عقد وزير المال علي حسن خليل لقاء ضم القضاة العقاريين ورؤساء المساحة والشركات الملتزمة اعمال التحديد والتحرير والكيل، والمساهمين الذين ينفذون اعمال التحديد والتحرير، وذلك لعرض المعطيات المتعلقة بهذه الاعمال كافة ولتحديد مهل لانجاز اعمال التحرير والتحديد والكيل للمناطق الملزمة، وموضوع المشاعات العامة.
بداية قدم المدير العام للشؤون العقارية جورج معراوي شرحا مفصلا للمساحة كعملية لتطوير السجل العقاري، وتحدث عن اعمال التحديد والتحرير والجهات المعنية بها من قانونية وادارية وتنفيذية، والتي يتشارك فيها الى القاضي العقاري في ما خص الامور القضائية، الجهات الادارية المتمثلة بمندوب املاك الدولة والمساح والمختار، والجهات التنفيذية التي تجسدها مصلحة المساحة وتلزيمات القطاع الخاص.
وتناول أهمية اعمال التحديد والتحرير والكيل، ومنها منح اصحاب الحقوق شهادات بممتلكاتهم، واعطاء العقار هوية خاصة به بادخاله ضمن نظام السجل العقارية، ما يؤدي حكما الى تحريك العجلة الاقتصادية.
وأشار الى الواقع الحالي والمراحل التي بلغتها مراحل العمل والصعوبات التي تعترضها ومنها أن عددا لابأس به من العقارات في لبنان لا يزال خارج السجل العقاري، كما اشار الى الحالات التي كانت تسبب نزاعات كثيرة وكان يصعب حتى على المحاكم حلها.
وحدد عشرة إجراءات فورية وعملية سريعة لإنجاز كامل اعمال الكيل في المناطق، بما يحقق أكثر من هدف يصب في مصلحة الدولة والمصلحة العامة.
خليل
وأكد وزير المال أن “اللقاء مع المساحين ليس احتفالا إنما اجتماع إداري للبحث في مصير المسح العقاري والكيل على مستوى الأراضي اللبنانية”. وقال: “نريد أن نكون متفقين مع بعضنا على أن مسار هذا الملف غير مرض، وبالتالي نحن أمام واقع بحاجة الى إعادة نظر ومعالجة من الإدارة ومن الجهاز القضائي والشركات الملتزمة المساحة”.
ولفت إلى أن “عدم الرضى هذا ليس مسألة مزاجية وفردية، إنما موضوع مرتبط بالأداء خلال المرحلة الماضية سواء ما يتعلق بالوقت والتأخير، أو بالنتائج التي حصلت نتيجة الأعمال التي أنجزت، والأمر الثالث هو المشاكل التي أدت إلى خسارة الدولة لمساحات واسعة من الأراضي أو بحكم الأمر الواقع والاحتلالات التي حصلت لها أو بتواطؤ بطريقة أو بأخرى من إحدى هذه الحلقات المعنية أو المسؤولة عن المسح”.
وأضاف: “من غير المعقول، وبكل وضوح وأريحية، أن يكون هناك عقود لإجراء أعمال التحديد والتحرير منذ عام 2002 أي منذ 16 سنة تم تلزيمها لإنجاز عمليات المسح بها، وهذا كلام واقعي، وهي لم تنجز بعد حتى الآن وفق التقارير التي بين أيدينا. والمفارقة في هذه الدولة، أن شركة تلتزم على مدى 16 سنة عملا بقيمة 100 مليون ليرة، ويكون ذلك مربح لها، وأن تدعي أنها تعمل وفق الأصول بهذا الالتزام”.
وقال: “أنا كمواطن لا أصدق أن شركة تحصل على التزام بأقل من 100 مليون ليرة لبنانية ويستمر على سنوات مع موظفين وأعمال من دون أن نقول إنها إما تعمل تبرعا للدولة أو أنها تحصل البدلات من المواطن بطريقة غير شرعية، وهذا أمر واقعي وحقيقي. ومن يفترض أن هذا الكلام غير دقيق أقول له إن عندنا عشرات التقارير حول أداء الكثير من المساحين سواء الشركات أو تواطؤ من بعض المساحين الموظفين في الدولة، والمنطق والعقل يقول كذلك. فكيف يعقل أن نعمل وكل ما يمكن أن نحصله بالشهر هو أقل من 8 ملايين ليرة لبنانية لمساحين على الأرض يعملون على مدى عشر سنوات، فتصبح القيمة أقل من مليون ليرة بالشهر الواحد لكل الفريق الذي يعمل؟”.
وتابع: “لا أتكلم الآن كي أدين أو أرمي اتهامات، ولكني أقول إننا يجب أن نطوي هذه المسألة، ليس على قاعدة أننا نريد أن نتجاوز أي مخالفة، إنما على قاعدة أننا نريد الانطلاق بمرحلة جديدة من العمل، أول شيء فيها هو أنه لن يكون هناك التزام بعد الآن بالتراضي وبمبلغ مقطوع، والمسألة مرتبطة بحجم الأعمال وتقدير كلفتها وإجراء مناقصات في إدارة المناقصات لتلزيم هذه الأعمال، وهذا الأمر يفترض أن يلغي حجة أي أحد بأن يستوفي على كل معاملة مبلغا من المال وأن نفتح نقاشات في القرى لا تنتهي ويصبح المساح أو الشركات لا يعملون لدى الدولة إنما يفتحون على حسابهم مع المواطنين”.
وأكد أن “بعض الناس وضعوا تسعيرات معلنة”، واصفا ذلك بأنه “رشوة منظمة أو معلنة لإنجاز الأعمال التي يؤدونها”. وقال: “هذه القضية نريد أن ننتهي منها، ونحن اليوم لزمنا 5 أو 6 قرى على هذا الأساس، ويفترض أن يبدأوا بعملهم وفق هذه الآلية. وبكل وضوح حيث حصل هذا التلزيم ومن دون أي تردد ومن دون أي إنذار فإن أي إخبار عن تجاوز الأصول من الشركات الملتزمة وقبض أي مبلغ من المواطنين حول عملها سيتخذ فورا الإجراء أولا توقيف العمل وثانيا الإحالة إلى النيابات العامة لاتخاذ الإجراءات بهذا الخصوص”.
وأضاف: “إذا ما كان هناك من مبررات، وهي في رأيي غير موجودة، ولكن واقعيا قد تكون موجودة خلال المرحلة الماضية، ولكننا نتحدث هنا عن مرحلة يجب أن تتسم بكثير من الوضوح والشفافية والجدية”.
وتابع: “الموضوع الثاني هو العقود القائمة لإنجاز المسح. فنحن اتخذنا قرارا أوقفنا بموجبه أعمال المسح خلال الفترة الماضية، ولكن منذ أكثر من سنة ونيف أعيد المسح، وإذا جمعنا هذه الفترات فلم يعد هناك أي مبرر على الإطلاق للتأخير. صحيح أنني وقعت تمديدا لكثير من الشركات حول الأعمال نحو 6 أشهر في بعض الأحيان وسنة في أحيان أخرى. ولكن الآن لم يعد في إمكاننا أن نمدد أي عملية للشركات الملتزمة لعملها، إلا إذا كان هناك تقرير واضح يحدد كل ما أنجز بكل مراحله وما تبقى من عمليات المسح والأسباب الموجبة لعدم إنجازها وفق المهل المحددة واقتراح المدة المتبقية الضرورية لإنجازها. يعني أن التمديد التلقائي الذي يصل إلى المدير العام للتوقيع عليه لم يعد يمشي، إلى حد أنني سأضمن الموازنة العامة التي تناقش حاليا بندا يلزمني أنا عدم التمديد، أي تقييد حتى الوزير بإلغاء كل العمليات التي مر عليها سنوات وتحميل جميع المعنيين والشركاء في هذه العملية من الشركة إلى المساح وغيرهم المسؤولية عن هذا الأمر”.
وقال: “نريد أن ننهي هذه المسألة، وقد حدد المدير العام الأستاذ جورج معراوي النقاط العشر الواجب تنفيذها، ولن أكررها، لكنني أقول إننا قادرون على الإنجاز إذا كنا جديين وعمليين، لا أن ننتظر ظرفا سياسيا أو تعقيدات في البلدات، فهناك عملية يجب أن نطلقها وأن نحدد الثغرات في هذا الموضوع”.
ولفت إلى أنه “في كل اللقاءات التي تحصل حتى مع جهات دولية مهتمة بمساعدتنا على الاستفادة وتنظيم الأراضي ولدينا اليوم مشروع كبير بين المديرية العامة للشؤون العقارية والبنك الدولي وقد أصبحنا في مراحله الأخيرة، فلا يصدق أحد أن لبنان بمساحته الصغيرة لا يزال فيه مساحات شاسعة من دون تحديد وتحرير وتعرفون انعكاسات هذا الأمر الكبيرة على مجمل الوضع الاقتصادي. فلا يصح ألا يكون لدينا أراضي ممسوحة بالكامل ومفرزة وأنتم تعرفون مدى اختلاف القيم الخاصة بها وكم يساعد على أنجاز الكثير من العمليات الاقتصادية التي تحرك الوضع في البلد وتكسر حركة الجمود التي نعيشها وتساعد في عملية التصحيح الاقتصادي والمالي وترفع نسبة النمو”.
وأضاف: “لا يفترض أحد أن عملنا محصور فقط باستفادة الناس المباشرين إنما هناك استفادة على مجمل العمل المالي والاقتصادي في البلد والتنموي لأن هناك مناطق إذا ما بقيت على ما هي عليه لن يدخل أحد إليها وأن يقوم باستثمارات حقيقية، وكما تعرفون مساحات بلدنا صغيرة تتطلب الاستفادة القصوى من كل الأماكن فيه وبالتالي هناك مناطق إذا ما أنجزت فيها العمليات وفق الأصول يمكن أن تدخل في عملية التنمية التي يخطط لها على مستوى البلد”.
وقال: “الأمر الآخر الذي سأتحدث عنه هو الدعاوى القائمة بين الدولة وبين الناس المعتدين على أملاك الدولة والمشاعات، ونحن في إحصاء لدينا هناك 189 دعوى حول أشخاص واعتداءات على أملاك الدولة وسرقتها في أماكن مختلفة والبعض منها أنجز والكثير منها ما زال عالقا ويجب أن يتابع. الأسبوع المقبل لدينا جلسة خاصة مع النيابة العامة التمييزية والمالية، وسنضع جدول تحرك مخصصا بكل ما يتصل بالشكاوى والدعاوى العقارية حتى نتخذ مسلكا تنفيذيا حقيقيا لهذا الملف، وهنا نحن بحاجة الى مساعدة مباشرة من رؤساء الدوائر والمساحين وربما من الشركات وربما هم جزء من المشكلة، وطبعا نريد مواكبة ومساعدة من القضاة العقاريين الذين أصبحوا متخصصين بكثير من تفاصيل الملفات المتعلقة بالأراضي ومستقبلها”.
وأضاف: “حتى لا أكرر النقاط العشر السابقة الذكر والتي يجب أن نعمل عليها، أقول إنه إذا كان هناك من أسباب واقعية بالنسبة الى بعض الأراضي كوجود ألغام فيها أو غيره، فدعونا نتخذ قرارا بإقفال هذا الملف لا أن نؤجله وأن يبقى مسألة مفتوحة وأن يستمر الالتزام مع المتعهد، في وقت لا وجود لأي أعمال. هناك بعض المسائل الشائكة كثيرا حيث نكون أمام وقائع مستعصية على الحل، فأتمنى هنا أن يحصل تعاون مباشر بين الدوائر العقارية والقضاة العقاريين والمساحين لنضع تقارير محددة لهذه الملفات الساخنة التي تواجهها تعقيدات من نوع آخر، والتي قد تتطلب تدخلا من نوع آخر كتدخلات تشريعية للخروج من الأزمة أو قرارات على مستوى أعلى أو من الحكومة كالمراسيم أو حتى تدخلات سياسية لمعالجتها لأنها معرقلة بسبب تدخلات سياسية، أي ألا نبقي قضايا نعتبرها غير قابلة للحل وأن نتركها للزمن، إنما على العكس يجب أن نحددها وأن نضعها على الطاولة ونقول ما يمكن أن يحل من هذا الموضوع وما لا يمكن حله لكي يصبح عندنا كتاب هو بمثابة خارطة طريق لكل الوضع العقاري وكل ما يتعلق بالتحديد والتحرير والمساحة والكيل في كل لبنان. فنقول في هذه المنطقة هذا كل الممسوح، وهذا ما يحتاج الى تحديد وتحرير، وهذه مراحل تلزيمه، فنحن لدينا أموال في الموازنة وقادرون على تلزيم 10 و20 قرية لم تطرح بعد حتى لا يبقى عندنا حجج بأننا متأخرون في عمليات المسح”.
وتابع: “يجب أن نضع هدفا استراتيجيا لنا هو ألا يبقى في كل لبنان منطقة أو قرية أو بلدة من دون عمليات تحديد وتحرير ومساحة إطلاقا، وهذا أمر غير صعب ولا مستحيل، وفي حال كان هناك صعوبة يمكننا بإرادة وجدية ووضوح وبتحمل للمسؤولية منا جميعا إنجاز هذا الأمر بأسرع وقت ممكن، وأن نضع له مدة محددة وننتهي منه”.
وأضاف: “الكيل النهائي في البلد هو لننتهي من بعض المشاكل التي يمكن أن تحصل في بعض القرى، وهذا أمر أيضا غير متعذر، إنما على العكس هو أسهل لأن الملكيات محددة بطريقة واضحة، ويبقى بعض التفاصيل التقنية التي يجب أن تحسم ويصبح عندنا الداتا الواضحة والنظيفة والموثقة وفق المعايير العلمية والتكنولوجية الحديثة التي تمكننا من الاستفادة بأفضل طريقة ممكنة منها”.
وقال: “هذا الاجتماع هو حتى نكون نقرنا على الزر سويا وقد يتطلب أن نقوم بأكثر من جلسة أو لكل منطقة بمنطقتها حول بعض خصوصيات الملفات، وسأتفق مع الأستاذ جورج معراوي والمعنيين كيف يمكن أن نقوم بورش لبعض المناطق حيث هناك مشكلات، وبكل محبة أتمنى على القضاة العقاريين أن نعتبر أنفسنا فريقا واحدا ونحن جاهزون لكل ما يسهل وما يدفع لإنجازها بأفضل صيغة ممكنة، وإذا كان هناك ما هو عالق أو يجب أن يعالج بطريقة ما فنحن جاهزون لذلك، ويجب أيضا أن يتحمل القضاة مسؤولياتهم وبت الملفات التي بين أيديهم وفق الأصول”.
وختم: “قد يكون هناك مشاكل وحوادث، ولكن في ملفنا لدينا حقوق الناس وحياتها ومصيرها ومستقبلها ومستقبل أولادها وجزء من تاريخها، فالقاعدة التي يجب أن تحكم بيننا هي حقوق الناس. ولا أفترض أن أحدا هنا يريد المس بحقوق الناس.
وربما هناك من يريد المس بحقوق الدولة أو بالمشاعات، ولكن سنكون حريصين وقاسين جدا في هذه العملية، فإذا صدقت التقارير التي بين أيدينا فإن عندنا مئات آلاف الأمتار التي يمكن أن تكون انتقلت من ملكيات الناس والدولة إلى ملكيات أفراد بطرق غير قانونية وغير شرعية، فمن واجباتنا أن نحرص على حقوق الدولة وأن لا تسقط بمرور الزمن مثل هذه العمليات التي حصلت”.