اكد مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان، أمام زواره، “أن العلاقة بين لبنان والمملكة العربية السعودية هي علاقة متينة ومتجذرة منذ استقلال لبنان، الأمر الذي ينبغي المحافظة عليها وصونها وتحصينها وتعزيزها، مهما كانت الظروف التي يمر بها لبنان، الذي هو بحاجة إلى مساعدة كل إخوانه العرب، وفي مقدمتهم السعودية لحل الأزمة التي يعيشها بعد استقالة الرئيس سعد الحريري والتمعن في مضمون الاستقالة”، داعيا الى “التروي والهدوء والحكمة والتبصر والبحث بجدية في أسباب استقالة الرئيس الحريري بعيدا عن المواقف والتصريحات المتشنجة التي لا تخدم وحدة لبنان وأمنه واستقراره”، مشيرا الى “أن الرئيس الحريري أكد مرارا عودته الى لبنان وفي ضوء العودة يبنى على الشيء مقتضاه”.
واستعرض المفتي دريان، في اتصال هاتفي مع رئيس مجلس النواب نبيه بري، آخر المستجدات على الساحة اللبنانية، وأعرب له عن تقديره لحكمته ومواقفه الوطنية. وقد بادر الرئيس بري المفتي دريان بالشعور والتقدير ذاته، منوها بأسلوبه في معالجة الأزمة اللبنانية.
الكتائب
واستقبل مفتي الجمهورية في دار الفتوى كتلة حزب الكتائب وأعضاء من المكتب السياسي للحزب برئاسة النائب سامي الجميل وجرى البحث في التطورات على الساحة اللبنانية.
سفير ايطاليا
كما استقبل سفير إيطاليا ماسيمو ماروتي وتم التداول في أوضاع لبنان والمنطقة.
قباني
بعدها، التقى النائب محمد قباني، الذي قال بعد اللقاء: “من الطبيعي أن نسترشد بتوجيهات سماحته في المحطات الرئيسية، وفي هذا المجال بدون شك، إن حكمة سماحته قد أكدت مرجعية دار الفتوى كمرجعية كبرى، ليس فقط للطائفة السنية، ولكن لجميع اللبنانيين. فقد أدار سماحته هذه المرحلة بحكمة وبروية ما ساهم بشكل واضح في حماية لبنان وفي حماية بعض القيادات أيضا من الانزلاق في ما يضر ولا يفيد”.
وتابع: “أود هنا أن أضيف بعض الأمور التي بدأت تظهر كحقائق ومنها: انه من المرجح أن يتوجه الرئيس سعد الحريري مع عائلته لتلبية دعوة الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون لقضاء إجازة صغيرة في فرنسا. وأريد هنا أن أضيف أننا في لبنان يجب أن نحرص على العلاقة الجيدة مع المملكة العربية السعودية، هذا امر نريد أن نؤكده اليوم كي لا يجنح احد الى مواقف سلبية تؤثر على لبنان، وتؤثر أيضا على رئيسنا سعد الحريري”.
أضاف: “الموقف الوطني الذي برز في دار الفتوى هو التجاوب مع كلام الرئيس الحريري بانه عائد، وقد كرر مرتين في اليومين الأخيرين “روقوا، روقوا”. يعني طلب منا الهدوء لكي تتم الحلول السياسية بهدوء، وأيضا علينا أن نتذكر ليس فقط ظروف الاستقالة، بل مضمون الاستقالة، ونوجه تحية مجددا لسماحته على مواقفه الوطنية الحكيمة”.
حوري
واستقبل مفتي الجمهورية النائب عمار حوري، الذي قال بعد اللقاء: “تشرفت اليوم بزيارة هذا الصرح الإسلامي الوطني وعلى رأسه سماحة المفتي بما يحمله من حكمة وبعد نظر، خصوصا في هذا الظرف الدقيق الذي يمر به لبنان وتمر به المنطقة. وكالعادة كررنا التمسك بالثوابت الوطنية المتمثلة بالدستور واتفاق الطائف، والثوابت العربية المتعلقة بانتماء لبنان العربي وتمسكه بالتزاماته العربية، وأيضا بالتزامات لبنان مع الأسرة الدولية”.
اضاف: “طبعا، نحن نمر في ظرف دقيق وحساس بانتظار عودة الرئيس سعد الحريري القريبة بإذن الله، وبانتظار الدخول في مرحلة انفراجات سياسية تعيد للوطن استقراره، وتعيد للوطن تسامحه، وتعيد للبنانيين العيش المشترك الذي هو مسلم به ولا نقاش فيه، وتعود الأمور بإذن الله إلى الخير والازدهار”.
وتابع: “نحن في كتلة “المستقبل” أصدرنا سلسلة بيانات واضحة، نحن متمسكون بالثوابت، وبإذن الله يصل الرئيس الحريري ويعطينا الصورة والتفاصيل كاملة”.
المجلس الشيعي
والتقى المفتي دريان وفدا يمثل رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى الشيخ عبد الامير قبلان، برئاسة نائبه الشيخ علي الخطيب والمفتي الجعفري الممتاز الشيخ أحمد قبلان، في حضور الأمين العام للجنة الوطنية الإسلامية المسيحية محمد السماك.
بعد اللقاء، قال الشيخ الخطيب: “بتكليف من سماحة الإمام الشيخ عبد الأمير قبلان رئيس المجلس الإسلامي الشيعي الأعلى، تشرفنا بزيارة سماحة المفتي دريان وهذه الدار الكريمة للتعبير لسماحته عن تأييده وعن تحياته له على هذه المواقف الوطنية الكبيرة، ووقوفه إلى جانبه في هذا الوقت الحساس”.
اضاف: “أكدنا ضرورة الحفاظ على الوحدة الإسلامية التي هي أساس الوحدة الوطنية، كما أكدنا ضرورة الحفاظ على الثوابت الوطنية اللبنانية وعلى الوضع الأمني. نتمنى أن تكون هناك عودة سريعة لدولة رئيس مجلس الوزراء الشيخ سعد الحريري، ونتمنى على الإعلام اللبناني واللبنانيين جميعا الحفاظ على هذه الوحدة”.
وتابع: “كما نعبر عن تقديرنا الكبير للشخصيات الوطنية، وخصوصا فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشال عون ودولة رئيس مجلس النواب نبيه بري اللذين كانت لهما مواقف وطنية جامعة حفظت لبنان من الوقوع في ما لا يحمد عقباه. لذلك كانت هذه الزيارة، ونقلنا هذا الرأي لسماحته، ونشكر له هذا الاستقبال، ونتمنى للبنان البقاء في حالة الأمن والأمان، ولهذه الوحدة الوطنية الدوام والاستمرار”.
سئل: هل هناك نية لعقد قمة إسلامية – إسلامية، أو إسلامية – مسيحية؟
أجاب: “نقلنا هذا الاقتراح من سماحة الإمام لسماحة المفتي، وتركنا الأمر للتشاور في ما بين القيادتين لأنهما صاحبا الرأي في هذا المجال”.
فضل الله
والتقى المفتي دريان العلامة السيد علي فضل الله على رأس وفد من العلماء، وقال فضل الله: “كلما رأينا أن الوضع في لبنان يسير باتجاه التعقيد وأن الأزمات تتصاعد، نقصد كغيرنا من اللبنانيين هذه الدار وسماحة المفتي دريان، الشخصية الإسلامية المتسمة بالتوازن والاعتدال، والساعية دائما إلى توحيد الصفوف ولمِّ الشمل لكي نقف عند رأيه ورؤيته، ونعمل سويا لتقريب ما يمكن من وجهات النظر حيال كل القضايا التي تتصل بمصلحة المسلمين واللبنانيين، سواء في علاقاتهم في ما بينهم أو مع أشقائهم في الدول العربية والإسلامية”.
وتابع: “لقد كنا ولا نزال نرى أننا بحاجة كلبنانيين إلى استكمال الحوار وفتح المزيد من آفاق التواصل المنتج على أكثر من صعيد سواء داخل المؤسسات الرسمية أو على مستوى الهيئات الأهلية والمدنية، وكذلك بين المؤسسات الدينية التي تقف على رأسها دار الفتوى، حيث لا سبيل للخروج من الأزمات الكبرى التي تعصف بالبلد إلا بتوسيع دوائر الحوار الجدي والمباشر بعيدا عن منطق الاتهام أو الجدال من بعيد”.
وقال: “نحن في ظل الأزمة الحالية التي يعيشها لبنان وبعد إعلان الرئيس الحريري استقالته والتداعيات التي أعقبت هذا الإعلان وفي الوقت الذي نثمن لدار الفتوى وسماحة المفتي الدور الكبير والمسؤولية الكبرى التي حملها على عاتقه، نؤكد على استمرارية هذا الدور بأبعاده الإسلامية والوطنية، ونرى أن لبنان بحاجة لأصدقائه وإخوانه في الدول العربية والإسلامية، وأن على الجميع أن يعمل بروح المسؤولية المنفتحة على مستقبل هذا البلد لنكون عنصر إطفاء للحرائق ونقطع الطريق على كل من تسول له نفسه السعي إلى إنتاج الفتنة من جديد في لبنان، وخصوصا في الوسط الإسلامي، لأننا نشعر أننا في مركب واحد وأن ما يصيب أحدنا يصيب الجميع، آخذين بعين الاعتبار التوازنات التي تحفظ هذا البلد”.
وختم فضل الله: “لذلك، فإننا نعتقد أن لبنان يحتاج إلى الكلمة الطيبة والخطاب الهادئ المتوازن الذي لا تلقى فيه الاتهامات في هذا الاتجاه أو ذاك، حتى نستطيع أن نتجاوز هذه الأزمة، ونحن نستطيع تجاوزها، كما فعلنا في أزمات سابقة أكثر تعقيدا وخطورة”.