تقرر أن زوجة الرئيس الفرنسي، بريجيت ماكرون، لن تحصل على اللقب الرسمي “السيدة الأولى” ولا على ميزانية خاصة بها، حسبما نقلت تقارير إعلامية عن مسؤولي الحكومة بعد عريضة قدمت ضد مقترح تغيير لوضع مكانتها الاعتبارية، وقع عليها أكثر من 275 ألف شخص في غضون أسبوعين.
وسوف يصدر خلال الأيام القليلة المقبلة “ميثاق شفافية” يوضح موقع زوجة الرئيس إيمانويل ماكرون وطبيعة دورها، بيد أن مساعدي الرئيس الفرنسي ومعاونيه يصرون على أن دور السيدة ماكرون سيقتصر على الإطار العام حصراً، لا السياسي، وذلك وفقاً لما ذكر في تقرير لصحيفة “غارديان” البريطانية.
ومن شأن الميثاق المنتظر حول وضع واعتبار بريجيت ماكرون أن يوضح دورها بصفتها زوجة الرئيس ويعلن للمرة الأولى أمام الشعب عن عدد الموظفين الذين يوضعون للعمل تحت أمرها، كما سيكشف أيضاً عن التكلفة الكلية لكل هذا على جيب دافع الضرائب الفرنسي.
ولم تصدر عن قصر الإليزيه أي تصريحات رسمية، إلا أن المسؤولين لم يجدوا مفراً من إبداء رد فعل على العريضة والتي يعترض الموقعون عليها على مقترح منحِ زوجة الرئيس لقباً رسمياً ومكانة اعتبارية وميزانية خاصة.
وكان ماكرون قد وعد أثناء حملته الانتخابية بـ”توضيح” دور زوجته من أجل “وضع حد للرياء” والازدواجية التي تغلف الوضع، وكانت إحدى أولى مبادرات وأوامر الرئيس بعد تسلمه المنصب إنشاء لجنة عمل للنظر في دور منصب “السيدة الأولى”.
68% من الشعب الفرنسي يعارضون
وكانت النسخة الفرنسية من “هاف بوست” قد تعاونت مع مؤسسة YouGov لوضع استبيان شهر أيار الماضي أشار إلى أن 68% من الشعب الفرنسي يعارضون إعطاء زوجة الرئيس أي دور رسمي.
وفي الوقت الحالي لا الدستور الفرنسي ولا البروتوكول ينص على أي قوانين بهذا الصدد، في حين أن زوجات الرؤساء السابقين جميعهن تدبرن أمرهن وتماشين انسياقاً مع ولاية أزواجهن الرئاسية، وكان تمويل أعمالهن العلنية منها والخيرية يأتي من ميزانية الإليزيه السنوية التي تتراوح من 5-7 ملايين يورو (5.9 – 8.2 مليون دولار).
لكن مسؤولي فريق الإدارة الرئاسية يصرون على أن التغيير الذي طرأ في الرأي بشأن دور زوجة الرئيس الفرنسي لم يكن سببه العريضة، وإنما سببه آراء وانعكاسات مجموعات عمل (في إشارة على ما يبدو لمستشاري الرئيس).
حيث غرد كريستوف كاستانيه المتحدث باسم الحكومة على تويتر كاتباً “لبريجيت ماكرون دور ومسؤوليات، ونحن نتطلع لنكون شفافين ونضع نصب أعين الجميع الوسائل التي ستكون تحت تصرفها”.
وكذلك كتب كاستانيه في سلسلة تغريدات له على “تويتر”: “ما من تغيير للدستور ولا من تمويل جديد ولا من مرتب شهري لبريجيت ماكرون. كفى مراءاة!”.
وجاء أيضاً في تغريدة أخرى له إنها “تتلقى في اليوم الواحد أكثر من 200 رسالة.. وتحرص أشد الحرص على المحافظة على صلة وصل مع الشعب الفرنسي”.
وكان كاستانيه قد قال في مقابلة له مع قناة France2 التلفزيونية “إننا لا نتحدث هنا عن وظيفة، بل نتحدث عن مكانتها الاعتبارية، فالوظيفة تستوجب دفع أتعاب، أما زوجة رئيس الجمهورية فلا تتلقى بدل أتعاب ولن تتلقى يوماً بدل أتعاب على ما تقوم به حتى رغم أنها دائمة الحضور بجانب زوجها. إنها مجرد مسألة شفافية”.
البرلمانيون يتحدون ماكرون
وقد اكتسب الجدل الذي أشعلته هذه القضية خصوصية أكبر لأنها تأتي بالتزامن مع “قانون أخلاقي” جديد يواجهه البرلمانيون الفرنسيون حيث يمنعهم من توظيف زوجاتهم أو أفراد عائلتهم.
ويواجه ماكرون الذي يعاني تدنياً في شعبيته بعد 3 أشهر فقط من توليه منصبه، تحدياً من السياسيين الذين يقفون في وجهه ويهددون بإفشال التصويت على “القانون الأخلاقي” الذي اقترحه والذي يحد فيه من امتيازاتهم والتي منها حق توظيف أقربائهم.
والقانون الأخلاقي الجديد هذا كان من أعمدة وركائز حملة ماكرون الانتخابية، فهو يهدف إلى تنظيف الحياة الفرنسية العامة بعد سلسلة فضائح هزتها، لكن إقرار هذا القانون بحاجة لأغلبية عظمى قدرها 289 نائباً من أصل 577 في الجمعية الوطنية الفرنسية، ولكن منذ تأجل موعد التصويت على القانون الخميس الماضي 3 آب الموافق للموعد الأصلي لنهاية الجلسة البرلمانية، ذهب العديد من النواب في عطلة.
جدير بالذكر أن جميع أعضاء الحزب الحاكم La République en Marche (حزب الجمهورية إلى الأمام) مطالبون بالالتزام بأوامر لحضور جلسة التصويت المزمعة اليوم الأربعاء آب قبل بدء عطلة الصيف البرلمانية، ولكن لن ينصاع الجميع لهذه الأوامر، حسب “غارديان”.
جان-ميشيل كليمان أحد المتمردين في حزب الجمهورية إلى الأمام، يرفض العودة من عطلته إلى باريس بغية التصويت، ويستخف بالقانون الأخلاقي إياه قائلاً إنه “ليس أولوية.. بل غير مجدٍ وفقيرٌ فكرياً”.
وتحدث كليمان إلى محطة France Info الإذاعية قائلاً “على أي حال، لا فائدة ترجى من الجلوس بجانب أغلبية ساحقة طالما أُمِرنا بالبقاء صامتين. إن تمضية الوقت بالجلوس على المقاعد والتفوه بلا شيء ليست طريقتي في الحياة البرلمانية”.
كذلك قال جان-كريستوف لاغارد، البرلماني عن حزب Les Centristes (المركزيين) فقد تحدث إلى صحيفة Le Parisien قائلاً إن التصويت يمكنه الانتظار حتى موعد انعقاد الدورة البرلمانية الجديدة في أيلول 2017 بعد العودة الجماعية لنوابه من عطلة الصيف.
وختم قائلاً “طالما أن تأجيل التصويت كان بسبب غلطة ارتكبها حزب الجمهورية إلى الأمام، إذاً لكان بإمكاننا الانتظار حتى موعد الدورة البرلمانية الجديدة لإقامة الاقتراع، لكن الحكومة تريد أن تتصدر العناوين الإخبارية بمشروع قانون أبله وسط آب.”، حسب تعبيره.
(Huffington Post)