عادت أزمة شح البنزين لتطل برأسها من جديد، مع فقدان نسبي للمادة في عدد من المناطق، واصطفاف طوابير أمام محطات في مناطق أخرى خوفاً من ارتفاع جنوني بالأسعار بعدما اتخذ مصرف لبنان قراراً بتخفيض الدعم بالدولار على استيراد المادة، من 85 في المئة إلى 55 في المئة، بشكل تدريجي.
وبفعل القرار الأخير، عاودت أسعار البنزين الارتفاع مجدّداً بعدما كانت سجّلت انخفاضاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة بسبب تراجع الأسعار عالمياً، ومن المرتقب أن ترتفع أكثر كلما انخفضت نسبة الدعم، لكن السؤال المطروح، هل يريد المصرف المركزي إنهاء الدعم على البنزين نهائياً، أم سيصل إلى نسبة معيّنة ويتوقّف؟
مصادر مطلعة في مصرف لبنان أشارت إلى أن “المركزي” لم يتخذ بعد قراراً بشأن نسبة الدعم التي سيصل إليها من خلال التخفيض التدريجي، ومن غير المعلوم بعد ما إذا كان سيحافظ على نسبة معيّنة من الدعم، أم سيوقفه بشكل نهائي، لكنه سيستمر في دعمه لأطول قدر ممكن ضمن إمكانياته.
ولفتت المصادر في حديث مع “النهار” إلى أن التخفيض يحصل تدريجياً، ومن المرتقب أن يستمر المصرف في دعم الاستيراد بما نسبته 55 في المئة لمدّة أسبوعين أو ثلاثة وحتى منتصف أيلول كحد أقصى، على أن يتم تخفيض هذه النسبة مرّة جديدة في ذلك الحين، وهذا هو المسار الذي سار فيه المصرف المركزي منذ بداية رحلة رفع الدعم عن استيراد البنزين منذ ثلاثة أسابيع.
المصادر كشفت أن كلفة الاستيراد الشهرية للبنزين تتراوح ما بين 150 و200 مليون دولار، وذلك يعتمد على الطلب وأسعار النفط العالمية، وحتى الآن، يؤمّن مصرف لبنان جزءاً من هذه المبالغ وفقاً لنسبة الدعم، لكن وفي حال توقّف الدعم كلياً، فعلى الشركات المستوردة اللجوء إلى السوق الموازية لتأمين الدولارات نقداً لسداد ثمن المادة.
وفي معرض ردها على قدرة السوق السوداء على تأمين هذه المبالغ واحتمال شح المادة في حال لم تتوفّر الدولارات، طمأنت المصادر إلى أن “السوق الموازية قادرة على تأمين حاجة الاستيراد “وزيادة”، وبالتالي لا نقص بالدولارات ولا نقص بالاستيراد والمادة، لكن ذلك سيكون عاملاً بين العوامل المتعددة التي تؤدّي إلى ارتفاع سعر الصرف في السوق السوداء”.
إلّا أن المصادر شدّدت على أن “الارتفاع الذي حصل بسعر صرف الدولار في الأيام الأخيرة مردّه ضغط التجّار على السوق السوداء لاستيراد منتجات متنوّعة بعد الحديث عن رفع قيمة الدولار الجمركي، وليس رفع الدعم عن البنزين وتوجّه التجّار نحو السوق الموازية لتأمين الدولارات، وبالتالي هذا العامل وحده (رفع الدعم) لم ولن يؤدّي إلى ارتفاعات كبيرة”.
المصدر: النهار