خاص Lebanon On Time -خالد أبو شام
بعد الحوادث الأمنية المختلفة التي تهزّ مدينة طرابلس يوميا من قتل وسلب وإشكالات متعددة، تعود بنا الذاكرة إلى السنوات المنصرمة والتي ليست بالبعيدة إبّان تخلّي الدولة عن عاصمة الشمال وتركها عُرضةً للاقتتال الداخلي و المعارك العبثية بين باب التبانة وجبل محسن لأجندات سياسية مفضوحة، عادت العين على طرابلس التي يُرادُ جعلها مرة أخرى صندوق بريد لتصفية الحسابات، وخصوصًا بعد الحادثة الدامية التي وقعت في محال لبيع الهواتف النقالة في منطقة التل، والتي راح ضحيّتها ٤ قتلى.
و حِيالَ هذه الجريمة المليئة بعلامات الاستفهام، نأمل من القوى الأمنية كشف ملابسات الحادثة المستنكرة من خلال التحقيقات، وكشف طبيعة هذه العملية التي من الممكن أن يكون وراءها لمسات إرهابية هدفها خلق حالة من النفور والكراهية بين أبناء المدينة الواحدة، لإشعال نار الفتنة ونشر الفوضى في هذه المرحلة الدقيقة التي يمرّ بها لبنان، من أجل شيطنة طرابلس وإلباسها ثوب الإرهاب والتطرّف الذي لطالما نبذته ، واختارت عليه السلام، و استطاعت بجدارة تحصيل لقب عروس الثورة، متمسّكةً بمفهوم الدولة والمؤسسات.
وفي هذا الصدد، استفاقت المدينة اليوم على مداهمة كبيرة جرى تنفيذها من قبل الجيش اللبناني ومخابرات الجيش بمواكبة الطيران الحربي التابع للقوات الجوية الذي أمّن الاستطلاع القريب، ووسطَ انتشار أمني واسع، وذلك بعد معلومات عن وجود مجموعة متطرّفة في زيتون أبي سمراء، ليتبيّن بعد انتهاء المداهمة أن الخبر عاري عن الصحة، حيث لا أساس لوجود أية خلايا إرهابية في المنطقة، وإنَّما جرى توقيف بعض الأشخاص بجرائم مختلفة من سرقة وترويج مخدرات، و مصادرة بعض أسلحة الصيد والرمانات اليدوية. مما يثير الشكوك حول المحاولات المتتالية لشيطنة المدينة وخلق حالة من الرعب والذعر في نفوس سكانها، وتلبيسها عباءة الإرهاب في محاولة لتطويعها بعدما ثارت على الظلم، ورفضت الخضوع لسياسة التجويع والتفقير، وكانت رأس حربة في نصرة أية قضية محقّة على طول الأراضي اللبنانية، فإلى متى ستبقى هذه المدينة منبوذةً من قبل الدولة التي أمعنت في حرمانه من كلِّ حقوقها رغم وجود فيها كل مقومات النهوض والازدهار؟
وهل ستترك الدولة هذه المدينة التي طالما تمسّكت بها ورفضت الاقتتال والفوضى ، لقمةً سائغة لمخططات الفتنة وأعداء الوطن؟