدد الباحثون 1771 جيناً يتم تنظيمها من خلال استجابة استرخاء الجسم. فهناك أكثر من ألف جينة في جسمك تستطيع السيطرة عليها فقط بالتأمل والاسترخاء.
وظائف الجينات
هذه ليست مجرد جينات للزينة، إنما هي جينات تنظم الاستجابة الالتهابية والجهاز المناعي، واستقلاب الغلوكوز، وعمل القلب والأوعية الدموية، وحتى الإيقاع اليومي. ويمكن تغيير كل منهم والتحكم بها عن طريق الحصول على استجابة للاسترخاء داخل الجسم.
كما يمكنك في الواقع جعل نفسك أكثر صحة على المستوى الجيني من خلال التأمل.
نصائح مفيدة
إذا كنت قد بدأت للتو بممارسة التأمل، حاول ألا تفكر في الأمر على أنه “تأمل”، خاصة إذا كانت هذه الكلمة تعني مشاعر الملل ونفاد الصبر بالنسبة إليك. وبدلًا من ذلك، فكر في ممارستك الجديدة باعتبارها “الاسترخاء المركّز”. وليكن التحدي هو كل شيء في ذهنك.
طرق للتأمل
لا يوجد طريقة واحدة للتأمل أو الاسترخاء. يمكنك ممارسة التأمل بمسح جسمك من الرأس إلى أخمص القدم وإطلاق التوتر الخفي من خلال التصوير الذهني.
كما يمكنك أن تجلس وتسرع بعمل بعض الـ”مودراس” mudras، وهو عبارة عن مجموعة حركات تؤدى باليد لتقود تدفق النشاط الجسدي. والشائع أن هناك 10 حركات مودراس لتحسين مستويات الصحة والنشاط، ثم كرر ترديد الـ”مانترا”، وتعني mantra في اللغة السنسكريتية نوعاً من التمتمة، أو كلمة مقدسة أو صوت غامض، أو مجموعة كلمات، يعتقد ممارسوها أنها تجلب قوى نفسية وروحية.
تمرينات التنفس والرقص
ولا يقتصر التأمل على مجرد الجلوس صامتاً متأملاً، حيث يمكنك ممارسة تمارين التنفس العميق مثل فيم هوف، الرياضي الذي اشتهر بالجري في سباقات الماراثون، وهو حافي القدمين، على الجليد. كذلك اشتهر بغمر جسمه في درجات التجمد لمدد طويلة، على نمط أهل التبت. وبفضل ممارساته هذه، اخترع 6 طرق للتنفس.
يمكنك أيضاً التمرين على التأمل عبر الجري لمسافات طويلة أو الرقص.
أما ان النقطة المهمة فهي أن تجعل التأمل يؤدي العمل من أجلك. ولو أنك أغلقت بالفعل ذهنك المهتز، وخلقت لنفسك بيئة ارتخاء عقلي، فليس مهما بعد ذلك الى أين تصل. فأنت تتأمل.