محسن السقال
غادر ابو طوني هذه الدنيا الفانية الى الضفة الاخرى منها، ترك وراءه عائلة مؤلفة من اربعة شباب و تسع بنات من خيرة ابناء ضيعته مزيارة، ترك وراءه طوني، بيار، جوزاف، نبيل، عائلة المرحومة اليزابيت، جورجيت، جانيت، جوزات، صونيا، ماري، ليلى، ريما، رندا، واعداد واعدة من الاحفاد.
ذهب ابو طوني بصمت الى جوار ربه وزوجته الفاضلة الوفية، ابنة الضيعة الوادعة، الأم المكافحة الحنونة، المؤمنة المشحونة بالقوة الروحية، صانعه الخبز لزوجها واولادها بيدين راضيتين، الام الحكيمه فى كلامها ولسانها، الملازمة لاولادها واحفادها لتمنع عنهم الاذى وتحتضنهم في السراء والضراء كما عاشت مع زوجها.
رحل الرجل العصامي الذي شق طريقه في الصخر منذ نعومة اظافره، عمل طوال حياته بصمت ونشاط، وكانت ساعات عمله متواصلة بلا كلل ولا ملل، ممزوجة بحبات العرق التي تزين جبينه وبقلب كبير بحجم عائلته.
تعرفت على ابو طوني منذ اكثر من ثلاثة عقود في منزل شقيقه ابو اسعد رحمه الله، لم يكن يرضى بأي عمل غير منجز رغم انه لم يكن يحوز على شهادات علمية ولا دخل الجامعة ولا عرف الانترنت، ولكنه عرف كيف يبني أسرة متماسكة لم ينفرط عقدها رغم الصعوبات التي مرت عليهم خلال حياتهم اليومية، ورغم ان بعضهم غادر ارضه وبيته الى اقاصي الدنيا بحثا عن العمل والرزق، الا انهم بقوا متمسكين ومتجذرين بارضهم وعائلتهم الواحدة الموحدة المجبولة بعرق ووصية والديهم وايمان خالقهم.
غادر ابوطوني بلدته الابية الى الدنيا الخالدة، حين هوى على دربها قاصدا بيت الله كما كان يفعل يوميا، غادر متوجها الى السماء بجانب القديسين وحراسة الملائكة، غادر ليسكن الى جانب ابنته اليزابيت وزوجته الفاضلة ام طوني، تاركا لعائلته ارثا من الصيت الطيب والاخلاق الحميدة.
بولس سليمان ” اعبور” فعلا انك تشبه حبة القمح التي اثمرت حقولا من السنابل المذهبة، انطفأ سراجك الذي كان يضيء الدروب المظلمة في ايام الصعاب، ولكنك ستبقى عنوان الاب المثالي وابن الضيعة المؤمن، المميز بالدقة والحرص على ما هو حق وعدل وصواب.
ستبقى ذكراك محفورة طوال العمر في قلوب اولادك وأحفادك وأصدقائك وكل أهالي مزيارة و من تعرف عليك، ونطلب من الرب يسوع ان يسكنك جناته الواسعة وان يمنح اولادك واحفادك القوة والصبر والسلوان ليتحملوا غيابك الاليم والمحزن.