13 يوماً تفصل لبنان عن إقرار قانون جديد للإنتخاب او اختبار تجربة الفراغ النيابي، بحيث يختبر لبنان مرة جديدة: الفراغ، والتمديد والستين، خلافاً لما يحكى عن «دعس للتجديد» ودفن للستين، ومنع للفراغ.
لم يتطرق مجلس الوزراء في جلسته امس، حيث نجا بأعجوبة من اهتزاز على خلفية خلاف وزير مع موظفة في وزارته الى قانون الانتخاب.
لكن ملائكة القانون حضرت قبل الجلسة وبعدها، في ظل معلومات عن تقدم بطيء في المفاوضات، بهدف تخطي العقبات لاسيما عتبة التأهيلي، حيث يتمسك الوزير جبران باسيل بـ 40٪ من اصوات ناخبي طائفة ما للمرشح عن المقعد الذي يخص هذه الطائفة، وتمثيل المغتربين بستة مقاعد.
وليل امس، عقد اجتماع في بيت الوسط بين وزير المال علي حسن خليل وبين مكتب الرئيس الحريري السيد نادر الحريري في اطار السعي الحثيث لتضييق شقة الخلاف.
ويأتي هذا الاجتماع بالتزامن مع اجتماعات تعقد بين الثنائي المسيحي بمتابعة مباشرة من الرئيس ميشال عون، لحصر الخلافات والتقدم لايجاد مخارج لها.
وبانتظار عودة الحريري من المملكة العربية السعودية حيث غادر امس لتأدية مناسك العمرة في غضون الـ 24 ساعة المقبلة، فإن وزيراً على خط الاتصالات أكَّد الـ «اللواء» ان الجهود لن تتوقف حتى تذليل آخر العقد، في فترة زمنية لا تتعدى سقف الأحد المقبل، ليكون القانون على جدول الجلسة النيابية الاثنين، والتي ما تزال قائمة..
مجلس الوزراء
وكما سبق واشارت «اللواء»، غاب قانون الانتخابات عن مناقشات جلسة مجلس الورزاء التي انعقدت امس برئاسة الرئيس الحريري في السراي، بسبب عدم الوصول الى توافق نهائي في شأنه، رغم الاجتماعات المتواصلة حوله سواء في بعبدا او في «بيت الوسط؛.
واقتصر التطرق الى القانون، في خلال الكلمة التي استهل بها الرئيس الحريري الجلسة، بحسب مصدر وزاري لـ «اللواء» الذي اوضح ان الرئيس الحريري- وكما كل الجلسات – اكد على اهمية تقديم التنازلات والتضحيات من اجل التفاهم على القانون، بعدما كان وضع الوزراء في صورة الاتصالات والمشاورات الجارية على هذا الصعيد.
وذكرت مصاد روزارية ان الجلسة كانت عادية جدا ولم يتسنَ للوزراء اقرار جميع بنود جدول الاعمال نظرا لضيق الوقت بعد رفع الرئيس الحريري للجلسة بسبب اضطراره للسفر الى السعودية لإداء مناسك العمرة ويعود بعد يومين، ولكن المصادر قالت انه جرت مناقشة «خفيفة» لموضوع قانون الانتخاب، حيث اثار الوزيران علي قانصو وطلال ارسلان وجوب اطلاع مجلس الوزراء على ما يجري في المفاوضات ليواكب حركة الاتصالات، «لأن مجلس الوزراء هو ايضا أعلى مؤسسة سياسية رسمية». فرد الحريري بأن اللجنة المصغرة التي تمثل اغلبية مكونات الحكومة تناقش التفاصيل التقنية وسيعود القرار النهائي الى مجلس الوزراء، حيث سيتم اطلاع الوزراء على نتائج المداولات وما تقرر بشأن القانون لنيل الموافقة على القانون.
واجري الحريري عرضاً شاملا للنقاط التي تم التقدم فيها والنقاط التي ما تزال عالقة، آملا ان تحمل الايام المقبلة انفراجا على هذا الصعيد، مبديا تفاؤله بقرب الانتهاء من هذا الملف، خاتماً: «صحيح اننا لم نصل بعد الى توافق لكننا على الطريق».
ثم كانت بعض المداخلات المقتضبة من قبل بعض الوزراء الذين اكدوا على ضرورة ان يتضمن القانون وحدة في المعايير بين المناطق، واعتبر وزير شؤون النازحين معين المرعبي انه لا يجوز ان يقتصر تمثيل عكار على ثلاثة نواب سنة بينما عدد الناخبين السنّة اكثر من 180 الف ناخب.
وخلص رأي الوزراء على وجوب ابقاء المفاوضات بين ممثلي الكتل النيابية، افضل من نقلها الى داخل مجلس الوزراء، حيث بالتأكيد ستظهر الخلافات مع تعدُّد وجهات النظر.
ثم طرح وزير التربية مروان حمادة توفير اعتمادات لتغطية حقوق الاساتذة المتعاقدين المتراكمة من سنوات وقدرها نحو 52 مليار ليرة، وتم إقرار القرار بالاتفاق مع الرئيس الحريري ووزير المال علي حسن خليل.
ولدى طرح بند الوضع الوظيفي والقانوني للمديرة العامة للتعاونيات غلوريا ابوزيد التي جمد وزير الزراعة غازي زعيتر وظيفتها ، طالباً بتعيين بديل لها، كان الرأي منقسما بين وزراء حركة «امل» ووزراء «التيار الوطني الحر» بين قانونية مرسوم تعيينها او عدم قانونيته، فرفع الرئيس الحريري الجلسة لإضطراره للسفر، واعداً بان يكون البند الاول للبحث في الجلسة المقبلة.
وعلمت «اللواء» انه جرى تأليف لجنة وزارية مصغرة من الرئيس الحريري والوزيرين زعيتر وسليم جريصاتي لبحث موضوع ابو زيد، وان القرار الذي ستتخذه اللجنة سيحال الي هيئة الاستشارات لابداء الرأي، خصوصا وان لدى ابو زيد حكماً لمصلحتها صدر عن مجلس شورى الدولة، ولا يجوز مخالفته.
اما القرار الذي اتخذه مجلس الوزراء بخصوص تخفيض تعرفة رسوم خدمة الانترنيت وخدمة الخطوط الرقمية التأجيرية، استناداً الى مشروع المرسوم الذي يرمي الى اطلاق خدمات الانترنيت عبر الالياف البصرية للافراد والشركات والمؤسسات، فقد استأثرت مناقشة قرابة ساعتين، وأقر بعد تعديلات كبيرة عما طرحه وزير الاتصالات جمال الجراح، لناحية الاسعار ودخول شركات جديدة وضرورة عدم وجود احتكار من قبل بعض الشركات.
لقاء السحور
وبحسب المعلومات، فإن الاجتماع الخماسي الذي عقد في «بيت الوسط» ومع نائب رئيس حزب القوات اللبنانية النائب جورج عدوان والوزير جبران باسيل وعلي حسن خليل والمعاون السياسي للامين العام لحزب الله حسين الخليل ومدير مكتب الرئيس الحريري نادر الحريري، والذي استمر الى فترة تناول السحور، قرابة الثالثة من فجر اليوم، فلم يحرز اي تقدم يذكر، وبقيت العقد ذاتها من دون حلحلة، الا ان نادر الحريري اعلن للصحافيين ان موضوع الصوت التفضيلي تم حله، وبقيت هناك نقطتان عالقتان بالنسبة لقانون الانتخاب وهما: مقاعد المغتربين وعتبة المرشح للفوز، لافتا الى ان كل الاطراف تعتبر ان عدم الاتفاق على قانون أمرٌ سيِّىء، ولذلك فالكل يتصرف بمسؤولية للوصول الى اتفاق.
وكشفت المعلومات، ان الاجتماع، رغم التأكيد على ان اجواءه كانت ايجابية لم يخل من نقاش حاد في بعض الاحيان، ولا سيما بين الوزير خليل والنائب عدوان الذي اتهم عين التينة بالتراجع عن التعديلات التي سبق ان اقترحتها لتثبيت المناصفة، فرد عليه وزير المال، مؤكداً ان الرئيس بري لم يتراجع عن موقفه، لكن فريقكم هو الذي طرح طروحات بديلة رفعت من السقف، واوصلتنا الى ما وصلنا اليه اليوم.
وتقاطعت معلومات مصادر الثنائي المسيحي، مع معلومات مصادر نيابية قريبة من عين التينة، بان العقد التي تعيق الوصول الى اتفاق على القانون، ما تزال هي هي، والتي تتمحور اساساً حول خمس نقاط ابرزها:
– عتبة التأهيل الى الفوز بالنيابية، حيث يصر الفريق المسيحي على ان تكون النسبة في حدود 40 في المائة من الاصوات، بشرط ان تكون من طائفة المرشح، الامر الذي يرفض الثنائي الشيعي، وإن كان لا يمانع من نسبة الـ40 بالمائة لكنه يرفض تطبيق الاصوات، لئلا يكون ذلك مجرّد غطاء للقانون الارثوذكسي.
– المقاعد الاغترابية، والتي يُصرّ عليها يضاً الثنائي المسيحي، ويقترح أن تكون ستة مقاعد تمثل القارات الست التي ينتشر فيها المغتربون، ويقترح من أجل ذلك، اما تخفيض النواب إلى 108، بحسب ما جاء في اتفاق الطائف، أو تخصيص هذه المقاعد من ضمن «كوتا»، لكن الفريق الشيعي، ومعه تيار «المستقبل» يرى انه من الصعب تحديد هذه المقاعدة نسبة إلى اللبنانيين المنتشرين، ولماذا هذه القارة وليست تلك فضلاً عن رفض تخفيض عدد النواب.
– وعلى الرغم من معلومات عن طي الحديث عن تثبيت المناصفة، الأمر الذي يفرض تعديلاً للدستور، فان «التيار الوطني الحر» ومعه «القوات» يرى أن النظام النسبي لا يستقيم الا بالمناصفة، خوفاً من طغيان العدد، وهما يعتبران النسبية من دون مناصفة خطرة على الكيان، في حين يؤكد الثنائي الشيعي، لا سيما حركة «امل» أن تثبيت المناصفة، يجب ان يكون في اول انتخابات تجري على اساس قانون غير طائفي طبقاً للمادة 24 من الدستور والتي تنص على انه «والى أن يضع مجلس النواب قانون انتخاب خارج القيد الطائفي توزع المقاعد النيابية بالتساوي بين المسيحيين والمسلمين ونسبياً بين طوائف كل من الفئتين، ونسبياً بين المناطق».
لقاء الأربعاء
وفي هذا السياق، أوضحت مصادر نيابية أن الرئيس برّي قدم لنواب الأربعاء عرضاً مفصلاً ووافياً بالوثائق والتواريخ بالنسبة لطرح إنشاء مجلس الشيوخ وتكريس مبدأ المناصفة، مذكراً بأنه كان عرض هذا الأمر على البطريرك الماروني بشارة الراعي خلال لقائهما في روما، ثم أعاد طرحه خلال جلسات الحوار الوطني في بعبدا التي دعا اليها الرئيس السابق ميشال سليمان، ثم في هيئة الحوار الوطني.
وجدّد الرئيس برّي التأكيد امام النواب على ضرورة الإسراع في إنجاز قانون الانتخاب، لا سيما وأن المهل بدأت تضيق على موعد جلسة 12 حزيران، والمحصورة بإقرار القانون، مشدداً على وجوب التوافق عليه واقراره بمادة وحيدة.
ووصفت المصادر النيابية التشديد على المادة الوحيدة في خانتين: تسريع إقرار القانون بعد التوافق على التفاصيل، وعدم الافساح في المجال امام الشيطان ليدخل مجدداً في حال الاقرار مادة مادة، من دون ان يلغي ذلك حق النواب في النقاش قبل التصويت على القانون في الهيئة العامة.
اما مسألة الابقاء على موعد الجلسة أو تأجيلها فهو رهن تطورات الاتصالات والمشاورات واللقاءات الجارية للتفاهم على التفاصيل والتي لا تزال عالقة، مع الأخذ بالاعتبار في حال كان هناك اتجاه للتأجيل مهلة الخمسة ايام لتوقيع رئيس الجمهورية على القانون او رده، الامر الذي يحول دون تأجيل الجلسة أكثر من يومين اثنين فقط.
ونقل النواب عن برّي قوله أن المنطقة تشهد تطورات خطيرة غير مسبوقة مما يفرض على الجميع في لبنان ان يكونوا على قدر المسؤولية الوطنية لتحصين لبنان وإنجاز الاستحقاقات الداخلية وفي مقدمها قانون الانتخاب.
بعبدا
في هذا الوقت، أعلن المكتب الإعلامي في رئاسة الجمهورية أن الرئيس ميشال عون تابع قبل ظهر أمس، المساعي الجارية للاتفاق على قانون الانتخاب، وخصص لقاءاته واتصالاته للغاية، وذلك بهدف الإسراع في إنجاز الصيغة النهائية لمشروع القانون تمهيداً لعرضه على مجلس الوزراء واحالته الى مجلس النواب.
وشدّد الرئيس عون في الاتصالات التي أجراها واللقاءات التي عقدها على ضرورة تقريب وجهات النظر بين الأطراف اللبنانيين وتذليل العقبات حتى يأتي القانون الجديد معبراً عن تطلعات اللبنانيين وآمالهم بقانون عصري يعكس تمثيلاً حقيقياً لمكونات المجتمع اللبناني بحيث تتحقق من خلاله العدالة والتوازن».
وأفادت مصادر سياسية لـ«اللواء» أن الاجتماعات التي شهدها قصر بعبدا صباح أمس وبقيت بعيدة عن الأضواء، عرضت النقاشات الجارية حول مشروع قانون الانتخاب، وتحسين الضوابط في ما خص النسبية، تفاديا لأي تفلت في تطبيقها لا سيما انها المرة الأولى التي تطبق في لبنان.
ورجحت المصادر أن يكون الرئيس عون التقى الوزير جبران باسيل والنائب إبراهيم كنعان، ولفتت إلى أن العنوان الاساسي تركز على اهمية التمثيل الصحيح وازالة العوائق من امام إنجاز القانون في أسرع وقت ممكن، وان الفرصة قد تكون سانحة لانتاج قانون يحمل صفات العدالة.
وقالت أن المشاورات ستستمر بشكل أسرع للوصول إلى إنجاز القانون بصيغته النهائية.
ومع ذلك، بقي السؤال الكبير قائماً في عين التينة وهو: اذا كان الفراغ غير وارد، وكذلك التمديد، فما هو الهدف من عرقلة التوافق على القانون؟
فوتيل في عرسال
إلى ذلك، شكلت زيارة قائد القيادة الوسطى في الجيش الأميركي الجنرال جوزيف فوتيل لوحدات اللواء التاسع في الجيش اللبناني المنتشر في عرسال برفقة قائد الجيش العماد جوزف عون والسفيرة الاميركية اليزابيث ريتشارد حدثاً لافتاً، لاعتبارات سياسية وأمنية، في خضم التطورات الحاصلة في المنطقة، وفي سوريا، حيث اطلع المسؤول الاميركي على خارطة انتشار القوى العسكرية ومراكزها المتقدمة على الحدود الشرقية في مواجهة التنظيمات المسلحة، وعلى قدراتها القتالية والاجراءات المتخذة لضبط الحدود ومنع عمليات التسلل وضرب تجمعات الارهابيين، بالاضافة إلى حاجاتها المطلوبة من الأسلحة والاعتدة واجهزة الرصد والمراقبة لتغطية هذه الحدود بصورة كاملة، بحسب تعبير بيان مديرية التوجيه في قيادة الجيش اللبناني.
وعبر الجنرال فوتيل عن تقديره للمستوى الذي وصل إليه الجيش اللبناني والذي أثبت كفاءة وقدرة عالية في مكافحة الإرهاب، وقال في بيان وزعته السفارة الاميركية في بيروت، أن «الجيش اللبناني يبقى بين شركائنا الاكثر قدرة وكفاءة، ونحن فخورون بدعمه بكونه المدافع الوحيد عن لبنان».
(اللواء)