يترقّب اللبنانيّون المتغيّرات التي سيُنتجها القانون الجديد في الاستحقاق النيابي المقبل، وتتّجه الأنظار شمالاً إلى دائرة طرابلس ـ الضنّية ـ المنية، إذ تشير المعطيات الأوّلية إلى انقسام الأصوات ما بين الثلث للضنّية والمنية والثلثين لطرابلس؛ كذلك تشير الإحصاءات الأوّلية إلی ضرورة نَيل أيّ لائحة نحو ١٨ ألف صوت للتأهيل لاحتسابها من بين اللوائح لتحظى بمقعد نيابي.
صحيح أنّ الانتخابات تبدو هذه المرّة مختلفة، بما فيها إمكانية أن يحظی المرشّح بأصوات تفضيلية لتأمين الحاصل الانتخابي للّائحة وزيادة حصّتِها من المقاعد وضمان فوزه.
ولكن على رغم ذلك؛ تشير المعطيات الانتخابية إلی ارتياح تيار «المستقبل» في قضاء المنية ـ الضنّية الذي دُمِج بطرابلس ومحيطِها لتكوين دائرة الشمال الثانية؛ وهذا الارتياح نابعٌ من عاملين: الأوّل، إنحسار حدة المزاحمة السياسية مع تيارات رئيسية، علی غرار طرابلس، حيث «العزم والسعادة» وقوی سياسية وازنة، بالإضافة إلى جمهور عريض ممّا يسمّی «الأكثرية الصامتة» والتي غالباً لا تُقبِل علی صناديق الاقتراع، بينما الأجواء في الريف ما بين الضنّية ـ المنية تلائم تيار «المستقبل»، حيث لا يزال يَحظی بثقة نسبةٍ كبيرة من البيئة الشعبية.
أمّا العامل الثاني فيَكمن في تشابكِ المصالح السياسية في ظلّ طغيانِ العنصر العائلي؛ فغالبيةُ المرشّحين لا يحظون بولاءٍ مطلق داخل عائلاتهم، ما يَجعل غالبية الأصوات في مصلحة تيار «المستقبل» مع تغليب ضرورةِ تقاسمِ العائلات بإنصاف، وكمثالٍ علی ذلك حالة منسّق تيار «المستقبل» في الضنّية هيثم الصمد الذي يَحظی بقاعده قوية صلبة داخل التيار، لكنْ تُقلِقه شعبية قريبِه النائب السابق جهاد الصمد داخل الضنية، ما يجعل «المستقبل» غيرَ متمكّن من خوض المعركة وضمانِ الفوز.
في المقابل وعلى رغم كلّ التسريبات، تفيد معلومات أنّ الرئيس سعد الحريري لم يَحسم خيارَه في إسمِ أيّ مرشّح علی مستوی كلّ لبنان ولو أنّه أعلنَ في ذكرى 14 شباط أنّ إعلان أسماء مرشّحي «المستقبل» سيكون قريباً، وبالتالي كلّ التسريبات التي يتمّ التداول فيها لا تعكس الخيارَ النهائي.
ولكنّ «الجماعة الإسلامية» أعلنَت مرشّحيها في دائرة الشمال، وهما أسعد هرموش وخالد علوان في طرابلس؛ في الوقت الذي تتفاوض مع «المستقبل» علی سلّة ترشيحٍ شاملة، بما فيها دائرة بيروت الثانية وصيدا والمقعد السنّي في الشوف، فإذا تمَّ التحالف بين الطرفين، وأفضَت النتيجة إلى ترشيح هرموش علی لائحة «المستقبل» فسيَعني هذا سقوطَ ترشيح النائب أحمد فتفت الذي يدور كثيرٌ من الكلام حيال ترشيحِه، فيما هو يعتصم بالصمت حتی جلاء النتيجة، في حين تقول مصادر شمالية مطَّلعة إنّ نَجله سامي مطروح اسمُه للترشيح بديلاً منه.
وفي المنية يتنافس نائب «المستقبل» كاظم الخير مع ابن عمِّه كمال الخير مرشّح قوی ٨ آذار. ولكن على الرغم مِن ميلِ قيادة «المستقبل» مبدئياً إلى ترشيح كاظم مجدّداً، فإنّ زحمة المرشّحين وحِدّةَ المنافسة قد تدفع إلى اعتماد خيار ثالث إذا حظيَ مرشّح من آل علم الدين بتأييد غالبية أفراد العائلة؛ خصوصاً أنّ معركة الصوت التفضيلي تفرض إجراء حسابات انتخابية دقيقة لتلافي خسارة مقاعد تستفيد منها لوائح أخری.
«القوات اللبنانية»
إلى ذلك، تشير المعلومات شمالاً إلى أنّ الماكينة الانتخابية لـ«القوات اللبنانية» أتمَّت عملها الإحصائي منذ أكثر من شهرين، ويؤكّد مسؤولون فيها «أنّ «القوات» ستكون مدعومةً بكتلة ناخبة وازنة بين مقيمةٍ ومغتربة تتعدّى ثلاثة آلاف ناخب، الأمر الذي سيُحسِّن وضعية التفاوض للقيادة «القواتية» التي رشّحت الأستاذ إيلي خوري مستشار رئيس الحزب للعلاقات الخارجية عن المقعد الماروني في طرابلس.
«الوطني الحر»
أمّا بالنسبة إلى «التيار الوطني الحر» فهو، كما معلوم، لا يَملك حيثيةً سنّية في منطقة سِير الضنّية، ولا مرشّح سنّياً مطروح لديه، وهو يَعمل على التحالف مع لائحة الحريري.
وبالنسبة إلى وضعِه في الضنّية فإنّ للتيار وجوداً خجولاً هناك، فيما وضعُه أفضلُ بقليل في منطقة المنية، وهو بالإجمال يشكّل حوالى الـ 1000 صوت بين الضنّية والمنية .
يبقى القول إنّ الصورة الانتخابية في دائرة سِير الضنّية – المنية بمجملها ما زالت كما غيرها في كافة المناطق اللبنانية، صورةٌ افتراضية لم تتبلور نهائياً.
(الجمهورية)