خاص Lebanon On Time – جوزاف وهبة
مهما حاول الرئيس نبيه برّي، ونوّاب كتلته، تجاهل ردود الفعل “القاتلة” على الدعوة لحوار “السبعة أيّام”، فإنّ جميع المعطيات الداخلية والخارجية تشير الى أنّه، في أحسن الأحوال، سوف يوضع في ثلّاجة شديدة البرودة، تماماً كما توضع المشاريع غير المرغوب بها في “ثلاجة” اللجان النيابية، أو غيرها من اللجان المستحدثة كلّما دعت الحاجة الى ذلك!
قوى المعارضة، وفي مقدّمتها الدكتور سمير جعجع، قد سارعت الى الرفض العلني لأيّ شكل من أشكال الحوار، معتبرة أنّه غير دستوري، عدا عن أنّه يمكن أن يكون “مفخّخاً” ما يجعل ورقة ترشيح سليمان فرنجية تنتعش، أملاً في تعبيد طريقه الى قصر بعبدا.
البطريرك الراعي، الذي أثار كلامه في الديمان عن حسنات الحوار، لغطاً واسعاً، إلى حدّ اعتباره تغطية مسيحية كافية لحوار “بمن حضر”، عاد بما يشبه الإنقلاب الى نسف الدعوة الحوارية، أكانت ثنائيّة أو لسبعة أيام، بقوله “ما لها طعمة” خلال زيارته الرعاوية الى أوستراليا.الكنيسة قد رفعت غطاءها، بما لا يحتمل الشكّ أو التأويل.
رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل، الذي بدا متردّداً في الأيام الأولى، عاد ورفع “البطاقة الحمراء”، ولو زيّنها بأربعة شروط تعجيزية غير قابلة للتنفيذ في المدى المنظور:وضع برنامج عمل كامل الأوصاف للرئيس العتيد، تمثيل الكتل النيابية حصراً برؤساء هذه الكتل وليس بشخصيات درجة ثانية، أن يدير جلسات الحوار من ليس طرفاً أي مستبعداً الرئيس بري وهو ما ردّ عليه رئيس المجلس بأنّه شخصيّاً من يدير الجلسات..ورابعاً، ألّا تكون الطاولة تقليدية ويمكن أن تشهد لقاءات ثنائية وثلاثية.باختصار، لقد رفض باسيل دعوة برّي على طريقته الديماغوجية المعروفة.
وهذا الرفض لم ينحصر في البيئة المسيحية، بل بدأت بعض الأطراف الأخرى بالإنسحاب من تلبية الدعوة، وخاصة بعد اللقاء الأخير الذي عقده معظم النواب السنّة، بحضور مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان والمبعوث الفرنسي جان إيف لودريان، في دارة السفير السعودي وليد البخاري، والذي انتهى ب “لا فرنجية ولا أزعور”، بمعنى “لا حوار” أيضاً!
النائب وليد البعريني (عضو تكتّل الإعتدال الوطني) الذي سبق له أن رحّب بالحوار، من بوابة الإعتدال، عاد الى التشكيك بجدواه قائلاً:”نحن مع الحوار الإيجابي، أمّا مبدأ الحوار للحوار فهو مرفوض”.وكذلك فعل نائب الجماعة الإسلامية محمد الحوت الذي رأى أنّ الحوار “ضرورة بشرية..والمطلوب حوار مضبوط ومنتج”..وهكذا كرّت سبّحة التراجعات!
أمّا الأساس في النهاية غير السارّة لحوار الرئيس بري، فهو يكمن في أنّه قد أطلقه لملاقاة الزيارة الثالثة للمبعوث لودريان الذي سعى الى إنقاذ المبادرة الفرنسية في نسختها الأصلية (فرنجية وسلام) من السقوط، ولكنّه أخفق في ذلك داخليّاً، وخارجيّاً في لقاءات مجموعة الدول الخمس في نيويورك، ما يستدعي تلقائيّا التخلّي عمّا أطلق عليه تسمية “حوار السبعة أيام”.
إضافة الى كلّ ما سبق، إنّ زخم المبادرة القطرية سيغيّر في كلّ قواعد اللعبة، ما يجعل الإستحقاق الرئاسي على نار أميركية – إيرانية – سعودية حامية، بعيداً عن التجاذبات المحلية المؤثّرة ولكن غير المنتجة!