الدعوة التي أطلقها الرئيس المكلف حسان دياب الى الحراك الشعبي للتحاور معه بشأن تمثيله في الحكومة الجديدة، هي أول خطأ يقع فيه دياب، حتى لو كانت هذه الدعوة صادرة عن «حسن نية» وتعكس اعترافا بالحراك واستعدادا للتعاون معه، ولتكريس هذا الاعتراف رسميا. وهذا الخطأ يكمن في أن رد فعل الحراك سيكون سلبيا وستفسر دعوة دياب على أنها مماثلة وتكملة لدعوات صدرت عن الرئيس ميشال عون أو الرئيس نبيه بري، وتهدف الى الالتفاف على الحراك وشق صفوفه وإثارة خلافات داخله حول من يمثله ويتحدث ويفاوض باسمه، إضافة الى أن استقبال أفراد أو مجموعات والحوار معها لا يقدم أي مردود إيجابي وسيكون مضيعة للوقت، لأن الشكوك ستحاصر هؤلاء ومن داخل الحراك أولا.
في الواقع، أثار استقبال الرئيس المكلف حسان دياب لشخصيات من الحراك رفضا واسعا في أوساط المنتفضين الذين أكدوا أن تلك الشخصيات لا تمثل الحراك، كما أعلنوا رفضهم الحوار مع دياب الذي يفترض أن يبدأ تحركاته العملية لوضع هيكلية الحكومة وتأليفها بعد إنجاز المشاورات البروتوكولية.
وتشير مصادر الى أن المهمة الأصعب التي تواجه الرئيس المكلف إيجاد قناة تواصل حقيقية وتفاهم مع ممثلي الحراك لتمثيلهم في الحكومة، وسط رفض من الحراك للدخول في جنة السلطة، وانقسام ظهر في صفوفه بين من يرفض التعاون مع الرئيس دياب بالمطلق وبين من يريدون إعطاءه فرصة لتأليف الحكومة.
وقد تبين أن المشاورات التي قيل إنها جرت مع ممثلي الحراك كانت بشكل شخصي ومنفرد.
وتقول أوساط مطلعة على أجواء الحراك إن إعطاء دياب فرصة والحكم على أسماء الوزراء، موضوع نقاش واسع بين شباب الانتفاضة ويثير خلافا فيما بينهم.
ففيما يرفضه بعض المجموعات بشكل كامل على اعتبار أنه من إنتاج السلطة التي اختارت أخيرا الاختباء وراء وجه مبهم وغير معروف، يرى آخرون أن تكليف دياب يأتي ضمن مطلب وصول وجه مستقل وغير حزبي لرئاسة الحكومة، ويفترض تاليا انتظار بضعة أيام حتى ينجلي برنامجه الاقتصادي وعدة عمله وتتضح أسماء الوزراء.
وهم لا يرون مشكلة في التحاور معه، وربما التمثل داخل الحكومة أيضا إن كانت مطابقة لتطلعاتهم.
هؤلاء أيضا (يرفضون الكشف عن هوياتهم) يؤيدون الوصول الى صيغة ما لتنظيم الانتفاضة والانطلاق في خطة عمل فعلية وذات نقاط واضحة في موازاة تأليف الحكومة.
هي الفرصة الأخيرة بالنسبة اليهم، فالناس الذين وثقوا بهم في العام ٢٠١٥، ومنحوهم فرصة ثانية في العام ٢٠١٩، سيلعنونهم إذا ما فشلوا ويساوون بينهم وبين السلطة.
لا بل يمكن للطبقة السياسية أن تقنع «الناس التعبانة بأنه أفضل الموجود».
الانباء