ينطلق ريفي من قراره خوض الانتخابات من قناعة راسخة بأنّ الرأي العام في طرابلس وفي كل لبنان بات جاهزاً للتغيير، وبأنّ هذا التغيير سيترجم في صناديق الاقتراع، على شكل استفتاء بوجه السلطة، التي أوهمَت الناس أنّ التسوية الرئاسية التي أعقبها تشكيل حكومة، ستؤدي الى انفراج كبير، والى تحييد لبنان ووضعه في موقع يجنّبه ما يحصل في المنطقة، والتي أوهَمته ايضاً بأنّ عهداً جديداً قد بدأ في تسيير عجلة الدولة والاقتصاد، فإذا بالوقائع تشير الى العكس، حيث ثبتَ خلال الاشهر الأولى للعهد والحكومة، انّ مفهوم بناء الدولة قد تراجع الى الحد الأدنى، بشقّيه الاصلاحي والسيادي، وانّ وصاية إيرانية شبه كاملة سيطرت على القرار اللبناني.
يحرص ريفي على التواصل بشكل دائم مع رموز المجتمع المدني، والشخصيات المستقلة، والقوى المعارضة. وهو جزء من عملية تواصل حثيث، لتوحيد جهد المعارضين، وإنتاج معارضة بمشروع يمثّل نقطة التقاء، خصوصاً في العناوين الكبرى.
وعلى رغم الاستعداد اللوجستي (الذي أصبح ناجزاً) لخوض انتخابات طرابلس، يحرص ريفي على استقبال الكثير من الوفود والشخصيات، من كل المناطق، من البقاع والجبل وبيروت وعكار والجنوب، كما يقوم بحركة اتصالات مع قوى سياسية، للاستعداد لبلورة صورة المعارضة، وقد قطعت الاتصالات شوطاً لا بأس به في هذا الاطار.
لا ينظر ريفي الى الانتخابات الفرعية في طرابلس على أنها معركة كسب مقعدين نيابيين، وعلى رغم الجهوزية الكاملة سياسياً وعملياً لخوض المعركة، يرى أنها تشكّل جزءاً لا يتجزأ من مواجهة على المستوى الوطني، لمنع تكريس الوصاية الايرانية المتمثّلة بـ»حزب الله»، كما لمنع انهيار الدولة تحت وطأة الفساد المستشري وتقاسم الادارة، والمحاصصة.
وليس من المستغرب أن يحوّل ريفي الانتخابات الفرعية الى نموذج لالتقاء قوى المعارضة والمجتمع المدني، والمشاركة في دعم مرشّحَيه، باعتبارهما يخوضان منذ الآن انتخابات ستكون مؤشراً للانتخابات العامة.
من هذه الزاوية، قام ريفي في كل المحطات التي أمكن فيها مواجهة السلطة، بدعم الخيارات البديلة، سواء في نقابة المهندسين، حيث فاز النقيب جاد تابت، وفي نقابة المعلمين، حيث نال النقيب السابق نعمة محفوض تسعين بالمئة من أصوات معلّمي الشمال، وكان هذا رقماً معبّراً، يعطي الكثير من العِبَر.
ولم يكن الدعم الذي عبّر عنه ريفي لمحفوض سوى ترجمة لمسار لن ينتهي الّا بخوض الانتخابات وفقاً للمعايير التي خيضَت بها انتخابات بلدية طرابلس، وللدوافع التي أدّت الى تأييد مستقلّي النقابات.
والخلاصة، السير نحو تحالفات معاكسة لمنطق «التحالف على القطعة»، والتمسّك باختيار التعاون مع القوى الحزبية المعارضة والشخصيات المستقلة ورموز المجتمع المدني، لتشكيل لوائح تعطي نموذجاً نقيضاً عن التحالفات الهجينة، وتقدّم تصوراً وبرنامجاً إنقاذياً، يضع اللبنانيين أمام خيارين، ويستفتيهم في معظم الدوائر، من الجنوب الى الشمال، والبقاع والجبل والعاصمة بيروت.