تشن السعودية حملة مصادرة أموال وأصول للعشرات من كبار المسؤولين ورجال الأعمال المحتجزين ضمن حملة محاربة الفساد في المملكة.
لكن النجاح في استعادة الأموال من الخارج ليس مضمونا، وفقا لوكالة “رويترز” التي أشارت إلى أن تجربتي مصر وتونس لاستعادة الأموال المهربة إلى الخارج تشير إلى أن الرياض قد تواجه معارك قانونية ودبلوماسية تستمر سنوات.
ولكن لجنة محاربة الفساد تملك كل السلطة التي تسمح لها باتخاذ كل الإجراءات التي تراها ضرورية لمصادرة أصول وأموال دون انتظار نتائج التحقيقات.
وتتبادل السعودية معلومات بشكل دوري عن الأصول المتواجدة في منطقة الخليج، وبدأت بالفعل عملية مراجعة بعض تلك الأصول.
وطالب البنك المركزي في الإمارات من البنوك والمؤسسات المالية تقديم معلومات عن حسابات 19 مواطنا سعوديا.
ولم تقدم لجنة مكافحة الفساد السعودية تفاصيلا عن المزاعم التي يواجهها المحتجزون لكن مسؤولين سعوديين يقولون إنها تتضمن غسل أموال ورشاوى وابتزاز واستغلال نفوذ لتحقيق مصالح شخصية.
ولم تحدد الرياض جدولا زمنيا لعمليات مصادرة الأموال، لكن مصادر مصرفية تقول إن أكثر من 1700 حساب بنكي تم تجميدها بالفعل بطلب من البنك المركزي.
وإذا حاولت اللجنة أن تستعيد كل الإيرادات التي أهدرت بسبب الفساد من الرشا إلى مصادرة الأراضي بشكل غير مشروع فإن المبلغ الإجمالي سيكون 800 مليار دولار، وفقا لمسؤول في غرفة التجارة والصناعة بالرياض.
ويملك الكثير من رجال الأعمال المحتجزين طائرات خاصة بل إن أحدهم يملك طائرة من طراز بوينج 747، وتعتقد مصادر مالية أن هناك مبالغ كبيرة من الأموال محفوظة في حسابات مصرفية بالخارج ومحافظ استثمارية وحصص في شركات وعقارات.
وكشفت دراسة أجراها المكتب الوطني الأمريكي للبحوث الاقتصادية أن سعوديين يخفون ثروات تتجاوز 300 مليار دولار، في ملاذات ضريبية أجنبية، وأن هذا الرقم يساوي 55 % من الناتج المحلي.
وكانت مصر قد حاولت دون جدوى استعادة 85 مليون جنيه إسترليني (111 مليون دولار) في حسابات ببنوك بريطانية تعود للدائرة المقربة من الرئيس الأسبق حسني مبارك، لأن المسؤولين البريطانيين اعتبروا أنهم مقيدون بالقانون البريطاني الذي يلزم المصريين بتقديم إدانات جنائية أولا، بينما استطاعت تونس استعادة جزء، نحو 35 مليون دولار، من سويسرا منذ عام 2011، بينما وقعت نيجيريا وسويسرا اتفاقا يمهد الطريق لاستعادة أكثر من 300 مليون دولار صودرت من أسرة حاكم نيجيريا العسكري السابق ساني أباتشا.
واستطاعت كل من مصر وتونس وليبيا وسوريا تجميد أصول قيمتها مليار دولار أمريكي بعد اتفاق مع السلطات السويسرية، لكن مساعي مصر وتونس تعثرت بسبب شرط بتقديم أدلة يمكن القبول بها في الأنظمة القانونية الغربية.
ويتعين على الرياض أن تقدم أدلة مفصلة تظهر كيف تم الحصول على الأموال لمصادرة أصول من سويسرا لأسباب تتعلق بالفساد، وفقا لكارلو لامبورديني، محام مصرفي وأستاذ في القانون المصرفي بجامعة لوزان.
وكان المدعي العام السعودي ذكر، يوم الاثنين الماضي، أن الاستجواب المفصل للمعتقلين تمخض عن قدر كبير من الأدلة، بينما لم يرد مسؤولون سعوديون كبار على طلبات للحصول على معلومات عن التحقيق، بينما قال محام مقيم في الخليج ومطلع على قضايا الفساد الدولي لوكالة “رويترز” إن هناك قناتين يمكن أن تسعى السعودية من خلالهما لاستعادة الأصول بالخارج.
وفي الحالات التي وقعت فيها الرياض معاهدة أو ميثاق مع دولة أجنبية فإنها تستطيع استخدام ذلك للحصول على مساعدة في جمع الأدلة قبل أن تسعى لمصادرة الأصول عن طريق النظام القضائي. لكن السعودية لم توقع مثل هذه المعاهدة مع الولايات المتحدة أو سويسرا ودول كثيرة أخرى.
وبوسع السعودية أيضا أن تبعث خطاب طلب إلى وزارة معنية في دولة أخرى. وسيكون هذا اختبارا لنفوذها الدبلوماسي في عواصم أجنبية.
ومن بين رجل الأعمال الموقوفين الأمير الوليد بن طلال الذي تقدر ثروته بـ17 مليار دولار، ومحمد العمودي الذي يمتلك 10.4 مليار دولار من شركات إنشاءات وزراعة وطاقة يملكها في السويد والسعودية وإثيوبيا، بالإضافة إلى رجل الأعمال صالح كامل الذي تقدر ثروته بنحو 2.3 مليار دولار.
ويرى مصرفيون أنه يمكن للرياض أن تعقد صفقات مع رجال الأعمال الموقوفين بدل من التحركات القانونية التي ربما تواجه الكثير من الصعوبات، وفقا لـ أيهم كامل، مدير برنامج الشرق الأوسط وشمال أفريقيا في مجموعة أوراسيا الاستشارية، الذي قال لوكالة “رويترز” إن الحكومة ستعقد صفقات مع رجال أعمال وشخصيات ملكية لتفادي الاحتجاز في إطار التزام أكبر بالاقتصاد المحلي”.
سبوتنبك