تحت عنوان: “2171 أستاذا يشحذون ساعات التعاقد”، كتبت فاتن الحاج: هل سيكون 17 تموز موعداً نهائياً لإلحاق 2171 أستاذاً في التعليم الثانوي الرسمي، ممن نجحوا في مباراة مجلس الخدمة المدنية، بدورة الإعداد في كلية التربية في الجامعة اللبنانية، أم أنّ وزارة التربية ستضرب موعداً جديداً سيضاف إلى المواعيد السابقة وهي: 15 شباط و17 نيسان و1 تموز و5 تموز؟
الناجحون المقبولون ينتظرون، على الأقل، قراراً خطياً يحدد رسمياً موعد الالتحاق، وإلا سوف يقفلون أبواب كلية التربية ابتداءً من الأول من تموز. هذا ما لوّح به الأساتذة بعد 5 أشهر على صدور مرسوم تعيينهم في ملاك وزارة التربية، الرقم 89 بتاريخ الأول من شباط 2017، بعد نيلهم شهادة الكفاءة من كلية التربية. تجدر الإشارة إلى أنّ هناك ثلاثة أساتذة ناجحين، من ذوي الاحتياجات الخاصة، يترقبون أيضاً إدراج ملفهم على جلسة مجلس الوزراء للموافقة على انضمامهم إلى دورة الإعداد نفسها.
في انتظار مراسيم الإلحاق بكلية التربية، وجد أساتذة كثر أنفسهم على أبواب مديري الثانويات يشحذون ساعات التعاقد، بعدما سمح وزير التربية السابق الياس بوصعب بإعطاء الناجحين بين 8 و12 ساعة تعاقد في الثانويات الرسمية. مِن هؤلاء مَن لم يحظ بهذا العدد من الساعات حتى، ولم تتجاوز الحصص المعطاة له 6 ساعات، في وقت أجبروا فيه على تقديم استقالاتهم من مدارس خاصة كانوا يدرّسون فيها، بالنظر إلى المادة 29 من نظام المدارس الخاصة التي تعطي إدارة المدرسة حق صرف أي معلم لم يقدم استقالته قبل 5 تموز.
الوعود بدخول الكلية تكرّرت بلا طائل، فيما لم يُسأل الناجحون كيف أمضوا سنتهم الأخيرة مع “حفنة” من ساعات التعاقد يتقاضون أتعابها كل 4 أشهر، وهي مصدر رزقهم الوحيد.
يروي أكرم باقر، أستاذ مادة التاريخ، كيف أن النجاح «خربط» كل كيانه. فبعدما “كنتُ أدرّس لمدة عشر سنوات في إحدى مدارس وكالة الأونروا براتب ثابت بقيمة مليوني ليرة لبنانية، اضطررت إلى تقديم إجازة من دون راتب، باعتبار أن وزارة التربية قد تطلبني في أي لحظة للالتحاق بكلية التربية، وبعدها لن أستطيع أن التزم بأي دوام آخر”. وكانت النتيجة أن حصّل 7 ساعات تعاقد في ثانوية رسمية فقط، “ومكسور على إيجار البيت”. يسأل: “من يعوّض علينا؟ من يتحمل مسؤولية الظلم الذي لحق بنا؟”. اليوم، يقف باقر أمام خيارين: “إما أن يعود إلى وظيفته، وإما أن يقدم استقالته ويخسر تعويضه”.
دخل مهدي سبيتي، أستاذ مادة الرياضيات، انخفض من 4500 دولار إلى 800 دولار، فهو غادر عمله في أربيل ــ العراق، حيث كان يدرّس في إحدى المدارس الخاصة الكبيرة هناك، بعد نجاحه في مجلس الخدمة المدنية منذ سنتين، “رغبة في أن أعيش حياتي الاجتماعية هنا”. وبذلك، خسر السكن والتعليم المجاني لأولاده، “ونفدت ذخيرتنا بكير بعدما اقترضنا لشراء شقة”.
أستاذة مادة الجغرافيا، راوية حسين، تخشى أن تخرج إلى التقاعد بلا راتب تقاعدي، فقد بلغت 44 عاماً في 15 آذار الماضي، أي أنها لن تدرّس حكماً 20 سنة من تاريخ الالتحاق. الوضع لم يكن على هذا النحو لو أنّ الالتحاق حصل بعد النجاح مباشرة، أي في آب 2015. تقول راوية إنها ليست الحالة الوحيدة، وقد يرتفع العدد مع استمرار تأخير الإلحاق. هي تركت مدرستها الخاصة وكل الضمانات من أجل 12 ساعة تعاقد لا تقبضها كل شهر.
خسرت أستاذة مادة اللغة الفرنسية، منى عوالي، الاستفادة من الصندوق الوطني للضمان الاجتماعي، بعدما اضطرت إلى الاستقالة من التعليم الخاص والالتحاق بالتعليم الرسمي، في حين أن زوجها لا يستفيد من أي تغطية صحية أخرى، وأولادها مسجلون على اسمها. هذه بعض القصص التي رواها الأساتذة، ومنهم من لم يرد ذكر اسمه، لكنهم تحدثوا عن انخفاض دخلهم إلى أقل من الحد الأدنى للأجور بعد ترك أعمالهم السابقة، واضطرارهم إلى اجتياز مئات الكيلومترات بين أماكن سكنهم والمدارس التي حجزت لهم الوزارة فيها ساعات تعاقد.
هذا التأخير المتكرر لفتح أبواب كلية التربية أمام الناجحين يعرّي الدولة، ففي حين أن الإعداد، يجب أن يكون خطوة تربوية تلقائية وبديهية، بات التحضير للدورة، من برمجة تأمين المال وتوفير التجهيزات التقنية والفنية وبرنامج الإعداد، يمتد لسنوات في بعض الأحيان. يذكر أنّ مجلس الوزراء وافق على صرف اعتماد بقيمة 67،208،047،300 مليار ليرة لمصلحة موازنة الجامعة اللبنانية – كلية التربية من أجل المباشرة بالدورة.
وكانت وزارة المال قد طلبت تأمين اعتماد بقيمة 33،850،858،350 مليار ليرة مخصصة للسنة الأولى، على أن تضمّن موازنة الجامعة اللبنانية للعام 2018، المبلغ اللازم لمتابعة الإعداد.