خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
أيّ سيناريو يمكن أن نختار كنهاية محتملة لهذه الحرب التي ستغيّر وجه الشرق الأوسط، كما بات جميع المحلّلين والمراقبين يتوقّعون؟
يمكن أن نبدأ فيما انتهى إليه الفصل الأول من “طوفان الأقصى”:ضربة في العمق غير مسبوقة وغير متوقّعة لإسرائيل، منذ تاريخ تأسيسها، وحتى اجتياحها من قبل ألف مقاتل من مقاتلي حركة “حماس” الجهاديّة، في صباح يوم سبت يهودي، يشبه صباح 11 أيلول في الدولة الأقوى في العالم..لقد غيّرت “حماس” في 7 تشرين 2023 وجه الكيان الصهيوني، كما غيّرت القاعدة/طالبان وجه أميركا في 11 سبتمبر 2001.
بدت إسرائيل، في تلك اللحظة، هشّة ضعيفة قابلة للإنكسار والهزيمة، ما يمكن أن يفتح شهيّة إيران للإنقضاض عليها من خلال أذرعها العسكرية القوية المنتشرة من لبنان، الى سوريا والعراق واليمن.سارعت الولايات المتحدة الى فرض التوازن ورسم حدود الضربة الحماسية:أضخم حاملة طائرات في العالم وصلت، بسرعة قياسية، الى شواطئ البحر المتوسط، لتقول:كفى..ربحتم جولة، ولم تربحوا الحرب.فلنكمل الجولات وفق التوازن الجديد:إعادة ماء الوجه لإسرائيل، ولو على حساب غزّة وأهلها ومقاومتها..ثمّ نرسم معا الشرق الأوسط الجديد..فهل توافق طهران..وما هي ملامح هذا الشرق الأوسط الجديد؟
سارع الرئيس الأميركي بايدن الى طمأنة طهران، بأنّ “الإنتقام الكبير” لن يتعدّى حدود غزّة:لا دلائل على تورّطكم في الفيضان، هذا ما قاله البيت الأبيض بالحرف الواحد.وقد تلقّى المرشد الأكبر الرسالة بكلّ سرور:لم نشارك لا تخطيطاً ولا تنفيذاً في العملية، كما جاء على لسان الخامنئي.تعادل في الضربات، تعادل في الكلمات..وتعادل، في ما بعد، بالقسمة والنصيب.
ماذا عن حزب الله؟ لا يستطيع أن يتدخّل بالكامل لنصرة “وحدة الساحات”.فالحزب يعني إيران، وما يفعله تُسأل عنه طهران.وهذا ما لا يريده الطرفان القويان..بضعة عمليات محدودة في الزمان والمكان.تصعيد كلامي على حافة الحرب.إشغال إسرائيل بالجبهة الشمالية، ما يخفّف الضغط المتواصل على المساحة الممتدّة ما بين المستوطنات المنتهكة، وبين حدود رفح مع مصر.يستطيع الحزب أن “يناوش” وأن يفتح المجال أمام عمليات عسكرية لكلّ من حماس والجهاد الإسلامي، ولكنّه لا يستطيع أن “يعلن الحرب”:هنا تتغيّر قواعد اللعبة جذريّاً، وتفتح على المنطقة بكاملها، وتسقط حينها المحرّمات والخطوط بكلّ تلاوينها.
حتى الساعة، لا أحد يريد ذلك.ولكن شرط ذلك أن تحصل كلّ دولة على “حصّتها”:نتانياهو وحكومته وجيشه يريدون الإنتقام من حماس وغزّة، فليكن..تقول أميركا ويقول الغرب.هل تضحّي طهران بذلك؟ربّما إذا كان “الثمن” بحجم التضحية.والثمن لن يكون أقلّ من إبرام الإتفاق النووي بشروط مرضية، وفكّ العقوبات الدولية، ورفع الحجز عن أموالها المجمّدة في العالم، كما حصل في الصفقة الأخيرة المحدودة:6 مليارات مقابل 6 مساجين!
هل ترضى السعودية ويرضى الخليج؟ربّما، مقابل الوصول الى “حلّ الدولتين”، وهو ما لم تعد إسرائيل قادرة على رفضه، بعد أن كشف عجزها عن لعب دور الشرطي “الذي لا يقهر” في المنطقة.
هل تقبل مصر بما يمكن أن ينشأ جرّاء اجتياح غزّة إذا حصل؟الرئيس السيسي في مأزق سياسي – مالي كبير:لمَ لا، إذا كان ذلك سيؤدّي الى خروج مصر من مأزقها؟
إسرائيل دفعت الثمن.فهل تدفع”حماس” ثمناً مماثلاً..وتتمّ الولادة من الخاصرة؟ إنّه مجرّد سيناريو..فلننتظر ما تحمله الأيام القادمة؟