ما الخطة التي ينام عليها الرئيس المكلف سعد الحريري لتحريك وضع الحكومة، مع فريق العهد، سواء عبر اتصال مباشر مع الرئيس ميشال عون، أو عبر معاونيه، أو عبر وزير الخارجية والمغتربين، في حكومة تصريف الأعمال جبران باسيل، وهو رئيس التيار الوطني الحر، ورئيس تكتل لبنان القوي، وأضيف إليه لقب جديد، رئيس مجلس وزراء خارجية العرب للقمة الاقتصادية التنموية، فضلاً عن ألقاب أخرى (منها المعروف ومنها المستور)؟
سؤال قفز إلى الواجهة، قبل انتهاء أو حتى بدء أعمال القمة الاقتصادية الاجتماعية (التنموية) العربية الرابعة، وتحدَّد اليوم الاثنين 21 ك1 2019، موعداً للإيذان ببدء النشاط، الآيل إلى إعادة وضع الملف الحكومي على الطاولة.
في المؤشرات ان الرئيس الحريري بات بحكم صرف النظر عن السفر إلى منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، الذي كان مقرراً ان يتجه إليه غداً الثلاثاء.. وجرى ربط ما بين الإلغاء والاتجاه صوب إيجاد حلّ للحكومة، المعلق تأليفها، قبل نهاية السنة الماضية.
وفي المعطيات: 1 – إعلان المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم نفض يده، من مبادرة الرئيس عون التي كانت تنطوي على 5 بنود، لإنهاء عقدة التمثيل الخاص بسنّة 8 آذار في الحكومة المنشودة..
وبدا هذا الإعلان بمثابة شكل من اشكال التأزم بين بعبدا وعين التينة، ليس بسبب إعلانه من مقرّ الرئاسة الثانية، بل على خلفية تتعلق بتداعيات مقاطعة الرئيس نبيه برّي للقمة التنموية، والاعتراض الشيعي الواسع على دعوة ليبيا إلى قمّة بيروت على خلفية عدم تعاون النظام الليبي الجديد مع لبنان، والوفد القضائي اللبناني المكلف متابعة موضوع اختفاء الامام السيّد موسى الصدر في ليبيا قبل 40 عاماً ويزيد..
2 – التداول بين الرئيس المكلف ورئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط بالوضع الحكومي، والمسار الذي قطعته المشاورات، فضلاً عن الصيغ التي جرى تداولها، والتعثرات التي لحقت بها، والتدقيق في المعطيات عن تدخلات خارجية (سورية) لتعطيل الحكومة، بما في ذلك الأفكار التي تناولت عقد جلسات لحكومة تصريف الأعمال.. حول الموازنة أو سواها من مواضيع ملحة..
3 – ما تردَّد من معلومات عن دور، في هذا السياق لوزير الخارجية المصري سامح شكري، الذي يُشارك في أعمال القمة العربية، التي اختتمت أمس، بعد ان قرَّر أمير قطر تميم بن حمد المشاركة فيها، غداة اتصال اجراه معه الرئيس عون، ودعاه للمشاركة.
وينطلق تحرك الوزير شكري، الذي التقى عدداً من القيادات اللبنانية، من دور ما لمصر، وقيادتها، في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، والتسوية السياسية، التي اوصلت الرئيس عون إلى سدَّة الرئاسة الأولى.
وسط هذه المعطيات، قد يُشكّل صمت الوزير باسيل نوعاً من المؤشّر، على أن طبخة ما تعدّ لكسر حلقة الجمود في هذا الملف.
ماذا يتضمن التوجه الجديد؟
بعد ثمانية أشهر، بدا ان الوقت المقبول، أو فترة سماح تأليف الحكومة، قد قاربت على الانتهاء، وبدا أيضاً ان إدارة الدولة، تجنح أكثر فأكثر إلى نظام رئاسي، يتجاوز حدود الطائف، وسقف الطائف، ويضعف دور الرئاسة الثالثة، في نوع مثل هذا في الإدارة.
لذا، تتحدث المعلومات عن اتجاه قوي لدى الرئيس المكلف، لحسم الوضع، انطلاقاً: 1- من التشكيلة الوزارية الموضوعة لدى الرئيس عون، والتي تحدَّد أكثر من موعد لإصدار مراسيمها في الأشهر الثمانية الماضية.
2- تنطوي التشكيلة على تقاسم للوزارات السيادية، وغير السيادية، وفقا لحصص تشبه التقاسم في الحكومة التي تصرّف الأعمال اليوم..
3- ثمة اتجاه، لصرف النظر عن إعادة النظر بالحقائب الوزارية، كما ساد لدى البحث في توزير سُني من 8 آذار وفقاً لمبادرة الرئيس عون، التي، وان انسحب منها اللواء إبراهيم، لكنها لم تزل قائمة وفقاً لمصادر التيار الوطني الحر.
4- لم تؤثر تطورات احداث الجاهلية، التي أعادت الاستقطاب الحادّ إلى الساحة الدرزية على إمكانية بقاء التفاهم على توزير الدرزي الثالث، وفقا لما هو متفاهم عليه..
ماذا تخبئ الانطلاقة الجديدة، نحو كسر حلقة الجمود في الملف الحكومي؟
أوساط الرئيس المكلف، تمعن في التكتم حول المسار التأليفي الجديد، لكنها، تجزم ان «شيئاً ما» سيتغير؟ أمَّا كيف، وبأي اتجاه؟ فالأوساط عينها، تُشير إلى الوجهة بكلمتين: تأليف لا يتأخر، أو تصعيد، يكسر جدار الامتناع عن إيجاد الصيغ..
كيف سيكون المخرج بالتأليف؟ تمتنع الأوساط عن الإجابة، هل تعويم الحكومة الحالية، مع بعض الرتوش، أم قبول فريق بعبدا والوزير باسيل، بصيغة الـ3 عشرات، التي يتمسك بها الرئيس المكلف.. وقوى سياسية أخرى، مثل كتلة التنمية والتحرير، واللقاء الديمقراطي، والوفاء للمقاومة، وكتلة القوات اللبنانية.. أم قبول الرئيس المكلف بفكرة الوزير باسيل، توسيع الحكومة إلى 32 وزيراً، باضافة وزير عن الأقليات (السريان) وآخر عن الأقليات الإسلامية (العلويين).. وهذا الموضوع سبق للرئيس المكلف، ورفضه بصورة واضحة..
إذا كان، لا ثوابت في السياسة، وان المتغيّرات سمة الموقف.. فالأمر الطبيعي، أنه من غير الممكن، التمسك الجامد، وغير المبرر، بالصيغ التي تبقي التأزم على حاله، والمراوحة مكانها..
أمَّا لناحية التصعيد، فهذا هو الوجه الآخر لمحاولة كسر الجمود.. ولكن: ما هي احتمالات هذا التصعيد أو مساراته الممكنة؟
هنا، أيضاً، يبرز التكتم، أساساً لأنه من غير الممكن كشف ما سيحدث، لا سيما ان خيارات التأليف، ممكنة، وهي الطريق الأيسر للخروج من الأزمة، لا الذهاب إلى أزمة أو أزمات جديدة..
الثابت، في كلا المسارين، أن آلية التفاهم بين الرئيس المكلف وفريق بعبدا بات ثابتاً وقوياً، وسط مؤشرات تؤكد ان البحث الدائر بين الرئيسين عون والحريري لم يتوقف، وهما اللذان أناط بهما الدستور إصدار مراسيم الحكومة..
ومن علامات التفاهم، موقف الرئيس الحريري من البيان الذي أصدره وزير الدولة لشؤون النازحين السوريين معين المرعبي، ورفض ما تضمنه، والتمسك بالموقف الذي أعلنه باسيل، واعتباره يمثل موقف الحكومة اللبنانية.
في الأفق، محاولة جديدة، قيد الانطلاق غداة انتهاء أعمال القمة العربية… أمَّا كيف سيكون مسار هذه المحاولة… فهو قيد الترقب، لكن الأكيد ان كسراً للجمود بات مطلوباً أكثر من أي وقت مضى؟!
اللواء