اعتبر وزير المهجرين غسان عطاالله، في حديث الى برنامج “لبنان في أسبوع” الذي تعده الزميلة ناتالي عيسى وتقدمه عبر “إذاعة لبنان”، ان “مشكلة المهجرين في لبنان اكبر من تعويضات مادية لان المشكلة في النفوس وليس في الفلوس، والمنطق الطبيعي ان مبلغ 30 مليون ليرة لا يغري شخصا للعودة الى قريته وإعادة إعمار أملاكه فيها، بينما الذين يعودون يفعلون ذلك بسبب الحنين والذكريات في قراهم”. وقال: “إذا لم نعد الارتباط بين الناس ولم نزل من أذهانهم مشاهد الحرب البشعة ولم نؤكد لهم أن ذلك المشهد لن يتكرر، فأموال الدنيا لن تعيد المهجر الى قريته”.
ولفت الى أنه عمل منذ استلام وزارته على “إجراء لقاءات حوارية تجمع الناس ليقولوا الحقيقة، وان القداس الذي أقيم في الجبل كان بهدف تمتين المصالحة التي ليست حكرا على أحد”، مشيرا الى أن “الرحلة التي كان من المفترض ان تقام غدا كانت ستضم وفودا من المهجرين مع اهالي المناطق التي تهجروا منها، بوجود عدد من الاعلاميين وموظفي وزارة المهجرين، وهي لاقت ترحيبا كبيرا من اهالي تلك المناطق، إلا أن الزيارة أرجئت بسبب الاوضاع في الجبل وخوفا من فهمها بشكل خاطىء او محاولة بعض المغرضين حرفها عن أهدافها”.
وأسف لان “الناس متعطشة للقاء والتواصل والفرح ورؤية لبنان الجميل، في مقابل تعطش البعض للدم ولقطع الطرقات”، متوجها لهؤلاء: “أنتم أقلية ولن نسمح لكم بتخريب البلد. نحن لا نريد الحياة التي تستلذون انتم بها. نحن في الشوف وفي كل لبنان نريد ان نعيش سويا لاننا مسالمون ونحب الحياة ونريد مستقبلا أفضل لأولادنا”.
واستغرب “اعتبار البعض أن حادثة قبرشمون ستمر بسهولة”، داعيا إلى “عدم الاستخفاف بما حصل لأن في الأمر محاولة اغتيال وزير في الحكومة، ولا يمكن تصوير الأمر بخلاف ذلك”، معتبرا ان “من واجب المرافق ان يحمي الوزير الموكل بحمايته حين يتعرض للخطر”، داعيا الجميع إلى أن “يكونوا تحت سقف القانون ويسلموا المرتكبين ويتركوا القضاء يأخذ مجراه”.
وشدد على أن “حكمة رئيس الجمهورية يمكنها تهدئة الأجواء والوصول الى خواتيم افضل لانه “بي الكل” وهمه الدائم الحفاظ على سلامة البلد وعلى العلاقات المميزة بين كل الاطراف. هو راع لكل المصالحات من اجل ايجاد الحلول والتهدئة”. وقال: “ما جرى لا يمكن حله ب”بوس اللحى”، فهناك قانون وانسان يجب ان يتعلم من اخطائه، إذ لا يمكننا بناء دولة بلا هيبة ومن دون حساب وثواب وعقاب. سقط شهيدان دمهما لم يبرد بعد، لذلك لا يمكننا اعتبارها حادثة مرت مرور الكرام، خوفا من تكرار هكذا حوادث”.
أضاف: “نعيش في البلد مع مشكلة عمرها أكثر من ثماني سنوات، وهي أن البعض كان يعيش ضمن أحجام لا تتطابق مع الواقع بسبب الحال بعد العام 1990 وغياب عدد كبير من الزعامات الحقيقية والتعاطي مع شعبيات كبيرة بسياسة العصا والجزرة والترهيب والقوة، فتمت تعبئة الفراغ بالفراغ. أما اليوم، فالأمور تأخذ مجراها الطبيعي، وعاد الزعماء الحقيقيون من خلال قانون انتخاب يعطي كل إنسان حقه، وبالتالي، حصل فرق في الحياة السياسية بين ان تكون صادقا وشريفا وتتعاطى مع الناس بطريقة مقنعة، وبين ان تكون زعيما مناطقيا إقطاعيا تتعاطى مع الناس بطريقة فوقية. هناك بعض المسيحيين كانوا نوابا ووزراء في حين ان الواقع لم يكن يسمح لهم بأن يكونوا رؤساء بلديات في مناطقهم، اختفوا اليوم عن الساحة”.
ورفض ما يقال عن استفزاز فريقه للآخرين، معتبرا ان “الاستفزاز الذي يتهمون به هو في سبيل تمتين المصالحة وتدعيمها وربط الطوائف والمذاهب بعضها ببعض والانفتاح والبعد عن التقوقع، وما يتهم به “التيار الوطني الحر” بنبش القبور، فالتيار لم يشارك في الحرب الاهلية، بل من شارك وقتل هو من يتحمل مسؤولية نبش تلك القبور وكشف مصير من قتلهم”.
واستغرب “خوف البعض من ذهاب القضية الى المجلس العدلي”، معتبرا ان “هؤلاء الرافضين هم من ارتكبوا الجريمة ولا يريدون ان يحاسبوا جراء ما اقترفوه”.
وفي الموضوع الحكومي، رأى ان “اجتماع مجلس الوزراء قد يتأثر باجتماع جلسات مجلس النواب، مع وجود عدد كبير من طالبي الكلام”، داعيا إلى “انعقاد الحكومة بأسرع وقت لان الناس تعبت”، مشيرا الى ان “الاجواء أجواء تهدئة والامور نحو الافضل، وانا على قناعة بأن وليد جنبلاط شخصيا لن يغطي مجرما ولن يسمح بأن يتكرر حادث كالذي حصل”.
وفي ملف الموازنة، أشار إلى أن “لجنة المال عملت على الموضوع بكل مهنية وبطريقة علمية، واستطاعت الوصول الى نتائج إيجابية لجهة تخفيض العجز”، داعيا المجلس النيابي إلى “العمل مجتمعا لتخفيض العجز اكثر، لأن البلد وصل الى حال تستدعي تعاون الجميع لايصاله الى بر الامان”. وقال: “سنشهد نتائج “سيدر” بعد إقرار الموازنة، والتأخير الذي حصل هو لمصلحة الناس لأنها المرة الاولى التي تناقش فيها الموازنة بهذا الشكل العلمي وبالتفاصيل وبرؤية اقتصادية مهمة”.
وبالنسبة إلى التعيينات، شدد على ان “الاولوية للكفاءات قبل أي اعتبار آخر. نحن لدينا الجرأة لمحاسبة من يخطىء من تيارنا السياسي والاعلان عنه، ورأينا ماذا ورثنا من خلال التعيينات السابقة”.
ووصف العلاقة مع “القوات اللبنانية” ب”الجيدة”، مشيرا الى أنه كان مجتمعا أمس مع النائب انطوان حبشي لمناقشة موضوع مهجري القاع ورأس بعلبك وغيرها من المناطق، وأن حبشي سيكون على رأس مستقبليه الاسبوع المقبل خلال جولته في القاع ورأس بعلبك، وقال: “بعد 25 عاما على إنشاء وزارة المهجرين، لم يزر أي وزير القاع او عكار، لذلك يتم رشقنا بالحجارة لاننا نعمل بالشكل الصحيح”.
واعلن عطاالله جهوزيته للقاء النائب تيمور جنبلاط “لوضع تصور مشترك للمنطقة ووضع اليد بيد الآخر لما فيه مصلحة الشوف وعاليه، لأننا جيل جديد لم يشارك في الحرب، وباستطاعتنا فهم بعض والتعاون سويا بشكل أكبر”. وختم: “يدي ممدودة للمشاركة في جلسة طويلة ومناقشة كل التفاصيل وبناء صفحة جديدة والخروج بصورة جديدة للمنطقة. هذه هي لغتنا وهذه هي مدرسة ميشال عون عندما أزلنا الحواجز في العام 88 ونادينا الطرف الآخر للتلاقي”.