خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
يغرق السياسيون في لبنان، على مختلف مواقعهم ونواياهم، في نوع من حروب “طواحين الهواء”، فتدور المواقف والخطابات بين عبثيّة، وغير مجدية..ولا تصل بالوضع اللبناني المعقّد إلى مكان!
حزب الله، منتشياً بالقبض على مفاصل وأنقاض الدولة اللبنانية، يدور حول نفسه في الحرب المفتوحة مع إسرائيل وفي موقعة رئاسة الجمهورية.فهو إذ يصعّد من معاركه الكلاميّة مع العدو الإسرائيلي في لبنان، يجد نفسه مضطرّاً للعضّ على الجرح في العدوان اليومي عليه وعلى المواقع الإيرانية في سوريّا، وكأنّ هناك إسرائيل “لبنانية” تختلف عن تلك التي في سوريّا..كما أنّه في الإستحقاق الرئاسي، إذ ينتظر موافقة حليفه جبران باسيل على تسمية مرشّحه المفترض سليمان فرنجيه، يعلن من منبر بكركي أنّه منفتح على ترشيح قائد الجيش جوزيف عون، بمعنى أنّ فرنجيه (كما هي حال ميشال معوّض) مرشّح مبدئي وليس بالنهائي، كما فعل منذ أكثر من 6 سنوات في معركة إيصال ميشال عون الى قصر بعبدا..أو الفراغ!
رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي يخوض أقصى معاركه عند حدود عقد أو عدم عقد جلسة للحكومة.وفي المقابل يمارس باسيل أقصى أساليب التعطيل، ليس إلّا، إن في منع انعقاد جلسات ميقاتي الميمونة، وإن في منع حصول الجلسة الثانية في الإستحقاق الرئاسي!
أطياف المعارضة يشاركون بجدّية مطلقة في المنازلة، لكنّهم عمليّاً كمن يحارب طواحين الهواء، إذ يعجزون عن التوافق فيما بينهم، كما يعجزون عن التقدّم ولو خطوة إلى الأمام، بانتظار الخطة “ب” أو الخطّة “ج”.ولعلّ العبثيّة القاتلة إنّما تتجلّى في أحوال النوّاب التغييريين الذين سجّلوا سرعة قياسيّة في عمليّة الوصول – مجتمعين أو فرادى – إلى الحائط المسدود.فلا هم قادرون على صنع التغيير، ولا هم يعرفون كيف يتكيّفون مع محيطهم الجديد – القديم!
المشكلة كلّ المشكلة أنّ كلّ هذه الحروب الدائرة لا تطعم خبزاً، ولا توفّر ضوء..ولا حتّى تفتح كوّة في الحصار السياسي الخانق..والمشكلة الأكبر والأخطر أنّ اللبنانيين لم تعد تسلّيهم بطولات المقاومة، ولا مبارزات ميقاتي – باسيل، ولا محاولات المعارضين، ولا جدليّات التغييريين، بل باتت كلّ هذه “الطواحين..” تقضي شيئاً فشيئاً على ما تبقّى لهم من قوت وقوّة وبصيص أمل!