في ظل «المشاورات الرئاسية» لتحريك الجمود في الملف الحكومي
أنطوان غطاس صعب:
أعادت مساحة التفاؤل على الساحة المحلية إثر اللقاءات الرئاسية في قصر بعبدا والتي لم تأت من عدم كما تشير مصادر سياسية متابعة لمسار هذه الاتصالات، ومرد ذلك أن الجميع وصل إلى مكان ينذر بعواقب وخيمة على المستويات الأمنية والسياسية والاقتصادية والمالية وفي ظل الاحتقان المذهبي الذي بلغ ذروته مؤخراً مما يؤشر إلى أن هناك دخولا من جهات عديدة على الخط اللبناني كما كان يحصل في محطات سابقة وما كشفته شعبة المعلومات من «الجبنة القاتلة» لدليل على أن لبنان في عين العواصف الداخلية والإقليمية، وثمة استغلال واضح لهذه الأجواء في ظل الفراغ الحكومي والانقسام السياسي العامودي والاصطفافات السياسية مما يزيد من حالة الانعدام والتوازن على كافة الأصعدة.
وحيال هذه الأوضاع، جرت اتصالات بعيدة عن الأضواء على خطوط المقار الرئاسية الثلاثة لتتوج بلقاء بين رئيسي الجمهورية والمجلس النيابي العماد ميشال عون ونبيه بري، والجدير ذكره أن الرئيس بري قلما يغادر مقر عين التينة منذ فترة طويلة لدواع أمنية، إلا أن ما يختزنه من معلومات وفق المقربين منه لا سيما الأوضاع الاقتصادية المزرية والخوف الأكبر من أن ينفلت الشارع أمام هذه الحالة الاقتصادية والاجتماعية المريبة، إضافة إلى قلق بري الأمني في ظل ما آلت إليه الأوضاع من تنقل الفتن المذهبية والطائفية من منطقة إلى أخرى، فهذه الهموم حملها إلى قصر بعبدا وعلم أنه عرض على رئيس الجمهورية حلولاً ناجعة للمعضلة الحكومية ولا سيما على صعيد نواب سنة المعارضة آملاً من العماد عون بأن يكون أحد النواب الستة من سنة الثامن من آذار في الحكومة العتيدة للخروج من هذا النفق الحكومي المظلم، وبناء عليه فإن المعلومات أيضاً تحدثت عن وضع الرئيس المكلف سعد الحريري في هذه الصيغة وما طرحه الرئيس بري بعد لقاء الحريري برئيس الجمهورية وما صرح به الرئيس المكلف من بعبدا معبراً عن أجواء تفاؤلية وحلحلة قد تظهر بعد عودته من لندن، فذلك يؤشر إلى أن الأمور تتجه نحو الإيجابيات في حال لم يحدث أي أمر يعيق عملية التشكيل.
من هنا يمكن القول إن الأمور الحكومية وضعت على السكة الصحيحة بعد أجواء بعبدا الإيجابية خصوصاً أن الجميع وتحديداً الرؤساء الثلاثة وصلوا إلى مكان يدركون من خلاله أن الأوضاع إذا استمرت الأمور على ما هي عليه فالبلد سيشهد هرجاً ومرجاً وتحركات في الشارع والمخاوف أيضاً أن يعود ساحة لتبادل الرسائل الإقليمية في ضوء الحروب المحيطة بلبنان كذلك القلق الذي ينتاب الجميع هو تأجيج الخطاب المذهبي ما يظهر جلياً على مواقع التواصل الاجتماعي، وبناء عليه كان هذا التحرك الرئاسي الفاعل والذي سيتابع في الأيام المقبلة وإن كانت المصادر المواكبة والمتابعة تؤكد أنه من الصعوبة حتى الساعة الحديث عن تشكيل حكومة قبل فترة الأعياد إنما إذا سارت الأمور بشكل إيجابي يمكن القول إن المساعي الجارية قد تشهد تطورات إيجابية من شأنها استيلاد ولادة الحكومة الحريرية قبل الأعياد وإلا ستكون مطلع العام المقبل وحيث تتحدث أكثر من شخصية سياسية عن وجود دعم إقليمي ودولي للمساعدة في تشكيلها وحل المعضلات القائمة لأنه وبعيداً عن المكابرات والإنشائيات فإن ولادة الحكومة وأي شأن سياسي معقد في هذه المرحلة بالذات يحتاج إلى هذا الدعم.
وأخيراً تبدي المصادر ارتياحها لما حصل في بعبدا والذي قد يكون فاجأ البعض أمام هذه الأجواء الضبابية السائدة في البلد، ولكن يبقى الحذر سيد الموقف وتحديداً على المستوى الأمني نظراً لتأجيج الحالة المذهبية والفلتان الحاصل على مواقع التواصل الاجتماعي والذي ينذر بعواقب وخيمة في حال لم تتم معالجته من قبل المعنيين، أو دخول طابور خامس على هذه المعطيات الإيجابية التي ظهرت في الساعات الماضية لتخريب وتعكير هذه الأجواء وربما من جهات خارجية متضررة لها أتباع في لبنان.