معلومةٌ واحدة كانت ناقصة في ما نشرته وكالة “رويترز”، وصحيفتا “وول ستريت جورنال” و”نيويورك تايمز” الأميركيتان، من مزاعم تقول إنّ الأمير محمد بن نايف قد عُزِلَ عن منصبه كوليٍّ للعهد في المملكة العربية السعودية بسبب إدمانه للأدوية المُسكّنة للآلام، بحسب تقرير نشرته “هاف بوست عربي” يوم أمس الثلاثاء.
وبحسب التقرير، فإنّ هذه المعلومة التي لم تذكرها وسائل الإعلام هي: مصدر هذه الأقاويل المتعلقة بـ”إدمان بن نايف”، بحسب مقال للكاتب والصحافي البريطاني ديفيد هيرست، إذ إنّه وفي مقاله المنشور الثلاثاء 25 تموز 2017، على موقع “ميدل إيست آي” البريطاني، يحاول هيرست كشف النقاب عن هذه المعلومة الناقصة، أو تحديداً مصدر المزاعم التي تناقلتها وسائل الإعلام.
غير حقيقية
ويشير التقرير إلى أنّ وكالة “رويترز”، في قصتها، نقلت اقتباساً عمّن وصفته بـ”مصدرٍ مُقرَّبٍ من محمد بن نايف”، بشأن المحادثة المزعومة بين الملك سلمان وبن نايف، التي قال الملك خلالها لبن نايف: “أريدك أن تتخلّى عن منصبك، فأنت لم تستمع إلى النصائح المُوجَّهة لك لمعالجة إدمانك، الذي يؤثر على قراراتك على نحوٍ خطير”. “وقال مصدران موثوقان لي إنّ هذه القصة غير حقيقية”، بحسب هيرست في مقاله، الذي استطرد قائلاً: “وأضافا أنّ هذه آخر معلومة يمكن أن يدلي بها أي صديقٍ لبن نايف لوسائل الإعلام الأجنبية، إذ إنّها تشير إلى عدم رجاحة حكم الأمير، بينما يُعدّ سداد الرأي سمةً يفتخر بن نايف بها دوماً”.
ويضيف هيرست بحسب التقرير: “أشار المصدران إلى سعود القحطاني على أنّه مصدر القصة، التي تزعم أن بن نايف مدمن للأدوية وميؤوس من حالته. وقيل لي إنّ القحطاني هو من رتَّبَ لهذه البيانات الصحافية”.
سعود القحطاني
بات القحطاني أكثر من عينٍ وأذنٍ للأمير محمد بن سلمان، ولي العهد الحالي، في الديوان الملكي. ومن ثم تولَّى القحطاني منصبه بعد استقالة بن سلمان من منصب رئيس الديوان الملكي ليصبح نائباً لولي العهد، وفق هيرست. “ويتصل القحطاني هاتفياً بالصحافيين السعوديين ليخبرهم ألا يكتبوا مقالات أو ينشروا تغريدات. فقد أصبحت الأساليب، التي كان يمارسها خالد التويجري، الرئيس السابق للديوان الملكي خلال حكم الملك عبد الله، تُمارس الآن بواسطة القحطاني”، يتابع الكاتب البريطاني.
ووفق التقرير، فإنّ هذه المعلومات تُشكِّل فارقاً حقيقياً بشأن مدى مصداقية التقارير الصحافية في حدّ ذاتها، إذ لم تعد مجرّد وصف لما يحدث خلف ستائر المشهد السياسي السعودي. بل تعدّ التقارير، عن غير قصدٍ، جزءاً من حملةٍ للقضاء تماماً على الضحية.
انقسام عائلة آل سعود
ويتابع هيرست: “لكنّ هذه الأساليب تسبَّبَت في إثارة ردود فعلٍ عنيفة داخل عائلة آل سعود. فقد قيل لي إنّ هناك غضباً داخل العائلة بسبب الطريقة التي لُطِّخَ بها اسم بن نايف”. وينقل هيرست عن أحد الأمراء قوله بازدراءٍ: “إنّ هذه ليست السعودية التي يعرفها. وقارن النزاع المرير الراهن بين بن سلمان وبن نايف بالصراع الطويل على السلطة، الذي كان بين الأمير فيصل والملك سعود”.
وبحسب التقرير، فقد برز شخصان كواجهةٍ عامة لمعارضة بن سلمان، أحدهما هو الأمير متعب بن عبد الله، الذي يحتفظ بمنصبه كوزير، فضلاً عن كونه رئيساً للحرس الوطني، والآخر هو الأمير أحمد بن عبد العزيز، شقيق الملك سلمان الأصغر.
“عناصر أميركية لإصلاح الجيش السعودي”
يرى هيرست أنّ هناك مؤشرات أخرى على وجود اضطرابات داخل العائلة، إذ لم يظهر الملك ولا ولي العهد في القمّة الأخيرة، التي عقدتها مجموعة العشرين، والتي تُعَد المملكة العربية السعودية ضمن أعضائها.
وينقل التقرير عن هيرست قوله إنّه “ستكون القضية التالية هي إصلاح الجيش السعودي، وهناك أسبابٌ وجيهة لتدعيم جيش المملكة. ومع أنَّ المملكة ليس بها مراكز قوةٍ متناحرة، كما هو الحال في إيران، هناك مطالب بإنشاء هيكل دفاعي موحَّد يضم القوات البرية الثلاث الخاصة بالمملكة العربية السعودية. ويُذكر أنَّ الهدف الأصلي من تكوين الحرس الوطني كان توفير وظيفةٍ للمتطوعين الذين قاتلوا مع مؤسِّس الدولة”.
ويتوقع هيرست، بحسب التقرير، أنّ بن سلمان حال جلوسه على العرش، فلن يحظى بالحماية التي يحظى بها والده الملك الحالي، وتمنحها له مكانته كشيخِ العائلة، فهذه بمثابة “بوليصة” تأمين لن يستفيد منها ابنه، الذي يكون وضعه في البلاد أقرب إلى رئيس وزراء يُقيَّم وفقاً لأدائه وليس لمكانته، وهذا يعني أنَّ بن سلمان سيُلام على أول شيءٍ يسوء في عهده.
(هافنغتون بوست)