لم تكن جلسة مجلس الوزراء التي انعقدت في السراي الحكومي أمس برئاسة الحريري، سوى استكمال لإشاعة الاجواء التصالحية والايجابية داخل مكوّنات الحكومة.
ففي جلسة سريعة جداً لم تتجاوز الساعة أقرّ مجلس الوزراء جدولَ اعمال من 63 بنداً دخَل فيه رئيسُ الحكومة مباشرةً بلا مقدّمة سياسية تقليدية.
حتى انّ البنود التي كان يمكن ان تتحوّل جدلية خلافية، مرّت بسلاسة، والمقصود هنا بندُ سِلفة الخزينة لوزارة الاتصالات والذي يطلب فيه الوزير جمال الجرّاح تأمينَ مبلغ 225 مليار ليرة لتمويل مشروع الـ FTTC ومتمّماته والخدمات المرافقة له ضمن خطة تطوير وتوسِعة الشبكة الهاتفية الثابتة، فمرَّ هذا البند من دون أيّ اعتراضات او إشكالات، خلافاً لِما كان متوقّعاً، علماً انّ المبلغ خُفّض الى 150 مليار ليرة، بناءً على طلب وزير الاتصالات، بعد إعادةِ جدولةِ البرنامج على اربع سنوات، يُصرَف في المرحلة الاولى منه ضمن موازنة ملحَقة لوزارة الاتصالات مبلغ 150 مليار ليرة، ويليه المبلغ الثاني وقيمته 150 مليار ليرة، يليه 75 مليار، ثمّ 75 مليار ليرة في السنتين الاخيرتين. وهكذا، تمّ امتصاص صدمةِ حجم المبلغ المطلوب من دون المساس به.
واللافت انّ وزراء «التيار الوطني الحر»، الذين كانوا أشدَّ المعارضين لهذه السلفة، لم يعترضوا عليها مجدّداً، ما يعني انّ رياح التسوية لفحَت يميناً ويساراً.
وإذ ربَطت مصادر سياسية مطّلعة بين قبول الحريري بإمرار التشكيلات القضائية على رغم عدمِ رضاه عنها وقبول «التيار الوطني الحر» إمرار سلفةِ الخزينة لوزارة الاتصالات على رغم معارضته السابقة لها، قالت: «إنّ معادلة «مرِّقلي لمرِّقلَك» لا تزال حيّة تُرزَق».
كذلك وافقَ مجلس الوزراء على تأمين التغطية المالية والمصاريف لهيئة الإشراف على الانتخابات (الجهاز الإداري والمقر وتجهيزه) وعلمت «الجمهورية» أنّها تبلغ ثلاثة مليارات وثمانمئة مليون ليرة.
وسيقسم أعضاء الهيئة اليمين القانونية امام رئيس الجمهورية الاثنين المقبل تنفيذاً للمادة 13 من قانون الانتخاب، ثم تعقد اجتماعَها الاوّل مع وزير الداخلية نهاد المشنوق خلال الاسبوع المقبل لوضعِ برنامج عملِها. وكان لافتاً تشديد وزير الداخلية أمس على انّ الانتخابات النيابية ستجري في موعدها، واصفاً قانونَ الانتخاب بأنه «عجائبيّ».
وإلى ذلك، أقرّ مجلس الوزراء مشروع قانون تنظيم قطاع المياه. وقال وزير الطاقة سيزار ابي خليل لـ«الجمهورية» إنّ جدول اعمال الجلسة لم يكن عادياً، وكلّ ما يُطرح على الجدول هو مهمّ، لكنّ الاستثنائي في جلسة الأمس كان إقرار مشروع قانون تنظيم قطاع المياه بعدما تنقّلَ هذا المشروع منذ 2010 بين لجنة وزارية وأُخرى، الى ان وُضِع أخيراً على جدول الاعمال وأقِرّ بعد إدخال تعديلات طفيفة عليه.
وما جرى خطوةٌ كبيرة جداً، فبعضُ القروض والمِنح لم تكن متاحة، لافتقارِ لبنان الى قانون لإدارة موارده المائية. فللمرّة الاولى منذ عهد العثمانيين يصبح لدينا قانون عصري وحديث لقطاع المياه بعد إحالته الى مجلس النواب. وهذه اشارة الى انّ الدولة باتت على السكّة الصحيحة في موضوع الادارة المائية.
(الجمهورية)