خاطب رئيس المجلس الثقافي للبنان الشمالي صفوح منجّد الهيئات والأندية الثقافية في لبنان، متسائلا: لماذا نكتب؟ ولمن؟ إنظروا.. نحن بلد جريح ينزف ويستغيث ولا يسمع من أبنائه إلآ الكلمات.. في حين يستمر المسؤولون في غييهم وفي تعمية أبصار الناس بمشاريع وهمية وبمعسول الكلام.
وقال: ها نحن نعيش ونلمس الآلام والجراح التي آلت إليها الأوضاع على مختلف الصعد وفي كافة المجالات الحياتية والصحية والتربوية والإقتصادية المتردية والتي اصبحت في الحضيض، ولم يعد بمقدور حتى الطبقات الوسطى والفئات التي كانت توصف عادة بالميسورة، الحصول على قوتها اليومي وقوت عيالها وعلى الدواء لها ولأفراد عائلتها، ناهيك عن الغاز والمحروقات التي تسجّل إرتفاعا يوميا بأسعارها الفلكية، وفي خضم هذه الصورة القاتمة عن بلدنا وعن ناسنا ندعو ونلح على مثقفينا أن يتحولوا من القول إلى الفعل؟ وأن تكون كلماتهم صدى أفعالهم؟ وبالمقابل ماذا يفعلون؟ أيريدون أصعب من هذه المرحلة التي نمرّ بها وطنا وشعبا وأمّة؟ .
وتابع: إذا لم يكن أوان الفعل في هذا الزمن الحاضر ووسط هذا الضياع الذي تعيشه غالبية مؤسساتنا الثقافية، أفرادا ومجموعات فمتى يمكن التحرك لإنقاذ شعبنا مما يعانيه ؟ هناك طاقات، أعرف أنها تواجدت في بعض الأماكن والساحات ولكن أين إستمراريتها في أوقات الشدّة؟ ألسنا نحولها إلى كلمات فاترة فيما المطلوب ان تكون توطئة إلى حركة ثائرة تلسع الوجوه والضمائر وتحث لنفض العجز والإتكالية؟ وإذا لم نفعل نحن من سيقوم نيابة عنّا بدورنا وبجوهر هذا الدور؟ .
ومضى متسائلا: ألم تشعروا بالخيبة من بعض “التحركات” الرسمية التي برزت مؤخرا وبعد طول غياب وتحت بند( معالجة الوضع الراهن) بأن المسؤولين الذين قيل أنهم إنصرفوا لمعالجة الشأن العام قد توصلوا بالنتيجة لرمي الكرة إلى ملعب موظفي الدولة وكأنّ هؤلاء هم المسؤولون عن “خراب البصرة” وفي محاولة لمزيد من التسويف طلبوا من الموظفين إجراء إنتخابات فيما بينهم لإختيار من يتحدث بإسمهم ويطرح قضاياهم (؟) وكأنّ هناك من لا يزال غير مطّلع أو مُلم بمصائب وويلات ما تعانيه هذه الشريحة الكبرى من الوطن، ولعلنا لا نجافي الحقيقة ونسأل بصراحة ورصانة كم سينتظر المسؤولون من وقت لتنتهي عملية هذه الإنتخابات وفرز الاصوات والدخول في متاهات النكايات والنفوذ وتمثيل المحاسيب في عملية الإقتراع؟ سيما أنهم برعوا في إحتراف هذه الأساليب ؟.
وإستدرك قائلا: ألا يتوجّب على ساكني قصور الحكم أن يتساءلوا حقيقة عن الاسباب التي أفلست هذه الدولة ومؤسساتها الرسمية التي “حشروا” فيها المحاسيب والاتباع قبل وبعد الإنتخابات برتبة (سكرتير) وهم أنفسهم الذين حاولوا “توظيف” وزرائهم في ملاك الجامعة اللبنانية الوطنية ! وماذا لو ضبط هؤلاء المسؤولون الميزانية العامة ورفعوا أيديهم عنها وعن تمرير صفقاتهم ، أما كانت الأوضاع الإدارية ستصبح في أفضل حال؟
وختم منجّد كلامه إلى المثقفين: ألا توافقوني أنّ المطلوب هو أن تتحوّل الكلمات إلى منشار بدل أن تكون منشورا؟ إننا نتلهى بنثر كلمات طيبة من بالونات محلّقة بعيدا.. بعيدا عن حياة الناس وآلام شعبنا وعن طموحاته وآماله وتطلعاته.. يجب أن تتصل ثقافتنا وفكرنا بهذه الآمال والآلام .. شبعنا من الكلمات الجوفاء، وآن لنا الإقلاع عن تحبير صفحاتنا بالمنشورات التي لا تخاطب سوى العواطف والمشاعر دون أن تفعل فعلها بإنضاج الفكر والعقل وبالتالي تثوير الطاقات. ألا ترون معي أنه آن الأوان لتتحوّل مؤسساتنا الثقافية والعلمية والتربوية إلى بيئة لتخريج مثقفين فعليين لا أن نكون مجرد أجهزة لتفريخ ثقافة تابعة ومثقفين مسلوبي الإرادة والعقل والحركة؟ ! لأنّ في ذلك عودة إلى إستنساخ المنظومة إياها المسؤولة عن خراب لبنان وتفككه وتجويع شعبه .