“ما يحصل في مدينة طرابلس أخطر مما تبدو عليه مشهدية الحياة اليومية على الأرض “.
بهذه الكلمات يختصر مصدر مطلع، الواقع الطرابلسي اليوم، مستندا بذلك الى سلسلة الأحداث التي حصلت في الأسابيع الأخيرة مع التركيز على مسألة الهجرة غير الشرعية التاي باتت تطرح أكثر من علامة استفهام على المستويين الإنساني والأمني.
آخر محاولات “تركيع” أبناء طرابلس حرمانهم من نقطة ماء للشرب والإستعمال اليومي بحجة عدم تزويد المضخات التابعة لمؤسسة مياه لبنان الشمالي بالطاقة. لكن ثمة من يجزم بأن هناك عملية “تعطيش” متعمدة وقرار بأن تتم “تربية أبناء طرابلس”. من خلال الايعاز إلى وزير الطاقة بوقف إمداد مؤسسة مياه لبنان الشمالي بالكهرباء كليا. “وهذا ليس بمستغرب على من يمارسون سياسة الكيدية والحرمان ضد كل من يعارض سياسات المنظومة”.
متابعون لمسار الأحداث هناك أكدوا لـ”المركزية” أن أزمة المياه تعود إلى أكثر من شهر”لكنها وصلت إلى الذروة الاسبوع الماضي.. محاولات عديدة وضعت على طاولة المعالجات وكان آخرها سعي رئيس الحكومة وإبن المدينة المنكوبة نجيب ميقاتي تأمين المازوت من الهيئة العليا للإغاثة لتشغيل المولدات الخاصة في مؤسسة مياه لبنان الشمالي”. وبسخرية دامعة يعلق أحد المحرومين من نقطة ماء شرب منذ حوالى الأسبوع” جيد أن ميقاتي تمكن من التواصل مع مدير الهيئة العليا للإغاثة خصوصا أنها تابعة لمجلس الوزراء لأن الوصول إلى وزير الطاقة من سابع المستحيلات. مع ذلك لم نسمع حتى اللحظة خرير المياه في الخزانات”!.
“لم يعد خافياً على أحد أن كبار المتمولين والأثرياء في طرابلس استغلوا مناصبهم وكراسيهم لزيادة رصيد ثرواتهم وليس لمعالجة مشاكل أهل المدينة” يقول النائب السابق مصباح الأحدب لـ”المركزية” ويشدد على أن الوضع الأمني المهزوز في طرابلس ليس خافيا على أحد حتى على الأجهزة الأمنية “فهي على علم بأماكن تواجد الخلايا المتشددة حتى أن بعض الأجهزة وبقرار سياسي تعمل على تمويلها وتؤمن لها الغطاء بدليل أن هناك عددا من رجال الدين التكفيريين الذين ساهموا في التحريض على الجيش وأطلقوا النار على العناصر يحظون بحماية أمنية شخصية، في حين يمنع عليّ كنائب لثلاث دورات وقنصل فرنسا سابقا من الحصول على عناصر أمنية للحماية. أكثر من ذلك هناك سيناريوهات أمنية تحاك بين بعض الأجهزة الأمنية ومتطرفين يتحركون وفق تعليماتهم تحت التهديد بالسجن في حال عدم تنفيذ الأوامر”.
بالنسبة إلى الأحدب هذا التمييز في التعاطي يخلق نوعاً من الخلل على المستوى الوطني، سيما وأنه يعتمد في سياسة محاربة التطرف على معاقبة أشخاص والمكون السني “ولم يعد خافيا على أحد أن هناك حوالى 50 شخصا من المدينة يشكلون عصابات يراوح عديد كل منها بين 50 و250 مقاتلا وهم يتحركون وفق تعليمات أجهزة أمنية معينة. ويختم الأحدب بسؤال إلى السياديين والمستقلين والتغييريين في المدينة ومجلس النواب”ماذا تفعلون لمدينة باتت أشبه بالنار تحت الرماد. الحل؟ إما بالمواطنة والعمل وفق النصوص وليس الأعراف أو مواجهة واقع جديد بات يهدد المكون السني…صار لازم نوعا”.
حرب جديدة ومن نوع آخر تواجهها مدينة طرابلس وبسلاح نوعي بدائي:زوارق الموت. والنتيجة تفريغ ديمغرافي ممنهج. المخطط بدأ مع القرار بدخول عراقيين إلى لبنان من دون تأشيرات والواصلون على متن الطائرات هم عناصر الحشد الشعبي التابع لحزب الله.
الكاتب والخبير في الحركات الإسلامية أحمد الأيوبي يشير إلى أن هناك أعدادأً من عناصر الحشد الشعبي دخلت المدينة وهي تتواجد في مناطق الميناء وأبوسمرا وبعلم الأجهزة الأمنية، كما وصلت أعداد منها إلى المنية وعكار .”والأكيد أنها لم تدخل المدينة بهدف السياحة وإن كانت الأجهزة الأمنية لا تزال تتعامل معهم تحت هذه المظلة. وربما تنتظر استكمال العناصر لتحركاتهم ليبنى على الشيء مقتضاه”.
أما المشهد الخطير الذي يرصده الأيوبي فيتمثل بعملية تفريغ المدينة ديمغرافيا من خلال الهجرة غير الشرعية. و في السياق، يكشف أن مراكب الهجرة تنطلق يوميا من 4 نقاط. احداها من جوار منطقة القلمون والمنية ومرفأ الصيادين في العبدة ونقطة العريضة وهي تقل حوالى 200 راكب. واللافت أنه تتم في سياق عملية التسويق التي تروج لها شبكات “إلهية” بحيث توهم الهاربين بالإنتقال إلى حياة كريمة مع تأمين الضمانات لهم ولأولادهم وتكون النتيجة إما الموت غرقا أو العيش في مخيمات للاجئين في اليونان في ظل ظروف صعبة أو العودة إلى نقطة الصفر في مدينتهم الأم بعدما يكونون قد باعوا الأرض والبيت والذهب”.
ما يخشاه الأيوبي يرتكز على وقائع ميدانية مفادها دخول أعداد من الحشد الشعبي إلى المدينة في موازاة إصرار الدولة الخاضعة لحزب الله بإعادة النازحين السوريين إلى بلادهم ويقول: “نحن طبعا مع عودة النازحين السوريين إلى بلادهم لكن التوقيت بالتوازي مع دخول الحشد الشعبي والتفريغ الديمغرافي الممنهج في مدينة طرابلس يرسم أكثر من علامة استفهام. واللافت هنا يضيف الأيوبي أن النظام السوري يعمل بالتنسيق مع بعض المسؤولين في الدولة على برمجة عملية عودة النازحين بحيث تقتصر على العائلات الفقيرة لتعمل “بالسخرة” تحت أمرة النظام. أما المتمولون وكبار رجال الأعمال فهم غير محسوبين على لوائح العودة لأن النظام يستفيد شهريا من الخوات التي يجمعها منهم “جابٍ” مكلف من السفارة السورية في لبنان وتراوح بين 200 و400 دولار شهريا. والغالبية هم من أصحاب محال “one dollar” أو محال الألبسة ومستودعات غذائية…
ما يحصل في طرابلس مقلق جدا يختم الأيوبي ولا أحد يعلم وفق أي أجندة ستسير الأمور لكنها لا تبشر بالخير”.
المصدر: المركزية