استمر توافد المواطنين المرحبين برئيس الجمهورية العماد ميشال عون الى المقر الرئاسي الصيفي في بيت الدين. وفي هذا السياق، استقبل بعد ظهر اليوم رئيس الحزب السوري القومي الاجتماعي فارس سعد على رأس وفد من منفذية الشوف.
سعد
وحيا سعد الرئيس عون على “المواقف الوطنية التي يتخذها والحاسمة حيال الدفاع عن لبنان تجاه أي اعتداء يطاله وخصوصا من قبل العدو الإسرائيلي”، وقال: “كما نحيي موقفكم من الاحداث التي شهدها الجبل والتي كادت ان تؤدي الى فتنة لولا حكمتكم وسعة صدركم، ونحن كحزب حرصنا على الوقوف على مسافة واحدة من الجميع في هذا الامر، ونقف كقيادة حزب الى جانبكم من اجل بناء الدولة العلمانية والمدنية. ونحن نشد على يدكم من اجل الحملة التي تقودونها لمكافحة الفساد والهدر، والتي من شأنها ان تؤسس الى إعادة بناء الدولة على أسس صحيحة، وهو موقف معروف عنكم منذ سنوات طويلة، كما تعملون على إرساء مفهوم اقتصاد الإنتاج وهو احد الحلول لتحسين الاقتصاد والنمو والمحافظة على المجتمع وتوقف تصدير الشباب اللبناني وتعزيز الإنتاج”.
رئيس الجمهورية
ورد الرئيس عون مرحبا بالوفد، معتبرا ان “من الواجب على المسؤولين نزع القلق من الجبل الذي شهد تاريخيا تعايشا لا يجب ان يهتز، وأمل ان نعطي امثولة من الحاضر الى المستقبل حول فداحة الأخطاء التي ارتكبت وزعزعت هذا التعايش دون ان تنال منه”.
وأوضح أن “من اسباب الوضع الاقتصادي الصعب، اللجوء الى الاقتصاد الريعي واهمال الاقتصاد المنتج”، وقال: “سنعتمد خلال الأيام القليلة المقبلة خطا تصحيحيا لتعزيز الاقتصاد، وقد نشهد تدابير صعبة ولكنها ضرورية. فالمريض قد لا يعجبه طعم الدواء ولكن يجب ان يتناوله كي يشفى”.
وشدد الرئيس عون على ان “الوقت الذي نملكه ضيق من اجل المعالجة وسنتخطى الازمة، انما يجب الاخذ في الاعتبار ان هذه المعالجة تأخذ بعض الوقت، لكننا سنرسي أسس الحل، وهذه هي حقيقة الأمور، ولا نعمد الى اخفائها عن الناس كما كان يحصل سابقا”.
اضاف: “وجهنا الدعوة الى رؤساء الاحزاب اللبنانية لبحث الازمة الاقتصادية، لأننا نعتبرها ازمة وطنية ولا يجب الوقوف عند الأسباب فقط على الرغم من انها مهمة، انما يجب ان نأخذ الإجراءات لنتحمل مسؤوليتنا، وهو امر صعب بالفعل، انما لا بد منه لنتمكن من الخروج من الازمة، مع التشديد على أهمية عدم الاستماع الى الشائعات التي تنقل الازمة من واقع الى آخر وتؤدي الى الهلع والبلبلة”.
ولفت الرئيس عون الى “أهمية الوحدة والعيش المشترك والى ان الاختلاف في السياسة قائم حتى داخل الأحزاب الواحدة، لكنه لا يتحول الى خلاف ومشكل أساسي وجوهري، وما حصل في الجبل قد تم تجاوزه واحترام حرية المعتقد وحق الاختلاف هو امر أساسي في المجتمع ويجب احترامه”.
وفد رؤساء بلديات جزين
ثم استقبل الرئيس عون، وفدا من رؤساء بلديات جزين وتحدث باسمهم رئيس اتحاد بلديات جزين خليل حرفوش باسم الوفد، شاكرا الرئيس عون على استقباله، وقال: “جئناكم اليوم من جارة الشوف جزين. تلك المنطقة الواقعة على تقاطع صيدا – النبطية – الشوف – البقاع الغربي، التي عانت ما عانته من تهجير واحتلال وقصف وحصار، ها هي الآن تنفض عنها غبار النسيان والإهمال وعادت تتألق منطقة سياحية خضراء. فخامة الرئيس، لقد عملنا جاهدين في السنوات الماضية مع الزملاء رؤساء البلديات، في بناء نموذج من خلال مأسسة البلديات والاتحاد ووضع خطط انمائية طويلة الأمد، وتم تنفيذ العديد من المشاريع الكبرى خصوصا على صعيد البنى التحتية، اكثريتها بفضل دعمكم المباشر. ونحن، باسم أهالي منطقة جزين نشكركم على ذلك”.
اضاف: “فخامة الرئيس، لقد لعب أهالي منطقة جزين دورا اساسيا في إرساء السلام منذ القرن السابع عشر، يوم اتى فخر الدين بالسكان الحاليين بهدف تخفيف الاحتقان بين اهل الجنوب واهل الجبل، فقاموا بدورهم على اكمل وجه. ونحن اليوم نعتبر انفسنا مؤتمنين على تلك المهمة المقدسة وذلك برعايتكم الفاضلة، فأنتم القدوة في إرساء السلم الأهلي وجمع اللبنانيين على اختلاف انتماءاتهم وإرساء المصالحات الداخلية وآخرها الأسبوع الماضي بعد حادثة قبرشمون الأليمة. فخامة الرئيس، نحن ننظر اليكم ونقتدي بمثالكم، لننجح في تحويل منطقتنا الى منطقة نموذجية حيث القانون هو السائد بعيدا عن المحسوبيات والزبائنية السياسية. قد ينتقدنا البعض على انفتاحنا والبعض الآخر على صرامتنا في تطبيق الأنظمة، وآخرون على محاربة بيع الأراضي، فلينتقدوا قدر ما يشاؤون ونحن لن نحيد عن المسار الذي وضعتموه انتم، مسار الانفتاح والكرامة في آن واحد، مسار الإصلاح ومحاربة الفساد، مسار المصالحة والمصارحة”.
وتابع: “فخامة الرئيس، لقد جرت في الأشهر الماضية محاولات فاشلة لتشويه صورة المنطقة وصورتنا على حد سواء، وانتم ادرى بمدى حرصنا على المحافظة على البيئة من جهة وحسن العلاقات من جهة أخرى، كما انكم شاهدون لا بل مشاركون في التصدي لعدة مشاريع مشبوهة، لا سيما في كفرفالوس، وقد اطلعناكم في وقتها على التفاصيل وقمتم بما يلزم لدعمنا من اجل إيقاف المشروع وهذا ما حصل بالفعل بالرغم من الشائعات التي لا زالت تطلق بين الحين والآخر”.
واكد أن “منطقة جزين ستبقى محمية، جميلة، نظيفة، شامخة ومنارة في الثقافة والتنمية والتقدم. وانا اتعهد امامكم، طالما انني في سدة المسؤولية، سأبذل كل جهد لتأمين التمويل اللازم لاستمرار الانماء في مختلف البلدات الجزينية، غير انه لا بد من رفع الصوت عاليا اليوم امامكم، طالبين منكم التدخل لدى المراجع المختصة لدفع مستحقات البلديات من الصندوق البلدي المستقل والخلوي وغيرهما، اذ ان متطلبات الاستمرار بالقيام بواجباتنا أصبحت على المحك”.
واردف: “فخامة الرئيس، يمر لبنان اليوم بأزمة اقتصادية غير مسبوقة، ان استمرت سوف تدمر لبنان وتضعه مجددا تحت السيطرة الأجنبية. املنا كبير بكم للاستمرار في إرساء المصالحات الوطنية وجمع كل الفرقاء في سبيل قيام دولة القانون من جهة، ولتطبيق الإصلاحات الاقتصادية وإنقاذ البلد من الانهيار من جهة ثانية. لقد قبلتم الكثير من التحديات سابقا وربحتموها كلها، من محاربة الاحتلال الى اطلاق النضال الى العودة الى معركة التحرر، ونحن متأكدون اليوم انكم سوف تربحون هذا التحدي”.
جرمانوس
كما تحدث نائب رئيس الاتحاد رئيس بلدية لبعا فادي جرمانوس عارضا المخاطر التي تهدد البيئة في المنطقة، طالبا من الرئيس عون “التدخل لوقف التعديات”.
رئيس الجمهورية
ورحب الرئيس عون بالوفد، وتطرق الى الازمة الاقتصادية التي يعاني منها لبنان اليوم “والتي تعود الى اكثر من ثلاثة عقود من الزمن بسبب السياسة الاقتصادية الخاطئة التي كانت معتمدة والتي زادت الأغنياء غنى والفقراء فقرا وقضت على الطبقة المتوسطة، ونحن سنعمل من اجل تحسين الوضع الاقتصادي على أسس سليمة وصحيحة”.
وشدد الرئيس عون على “أهمية الانفراج الذي شهدته الأجواء في الجبل اخيرا بعد احداث قبرشمون”، وانه سعى الى “تبديد اجواء القلق لدى المواطنين الذين تجاوبوا مع مسعاي من خلال توافدهم الى المنطقة بأعداد كبيرة، وازدياد عدد السياح الذين كانوا يزورون قصر بيت الدين بحدود 400 زائر يوميا، وارتفع العدد في الأيام الاخيرة الى حدود الـ1500 زائر يوميا، وهو امر إيجابي يؤشر الى ان العيش المشترك اصبح راسخا ولم يعد هناك من قلق وخوف بعد ان عاين الجميع ان النموذج المتبع في التعاطي مع الازمات يطمئن، وعالجنا المشكلة سياسيا لتهدئة النفوس ومنع تمددها، وتولى الجيش معالجتها من الناحية الأمنية، وكلفنا القضاء العسكري التحقيق وتحديد المسؤولية. هذا هو النموذج الذي نتبعه لمعاجلة الأوضاع، فالامن والاستقرار هما ألاساس لبناء المصلحة الوطنية ومصلحة الشعب، فلا انتاج في ظل الخوف على الامن، وهذا ما عايناه حين تواجد الارهابيون في الجرود حيث أصيب البلد بالشلل على كل الأصعدة، والحمد الله استطعنا انهاء هذا الوجود بقدراتنا الذاتية، وارسينا الاستقرار وبقيت المشكلة الاقتصادية التي نعالجها حاليا وستأخذ بعض الوقت”.
ولفت الى ان “الاستيراد يشكل لنا مشكلة حقيقية لنا، فقد سجل ميزان المدفوعات عجزا بلغ 16 مليارا، وهذا يوجب علينا الإنتاج، كما لا يجب ان يكون مصروفنا اكثر من قدرتنا على الإنتاج، وهذا يساعدنا على الخروج من الازمة، وواقع يجب ان يقال من دون مواربة، وعلينا ان نتعاون جميعا أينما كنا في موقع المسؤولية كي نصل جميعا الى الهدف المنشود”.
وفد بلدة سرجبال – الشوف
كما استقبل الرئيس عون، وفدا من بلدة سرجبال – الشوف الذي تحدث باسمه رئيس البلدية أنطوان أبو رجيلي مرحبا برئيس الجمهورية في الشوف، مشيدا ب”الاهتمام الذي ابداه ويبديه في وضع البيئة والطبيعة”، مشيرا الى “العمل من اجل المحافظة على البلدة بخصائصها الطبيعية”، معددا بعض المطالب التي تحتاجها البلدة واهمها “مشروع الصرف الصحي ومشروع المستشفى الحكومي في دير القمر”.
وبعد ان رحب الرئيس عون بالوفد، طمأن الى ان “العمل على تحسين الوضع الاقتصادي سيبدأ فعليا”، داعيا اللبنانيين الى “اعتماد سياسة تقشف على كل المستويات لتخطي هذه الازمة الصعبة”.
ومن المقرر ان يرأس الرئيس عون ظهر غد، جلسة لمجلس الوزراء في قصر بيت الدين.