أكدت اوساط قيادية بارزة معنية بشأن رفض الرئيس سعد الحريري لقيام حزب الله باي عملية عسكرية لتطهير الجرود، ان كلامه لن يقدم او يؤخر في الوقائع شيئا، وهو امر يدركه جيدا رئيس الحكومة الذي لا يملك القدرة على منع ذلك، ولا يملك ايضا الحجج المنطقية التي تبرر موقفه، لكنه عمليا “غسل يديه” عشية ذهابه الى واشنطن من اي تطورات ستحصل على الحدود سواء حصل ذلك قبل ذهابه او خلال وجوده هناك. فالعملية العسكرية المقررة لم تأجل وما تزال في موعدها المحدد، مئات المقاتلين باتوا مع عتادهم في مواقعهم الهجومية بانتظار اشارة البدء بالهجوم، لا شيء سيوقف العملية الا قبول المجموعات الارهابية بشروط التسوية.
وبحسب تلك الاوساط، فإن الحريري لا يملك ايضا منع الجيش بالقيام بدوره “الحمائي” للاراضي اللبنانية، وهو الدور المناط به في هذه العملية، وهو يملك الغطاء السياسي من القائد الاعلى للقوات المسلحة الرئيس ميشال عون الذي ما يزال يعمل تحت سقف القسم الرئاسي، حيث قال: “سنتعامل مع الإرهاب استباقيًا وردعيًا وتصديًا، حتّى القضاء عليه”، وهو لا يعترض طبعا عملية “تنظيف” الجرود، مدركا أن حزب الله سيتولى المهمة انطلاقا من القلمون الغربي والجهة السورية من الحدود، وقيادة الجيش في اجواء هذه العملية.
وتلفت تلك الاوساط الى أن “حزب الله” يتعامل مع هذه المناطق على انها محتلة ويجب تحريرها، وحتى وزير الداخلية نهاد المشنوق صنفها في هذا الاطار، ويبقى السؤال حول خلفية هذا الرفض الصريح للحريري، فهل يتحمل مسؤولية هجوم جديد من قبل تلك المجموعات الارهابية على قرى بقاعية كما حصل في بلدة القاع مثلا؟ وماذا عن السيارات المفخخة التي كانت تجهز في تلك المناطق؟ اليس اول المستفيدين من “التحرير” هم اهالي عرسال؟ الفرصة متاحة الان للتخلص من هذه المخاطر، وحزب الله لن يفوتها.
“رسالة” لمن؟
وفي هذا السياق تبدو رسالة الحريري للاميركيين وليس لـ”حزب الله”، وبحسب مصادر دبلوماسية في بيروت، فإن واشنطن تعمل على ترتيب الاولويات، وتحرص على تأجيل الحسم على الحدود اللبنانية الشرقية، بانتظار تبلور طبيعة التفاهمات مع الروس، وما حصل في جنوب سوريا خير دليل على ذلك، فلولا الغطاء الاميركي لما كان دخل الأردن كطرف مباشر في الترتيبات العسكرية، ويأمل الاميركيون بأن تتمكن موسكو من إبعاد “حزب الله” والفصائل التي تدور في فلك ايران حتى عمق 70 كيلومترا شمالي الجنوب السوري وبعيداً عن الحدود الأردنية.
وفي هذا السياق، يرغب رئيس الحكومة بشدة في تأجيل أي عملية عسكرية على الحدود الى ما بعد زيارته الى الولايات المتحدة، فهو يحتاج الى الاطلاع على حقيقة ما تمخضت عنه القمة الروسية ـ الاميركية، بعد أن نمي اليه عبر بعض الاصدقاء في واشنطن بأن ما حصل على الحدود الاردنية السورية، يشكل محطة اولى لاختبار النوايا على تقاسم النفوذ بين واشنطن وموسكو، وهو يرغب في معرفة اين موقع لبنان من هذه “الصفقة”؟ مع ادراكه المسبق بأن واشنطن لا ترغب في أن يحقق “حزب الله” اي انتصار جديد خصوصا أن هذه المعركة ستكون آخر المواجهات على الحدود اللبنانية ـ السورية، وهذا يعني ضياع هذه “الورقة” الضاغطة.
(الديار)