خاص Lebanon On Time _ خالد أبو شام
مازالت الطغمة الحاكمة تواصل حفلة جنونها بتدمير ونهب ما تبقى من لبنان عبر إمعانها بضرب قطاعات البلد وميادينه الحية التي هي أصلا تعيش بالرمق الأخير بعدما أجزلت فسادًا وخرابًا، تارةً بالسرقات والمحاصصات، وتارةً بتعطيل الاستحقاقات المهمة في البلد التي من شأنها حلّ بعض القضايا العالقة.
ها هي الجهات الدولية المانحة اليوم تخبر المعنيين في لبنان بامتناعها دفع فلس واحد من أجل تعليم اللبنانيين، وهذا يعني ان لا عامًا دراسيًا هذه السنة، لأن إطلاق العام الدراسي يتطلب أموالًا بالدولار هي غير موجودة، والحكومة غير قادرة على تأمينها حاليًا، وأقل القليل تأمين الحد الأدنى من الراتب الأساسي للأساتذة والمعلمين لكي يتمكنوا من الالتحاق بمراكزهم التعليمية بعد سنوات عجاف قضاها الأساتذة يدفعون من جيوبهم للوصول إلى مدارسهم.
إنَّ من أعظم الكوارث التي وقعت في لبنان بالفترة الأخيرة هي حرمان الموظفين، والمعلمين بشكل خاص من أبسط حقوقهم ورميهم في غمار المجهول بعدما باتت رواتبهم لا تعادل سوى صفيحة أو صفيحتي بنزين شهريا، ولجوء قسم كبير منهم تحت وطأة الجوع والحرمان إلى العمل في مهنٍ عديدة لعلّهم يستطيعون توفير بعض متطلبات أسرهم التي عُجنت بالفقر والعوز، فيما يرتع التجار والسارقون والمنتفعون وأصحاب المصالح الضيقة والصفقات والتطبيل للسياسيين بالخيرات وآلاف الدولارات التي جنوها من تعب الناس وعرق الطبقة الكادحة، وهذا يشكل أكبر وسمة عار على جبين الوطن كله لو كان هناك دولة تحترم نفسها أو كان هناك مسؤولون لديهم ذرة كرامة وحبّ للبلد.
إنَّ القطاع التربوي اليوم ينزف ويئنّ، وليسَ هناك مَنْ يسمع ولا مَنْ يعي خطورة الموقف، فإذا سقط هذا القطاع سقط البلد بأكمله، لأن لا قيمة ولا قيامة لوطن منذ الأزل من غير تربية وتعليم لإعداد أجيال صالحة تحمل المسؤولية عن سلفها، وتقوم بالنهضة والتطوير، وليس أجيالًا ترث العبودية والخنوع وتغليب مصالحها الشخصيَّة على المصلحة العامة ومصلحة الوطن.