منذ سنوات، يعيش اللبنانيون العابرون على الطريق بين نهر الكلب وطبرجا «جحيم زحمة السير» اليومي وعلى مدار الساعة، يحترقون من نار الانتظار الذي يطول لساعتين لعبور مسافة 10 كلم. وبين التحليلات والنظريات حول أسباب الزحمة المتعددة التي تبدأ من انحسار الطريق من أربعة خطوط في ضبية إلى ثلاثة وصولاً إلى خطين مع الاقتراب من صربا ولا تنتهي عند بقاء الطريق على ما هي عليه منذ الستينات حيث لم يكن عدد السيارات في لبنان حينها يتخطى العشرين ألفا، واليوم يصل إلى المليونين، بالإضافة إلى التعديات والمخالفات التي شيدت خلال الحرب. كل ذلك حوّل هذه الطريق إلى «موقف» كبير للسيارات لا خلاص منه خصوصا لأولئك الذين يعبرونه يومياً، سوى بحل ناتج عن دراسة يقدمها الاختصاصيون، تكون ذات منفعة عامة، بعيداً عن الحسابات والمصالح الخاصة، ما يجعل العابرين عليها خصوصاً سكان المناطق الكسروانية يتنفسون الصعداء على المستويات كافة إذ إن العقارات في المنطقة قد انخفضت أسعارها كما بات الطلب على الشقق والمنازل أقل من السابق حتى أن الكثير من القاطنين هناك يبيعون منازلهم، لأنهم يفضلون السكن في مناطق قريبة من العاصمة، وبالتالي الهروب من جلجلة عذاب الزحمة اليومية.
هاجس العبور من نهر الكلب إلى طبرجا، مرشح لأن يتبدد في المستقبل القريب حيث أكد رئيس بلدية جونيه جوان حبيش في حديث مع «المستقبل» أن مشروع توسيع الطريق سينطلق من نهر الكلب إلى طبرجا، على مسافة 10 كلم، في النصف الأول من العام 2018، مرجحاً أن يكون التلزيم في شباط المقبل لأننا الآن في مرحلة يقدم فيها المتعهدون عروضهم، ويستمر العمل في المشروع بين سنتين و5 سنوات حسب المتعهد والسرعة في العمل، لافتاً إلى أن المشروع يتضمن توسيع الطريق الحالي، ويسمى «الأوتوستراد الساحلي»، حيث ستزال كل التعديات على الطريق القديم، ليصبح الأوتوستراد 4 خطوط في كل اتجاه، وهو مموّل من الاتحاد الأوروبي على شكل قروض بقيمة 85 مليون يورو، وأمواله أصبحت جاهزة كما أن الدولة صرفت سنة 2016 مبلغاً للاستملاكات، بقيمة 36 مليون دولار. كما تحدث عن دراسة تسير بنمط سريع لاستلحاقها بالاوتوستراد الساحلي، وهي كناية عن أوتوستراد علوي فوق الأوتوستراد الساحلي، يمكنه تخفيف الزحمة الى النصف تقريباً، وهناك مصارف لبنانية تعرض أموالاً لتمويله.
وشرح حبيش «الطريق المستخدمة حالياً، أنشئت في الستينات حيث كان عدد السيارات في لبنان نحو 20 ألفاً، وكان يتّسع لهذا العدد من السيارات. من حينها، وفيما يبلغ عدد السيارات في لبنان اليوم المليونين، لم يطرأ أي تطور على الطريق، بل إن شبكة الطرقات هي نفسها. مشكلة أزمة السير بدأت منذ أوائل الثمانينات، حيث وضعت حينها الدراسات ولم ينفّذ منها أي شيء إنما اقتصرت الأعمال على التزفيت فقط. وسنة بعد سنة، ازدادت المشكلة في ظل غياب وسائل نقل أخرى لتخفيف استخدام السيارات. وتحولت الطريق إلى موقف كبير للسيارات»، مشيراً إلى أن «الدراسة التي تمّ اعتمادها مؤخراً، مبنية على مشروع استملاكات لتوسيع المسارات كي يمكنها استيعاب 4 خطوط سير في كل اتجاه. خط للخدمة (أي للسيارات التي ستتوقف عند المؤسسات التجارية)، و3 خطوط سرعة».
ولفت إلى أن «الدراسات بقيت حبراً على ورق على مدى الأعوام السابقة، إلى حين 2016 حيث صرفت الدولة مبلغاً للاستملاكات، بقيمة 36 مليون دولار سنة 2016، من نهر الكلب إلى طبرجا في حين أن المبلغ المؤمّن للأوتوستراد الساحلي الجديد هو قرض من الاتحاد الأوروبي بقيمة 85 مليون يورو ومن بعض الدول الأوروبية»، مشيراً الى أن «الأوتوستراد الذي سيصبح 4 خطوط بكل اتجاه لا يستوعب كل تلك الزحمة، لذلك كان اقتراح بالذهاب الى الأنفاق والجسور، لكن هذا يتطلب وقتاً. أفضل المشاريع المعروضة اليوم، هو إضافة أوتوستراد علوي، يتألف من 4 خطوط، إثنين بكل اتجاه، تتم دراسته بشكل جدي ويعمل على الدراسة بوتيرة سريعة لبحث إمكانية تنفيذه بالتوازي مع توسيع الطريق الحالي، وهو الأقل كلفة والأسرع تنفيذاً مقارنة مع المشاريع الأخرى، ومن اليوم حتى نهاية العام يكون الأمر قد بتَّ سلباً أو ايجاباً».
ويتابع «كل 24 ساعة، تمر من نفق نهر الكلب باتجاه الشمال 120 ألف سيارة، 60 ألفاً منها تتحول إلى مناطق كسروان، والنصف الآخر باتجاه جبيل والبترون والشمال. وبالتالي هذه السيارات ستستخدم الأوتوستراد العلوي الذي سيستوعب 60 ألف سيارة في كل اتجاه خلال 24 ساعة، وتلقائياً تخف أزمة السير على الأوتوستراد المنوي توسيعه»، مشدداً على أنه «لا يجوز جعل آلاف الناس يعانون على الطرقات يومياً لساعات ليصلوا إلى عملهم، وبالتالي من الضرورة بمكان تغليب المصلحة العامة على المصلحة الخاصة. أنا المالك الأكبر على هذا الخط، لكن لا يجوز الاعتراض على الاوتوستراد المنوي توسيعه بسبب مصلحة خاصة أو منفعة شخصية خصوصاً أن هناك اختصاصيين يقدمون الدراسات ويقوّمون الوضع، ولا يجوز اتخاذ الخيار الخاطئ أو التعاطي مع الأمور بشكل عشوائي. الإدارة يجب أن تأخذ قراراً في هذا الشأن. في الماضي، كانوا يقولون إن التجار وأصحاب المؤسسات على الأوتوستراد لا يتوافقون مع آراء البلدية، وبالتالي يتم ايقاف المشروع، لكن لا يجوز أن ينتفع بعض المستفيدين مقابل تعطيل 120 ألف سيارة، تستغرق ساعة ونصف الساعة للعبور من جونية إلى نهر الكلب».
وأكد أن «الخسارة السنوية جراء زحمة السير، في الـ 10 كلم، لا تقل عن 150 مليون دولار إن كان لناحية استهلاك البنزين والسيارات، والتلوث البيئي، وساعات العمل الضائعة على الطريق ما عدا التأثير على الوضع الاقتصادي في المدينة إذ إن الناس يتخوفون من الزحمة في جونية وبالتالي لا يقصدونها حتى أن العقارات انخفضت قيمتها، والمنازل والشقق لا تُباع، كل ذلك بسبب الزحمة. يجب الأخذ في الاعتبار كل هذه الأمور، وتقويم السلبيات والإيجابيات لكل مشروع. والقرار اليوم في توسيع الطريق هو القرار الصح، وبالتالي إزالة المخالفات والتعويض على الناس حيث صدرت أحكام منذ أسبوعين للتعويض على المالكين والمخالفين».
وشدد على أن «هذا المشروع ليس لجونية إنما هو صلة وصل بين الشمال وكسروان والعاصمة بيروت. إنه طريق أساسية تربط نصف لبنان بنصفه الآخر. لذلك، التفكير بهذا المشروع ليس لحل مشكلة تخص جونية بل مشكلة نصف لبنان»، مؤكداً أن «المشروع على سكة الانطلاق ولا يجوز المماطلة أكثر من ذلك. يبدأ التلزيم ابتداء من شباط 2018، أما مدة التنفيذ، فهناك اختلاف في الآراء إذ إن البعض يقول إنه يتطلب 5 سنوات، والبعض الآخر 3 سنوات. وهناك آراء تشير الى أن المشروع ينتهي العمل به خلال سنتين»، معتبراً أنه «بقدر ما يكون المتعهد جدياً والمراقبة جيدة، يكون التنفيذ أسرع. والمشروع بعهدة مجلس الإنماء والإعمار».
وتحدث عن مشاريع كثيرة متعلقة بالنقل، «لكن لا استراتيجية كاملة متكاملة لخطة النقل في لبنان، بل مشاريع بالمفرّق»، معتبراً أن «كل وسائل النقل يجب اعتمادها لحل أزمات السير، من سكك حديد وباصات وتوسيع الطرقات، وكل شيء وارد، لكن تبقى العبرة في الإرادة والتنفيذ».