Lebanon On Time _ خالد أبو شام
لطالما كانت مدينة طرابلس الأبية وما تزال عصيّةً بوجه الفتن والإجرام و الإلغاء، متمسّكةً بالدولة والمؤسسات وتحت سقف القانون، بالرغم من كل المحاولات عبر الزمن لإضفاء عليها صورة مختلفة، صورة تشبه المجرمين والقتلة وهواة الفوضى، إلا أنَّ عاصمة الشمال كانت تثبت بكل عزة وصمود خيارها الوطني، وخطّها السيادي العروبي الذي دافع عنه رجالاتها الكبار منذ الاستقلال حتى اليوم، ودفعوا ثمنه دماءهم.
طرابلس التي عانت الكثير ومازالت تعاني الحرمان والإقصاء والإفساد وغياب التنمية، مواقفها الوطنية لا تتبدّل ولا تتغيّر مهما حاول رئيس من هنا ونائب من هناك إظهار عكس ذلك، وأبرز دليل على ما أقوله زيارة رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل إلى المدينة، والتي واجهه فيها بعض الأهالي بقطع الطرقات رافضين هذه الزيارة، ومنهم من نفّذ وقفات احتجاجية أمام المراكز التي جاء لزيارتها حيث وقع حادث الاعتداء المستنكر من قبل مرافقة الوزير باسيل تجاه أحد الناشطين وهو رجل كبير في السنّ، أراد التعبير عن رأيه الذي يكفله الدستور اللبناني، فما كان من أحد المرافقين إلا أن يهجم عليه كالوحش الكاسر، ويصفعه صفعةً أردته أرضًا بكلّ بربرية وحقد، خلّفت له ضررًا كبيرًا في جسده، حتى كاد الرجل أن يفقد بصره نظراً لكبر سنّه.
إن هذا الفعل المستنكر الذي لا ينمّ إلا عن الحقد وعدم تقبّل وجهات النظر الأخرى ليس غريبًا عمّن سرق الدولة هو وشركاؤه من الطبقة الفاسدة التي لفظتها الناس وثارت ضدها في ١٧ تشرين، وعمّن يحالف الميليشيات المسلحة التي مزقّت الدولة وأذهبت هيبتها وسرقت قرارها السيادي حتى أدخلت لبنان في أتون صراعات لا ناقة له ولا جمل فيها.
ثم إن النواب الذين استقبلوا باسيل أمس لا يمثلون كل أبناء طرابلس، ولا يمثلون رأيها السيادي الحر الذي بينه وبين التيار الذي يمثله باسيل أسواء تفاهم كثيرة، ويضع حول آدائه السياسي ألف علامة استفهام!
وأخيرًا، إن عاصمة الشمال بابها مفتوح أمام الجميع، ولكن هذه المدينة تؤتى طوعًا وليس كرهًا، ولا يستطيع أحد أن (يلوي دراعها)، فقد مرّ عليها الاحتلالات وخرجوا وبقيت هي صامدة وثابتة على مواقفها، فإذا أردت زيارة هذه المدينة من باب غير باب التحدي وفرض الأجندة، نقول لك أهلا وسهلا بك وبكل لبناني، بل وبكل شخص كائنًا من كان في مدينة العز والكرم والانفتاح والتحضّر، أما يا حضرة النائب اذا كانت نيتك التحدي والتعنّت وفرض الأمر الواقع والتشبُّث بسياستكم العنصرية واللا وطنية في التيار الوطني الحر تجاه طرابلس عبر والإقصاء والحرمان، وتجاه لبنان عمومًا في منع قيام الدولة أنتم وحلفاؤكم، فستجدون ما يغيظكم في هذه المدينة التي لم ولن تركع مهما دار الزمان.