رفع وزير العدل السابق أشرف ريفي سقف المواجهة الانتخابية، بهجوم قاسٍ شنه على الحكومة ورئيسها سعد الحريري، وعلى وزيري الداخلية والدفاع نهاد المشنوق ويعقوب الصراف، وطالت شظاياه القصر الجمهوري، متهماً إياه بأنه «تحول إلى غرفة عمليات لإدارة المعركة الانتخابية للتيار الوطني الحر»، ومطالباً بـ«استقالة الحكومة، وبرقابة دولية ترعى نزاهة العملية الانتخابية»، فيما أثار هذا الموقف حفيظة تيار «المستقبل»، الذي رأى في خطاب وزير العدل السابق «مجرد شعارات بعيدة عن الواقع».
وفي موقف جديد كشف عن عمق الأزمة بينه وبين «المستقبل»، أعلن ريفي أن «نتائج الانتخابات النيابية ستفجر مفاجآت بكل المناطق اللبنانية، ولا سيما في الشارع السني»، مؤكداً أن هذا الشارع «يجد نفسه اليوم مطية لحسابات خاصة، وشموعاً تضيء أنفاق الصفقات، وشاهداً على تسليم البلد إلى (حزب الله)». وأشار في تصريح لـ«الشرق الأوسط» إلى أنه بنى هذه التوقعات على «استطلاعات للرأي، وعلى التواصل المباشر مع الناس على الأرض في مختلف المناطق»، مشدداً على أن «البيئة السنيّة غير راضية على قيادتها (تيار المستقبل)، ولا على التسويات والتحالفات التي تجريها مع القوى المناهضة لمشروعها»، مبدياً أسفه لأن «هذه القيادة تستخدم البلد لخدمة مصالحها الخاصة، وتحول لبنان إلى دولة بوليسية».
ودعا ريفي إلى «طرح الثقة بوزير الداخلية (نهاد المشنوق)، ووزير الدفاع (يعقوب الصراف)، لأن مخابرات الجيش وفرع المعلومات (في قوى الأمن الداخلي) وجهاز أمن الدولة تعتقل عشرات الأشخاص، وتفبرك ملفات أمنية لهم، وتمارس الترهيب حتى يتركوا أشرف ريفي، ويلتحقوا بأحمد الحريري (أمين عام تيار المستقبل)»، وأضاف: «أمس (الأول)، أطلقت الأجهزة الأمنية سراح أحد مناصري عثمان المل، لكنها عادت واعتقلته اليوم (أمس)، لأنه رفض إزالة صوري من أمام منزله في منطقة القبة في طرابلس».
وطالب وزير العدل السابق بـ«حكومة حيادية لإدارة الانتخابات، خالية من أي مرشّح، لأن رئيس الحكومة الحالية (سعد الحريري) مرشح، ووزير داخليتها (نهاد المشنوق)، وأكثر من ثلثي أعضائها، مرشحين للانتخابات».
ومنذ استقالة ريفي من منصبه، كوزير للعدل، تشهد علاقته بتيار «المستقبل» مزيداً من التوتر والمواجهة، كان أبرزها في الانتخابات البلدية التي كسبها ريفي منفرداً في مدينة طرابلس (شمال لبنان)، بمواجهة «المستقبل» وتحالف سياسي عريض.
وكشف ريفي، الذي شغل منصب المدير العام السابق لقوى الأمن الداخلي لتسع سنوات، أنه «بدأ اتصالاته بالمنظمات الدولية، لمراقبة الانتخابات وضمان نزاهتها، لأننا لا نثق بحيادية وزيري الداخلية والدفاع لإدارة العملية الانتخابية»، متهماً القصر الجمهوري بأنه «تحول إلى غرفة عمليات لإدارة المعركة الانتخابية للتيار الوطني الحر، والقصر الحكومي بات مكتباً انتخابياً لتيار (المستقبل)، ووزارة الداخلية منصرفة لإدارة معركة المشنوق الانتخابية، بعد أن حولوا الأجهزة الأمنية إلى أدوات انتخابية»، مشيراً إلى أن «الهيئة العليا للإغاثة، كمؤسسة رسمية، باتت توزع رشى انتخابية، وتصرف المساعدات للموالين لـ(المستقبل) في الشمال، وتحرم الآخرين منها».
من جهته، ردّ عضو المكتب السياسي في تيار «المستقبل»، راشد فايد، على هذا الموقف العالي النبرة، فرأى أن كلام ريفي عن مفاجآت في الشارع السني «يدخل في باب المزايدات السياسية، والرد الحقيقي عليه أن يقول لنا ما هي خطته البديلة لمواجهة (حزب الله)، ومشروع هيمنته على البلد»، ورأى في تصريح لـ«الشرق الأوسط» أنه «من السهل استنفار العصب الغرائزي لدى الناخبين بعناوين براقة لا تأخذ في الاعتبار المعطيات السياسية القائمة».
أما الاتهامات التي طالت القصر الجمهوري والحكومة والوزراء، فترك فايد للمعنيين بها الرد عليها، لكنه قال «لأجل إنعاش ذاكرة اللواء ريفي فقط، وحديثه الدائم عن تسوية مع قتلة الرئيس الشهيد رفيق الحريري، فإن الرئيس سعد الحريري لم يخفِ إيمانه بأن المحكمة الدولية الخاصة بلبنان هي التي ستقتص ممن غدروا بالرئيس الشهيد رفيق الحريري»، مذكراً بأنه «منذ إسقاط حكومة سعد الحريري الأولى (أواخر عام 2010)، أعلن الحريري صراحة أنه لا يمكن نزع سلاح (حزب الله) في هذه المرحلة، بل بضوء الحلول التي تطرح لمعالجة أزمات المنطقة المتعددة»، معتبراً أنه «من العبث قرع الطبول باسم نزع سلاح الحزب، وكأن الأمر مجرد قرار تتخذه الحكومة أو مجلس النواب».
وعلى قاعدة التسليم بأن كل الأسلحة السياسية متاحة في المعركة الانتخابية، تمنى راشد فايد على ريفي أن «يخوض الانتخابات دون استخدام اللهجة المذهبية والطائفية في مواجهة (حزب الله)، الذي يتصرّف بدوره من منطلق طائفي ومذهبي»، مبدياً أسفه لـ«اعتماد الأسلوب الذي يكرس صراعاً يؤدي إلى خراب الحياة العامة، التي هي اليوم أحوج ما تكون إلى الاستقرار، لأن مؤسسات الدولة تكاد تتداعى نتيجة هذه السياسات العبثية».
(الشرق الأوسط)