خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبه
في خطابه الثاني، ما بعد عملية “طوفان الأقصى” والغزو الإسرائيلي لقطاع غزّة فاصلاً مدنه الى قسمين شمالي وجنوبي، تتراجع وتيرة التأثير والإثارة في كلام الأمين العام لحزب الله حسن نصرالله، حيث بدا وكأنّه يذيع نشرة أخبار، تتراوح بين تلفزيون لبنان ومحطّة المنار:
على تلفزيون لبنان، إستعاد بطولات الحزب فيما مضى في مواجهة العدو الإسرائيلي والشيطان الأكبر أميركا، مستذكراً “شهداء أهل الصبر والإخلاص لله عزّ وجل..”، و”الإستشهادي أحمد قصير ودماء كلّ الشهداء هي التي انتصرت على السيف الأميركي والإسرائيلي المسلّط على منطقتنا”.
وعلى تلفزيون المنار، قدّم جردة إخبارية بما يجري في قلب غزّة المحاصرة وفي مشافيها وأبراجها، معدّداً البطولات التي يقوم بها رجال المقاومة من حماس وجهاد.ثمّ انتقل الى تعداد المساهمات العسكرية التي تقوم بها “أذرع إيران” في المنطقة، في نوع من التبرير عن تقصير طهران في حماية شعب غزّة:
-هجمات القوات اليمنية المباركة أدّت الى مزيد من الضغط على حكومة الإحتلال عبر عمليات نزوح مستوطنيه.
-الأميركيون يضغطون على العراق وعلينا في لبنان، وهذا التهديد والتهويل لم يوقف عمليات المقاومة في العراق واليمن ولبنان، وبالرغم من الإعتداءات الأميركية مؤخّراً على سوريا.
-نعلن الإدخال اليومي لمسيّرات الإستطلاع الى الأراضي المحتلّة، وبعضها يصل الى حيفا وطبريّا، وبعضها يعود محمّلاً بالصور المطلوبة.
ويستكمل نصرالله نشرته دون أن يتمكّن من بثّ الحماس المطلوب في صفوف المستمعين اليه، والذين كانوا ينتظرون منه أن يعلن النفير العام الذي لم يعلنه في الخطاب الأول، مكتفياً بسلسلة أفلام هيتشكوك والتي لا يتجاوز رعبها حدود الشعب اللبناني الذي يرفض بأكثريته (بمن فيهم دون شكّ أهل الجنوب والبقاع والضاحية) الإنزلاق الى حرب مدمّرة ستنتهي كما حرب 2006 بعبارة “لو كنت أعلم” دون أن تترافق بالضرورة مع عبارة “شكراً قطر”، لأنّ العرب يدركون أنّ هذه الحرب هي حرب إيرانية كاملة الأوصاف، لا تمرّ بالقدس ولا تمرّ بأيّ مصلحة عربية أخرى!
ومن خارج “نشرة الأخبار” غاب عن خطاب الأمين العام أمران أساسيّان:
الأوّل، لماذا لم يأتِ على ذكر الساحة السورية من ضمن شعار “وحدة الساحات”؟وكيف يبرّر للرئيس بشّار الأسد هذا الحياد عن كلّ ما دار ويدور في غزّة، حتى الى حدّ إنعدام قيام أيّ تظاهرة في دمشق، فيما عواصم الغرب (لا الشرق، يا سيّد حسن) تطوف شعوبها رفضاً للمقتلة الإسرائيليّة بحقّ الشعب الفلسطيني؟
الثاني، السكوت عن مقرّرات القمّة العربية الإسلامية، بسبب مشاركة الرئيس الإيراني رئيسي في هذه القمة، وبسبب التفاهم القائم بين الرياض وطهران ما جعله يهادن الخليج العربي، فيما كان من قبل يحمّله كامل المسؤولية في عدم تحرير القدس والأراضي المقدّسة!
لا جديد في خطاب نصرالله الثاني، وقد كان محقّاً في صمته، الى أن اضطرّ للكلام غير المجدي، بحكم ارتفاع عدد الشهداء في صفوف الحزب (70 شهيداً)، وبحكم التساؤلات الواسعة حول سبب غيابه عن الإطلالة الإعلامية، وهو المعروف بإدمانه على هذه الإطلالات!