عام كامل مرّ على نفض قصر بعبدا غبار الشغور عن كاهله، بعدما دخله العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية في 31 تشرين الاول 2016، ومنذ ذلك التاريخ إنتقل القصر والبلاد من حال إلى حال، بعد ما يقارب العامين ونصف العام من الشلل الذي تمدد إلى المؤسسات الدستورية كافة، وولّد قنوطاً في نفوس اللبنانيين، وعدم وضوح رؤية في كافة مناحي البلاد.
بعد عام كامل إختلف مشهد القصر شكلا ومضمونا. ففي المضمون وعلى مدار العام، إستقبلت قاعتا 21 تشرين الثاني و25 أيار زوار الرئيس، رؤساء دول، سياسيين، قادة عسكريين، مبدعين، وفوداً إغترابية، بلدية، دبلوماسية، هيئات مجتمع مدني، ذوي إحتياجات خاصة، طلاب مدارس وجامعات، رجال دين، كلهم كانوا من زوار الرئيس هذا العام، وتحدثوا عن وجهات نظرهم وأحلامهم ومشاكلهم على السواء، فكانت القاعات شاهدة على أن دورة الحياة عادت لتدبّ في شرايين المؤسسات الدستورية، بدءا من القصر مرورا بالمجلس النيابي وصولا إلى السراي الحكومي بعد تشكيل حكومة «إستعادة الثقة» برئاسة الرئيس سعد الحريري ومنها إلى باقي مقار الدولة.
عودة الحياة إلى القصر بعد إنتخاب الرئيس عون كانت سببا في إنتظام العمل في المؤسسات الدستورية بشكل تلقائي، تظهّرت بأشكال عدة، منها زيارات رسمية للرئيس عون إلى الخارج لإعادة لبنان إلى الخارطة الدولية، وتفعيل العلاقات مع الدول الشقيقة والصديقة استهدفت تصحيح علاقات لبنان مع بعض الاشقاء، والعمل على حماية لبنان في ظل الأخطار الاقليمية المعروفة، وبين القصر الجمهوري والسراي الحكومي نظمت جلسات لمجلس الوزراء بشكل أسبوعي، فدارت نقاشات وخرجت قرارات نقلت البلاد من حال إلى حال، وهذا ما مكّن حكومة العهد من القيام بخطوات مهمة أبرزها إنجاز التعيينات الادارية و ملء الفراغ في وظائف الفئة الاولى ( شملت 21 وظيفة) واقرار التشكيلات الديبلوماسية، وإنجاز قانون الانتخابات وقانون الموازنة للعام 2017، وتصدي الجيش لفلول الارهاب.
إلى جانب القرارات السياسية مكّن إنتخاب الرئيس عون رئيسا جديدا للجمهورية منذ عام، حكومة «إستعادة الثقة» من القيام بخطوات إنمائية عدة منها العمل على تحسين شبكات الطرق، وتمديد عقدي الشبكتين المشغلتين للهاتف الخليوي في إنتظار إطلاق مناقصة جديدة واطلاق خدمات الانترنت عبر الالياف البصرية للشركات والافراد، وخفض التعرفة والرسوم وتلزيم أشغال توسعة الشبكات الهاتفية بواسطة كوابل الالياف الضوئية والنحاسية في كل المناطق، وإعادة درس مشروع المياه والعمل على انجاز مشاريع مائية في قضاء بشري ومشاريع الصرف الصحي في ساحل كسروان، وانشاء شبكة مياه للصرف الصحي والشرب في بعلبك والقرى المجاورة وتمويل مشروع تنفيذ سد بحيرة وادي قنوبين قضاء بشري، والعمل على إنتاج الكهرباء من الرياح وتطوير انتاج الطاقة من معمل الزهراني، والاشغال في معمل دير عمار، وإصدار مرسوم الانشطة البترولية تطبيقا للقانون رقم 132 – 2010 وتشكيل لجنة وزارية لدرس انشاء محطة لتخزين الغاز الطبيعي، وتعديل قانون السير، ومعالجة ازمة النفايات، والموافقة على الانضمام الى تعديل اتفاق «بازل» في شأن التحكم في نقل النفايات الخطيرة والتخلص منها عبر الحدود والعمل على معالجتها من خلال تشكيل لجان وزارية لدرس ملف التفكك الحراري وتحويل النفايات الى طاقة، والموافقة على اتفاقات وبروتوكولات التعاون الاقتصادي والثقافي مع العديد من الدول، والترخيص لإنشاء جامعات أو إستحداث فروع وأقسام في جامعات قائمة، وتجديد الترخيص لمحطات تلفزيونية وعددها 22 ترخيصا، واعادة الجنسية اللبنانية الى 26 لبنانيا سبق ان تخلوا عنها، وتشكيل 12 لجنة وزارية وتفعيل عمل عشر لجان اخرى مكلفة متابعة شؤون الخدمات في كافة القطاعات، ومناقشة 11 اقتراح قانون واتخاذ الاجراءات اللازمة في شأنها. وبلغة الارقام فإن مجلس الوزراء عقد في عهد الرئيس عون نحو40 جلسة وأصدر خلالها 1268 قرارا، وصدر إستنادا اليها 518 مرسوما وأحال إلى المجلس النيابي 32 مشروع قانون.
(المستقبل)