يبدو ان شهر سبتمبر لن يكون متميزا عن اشهر الصيف الاخرى، بالنسبة لتشكيل الحكومة اللبنانية التي صيّفت مع تصريف الاعمال، على امل ألا تُصرِّف الخريف على هذا النحو ايضا.
الاسفار الخارجية للرؤساء عامل تأجيل اضافي للولادة الحكومية، فالرئيس ميشال عون غادر الى ستراسبورغ اليوم في زيارة لثلاثة ايام ترافقه عقيلته السيدة ناديا عون ووزير الخارجية جبران باسيل ووفد رسمي، ويلتقي البرلمانيين الاوروبيين والجالية اللبنانية في اوروبا، ويلقي كلمة يعرض فيها بشكل تفصيلي لملف النازحين السوريين قبل ان يلتقي رئيس البرلمان، ثم يتوجه بعدئذ الى نيويورك لترؤس وفد لبنان الى افتتاح الدورة الجديدة للأمم المتحدة، ينتقل بعدها الى ياريفان عاصمة ارمينيا للمشاركة في اعمال مؤتمر الفرانكوفونية.
بدوره، يغادر الرئيس سعد الحريري الى لاهاي اليوم ايضا لحضور المرافعات امام المحكمة الدولية بقضية اغتيال والده.
الرئيس عون اعلن امس بدء مرحلة جديدة من العمل والانتاج للتخلص من اثقال الماضي السياسية والاقتصادية مع انطلاق عمل الحكومة العتيدة.
عون كان يتحدث في ذكرى تأسيس جامعة اللويزة التي منحته دكتوراه فخرية بالعلوم الانسانية، وقال: ان التنافس السياسي صحي وكذلك الاختلاف في الرأي، وهما ضرورة للحياة الديموقراطية، ولكن احذروا الخلط بين الاختلاف والعداوة، فخصمك السياسي ليس عدوك، بل هو شريكك في الوطن، وكلاكما تعملان من اجل مصلحة هذا الوطن، وان اختلفت مقاربتكما.
وواضح من مضمون هذا الكلام انه رسالة من الرئيس عون الى مناصري التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية التي احتفلت امس بذكرى شهدائها، حيث تحدث رئيس القوات د.سمير جعجع عن معرقلات تشكيل الحكومة، مجددا التأكيد على مواقف القوات اللبنانية وعن شروط مشاركتها في الحكومة، رافضا الاستقواء على القانون والاستئثار والمصالح المرتبطة برهانات سلطوية، داعيا «الطرف الآخر» الى تقديم التنازلات المطلوبة.
البطريرك بشارة الراعي قال بالمناسبة: آسف لأن المسؤولين لم يتمكنوا من تأليف الحكومة لمصالح شخصية، واضاف: ألوم كثيرا السياسيين، لأنه ليس بهذه الطريقة يدار البلد، ولا مبرر كي لا تكون لدينا حكومة، وقال: المطلوب خفض الانفاق، ضبط الهدر وابعاد المصالح السياسية عن الادارة.
وزير المال علي حسن خليل وصف الخطاب الذي يرافق عملية تشكيل الحكومة بالخطير، وقال: خطاب بدأنا نسمع فيه نغمة الانقسام تطفو، وحسابات تتصل بالميثاق، والدستور ومواقع الطوائف، وعلاقات الطوائف بعضها مع بعض، وهذا امر خطير في ظل ما يجري على مستوى المنطقة من تحديات.
وزير الخارجية جبران باسيل قال من جهته ان من يأخذ اكثر من حقه في الحكومة يتعدى على حق غيره.
واكد باسيل على حق رئيس الجمهورية في وضع معايير محددة للتوقيع على تشكيل الحكومة، وقال: هناك اوادم لا يكذبون.
بدوره، اشار الأمين العام لتيار المستقبل احمد الحريري الى ان الرئيس المكلف لم يترك مبادرة في السياسة الا واقدم عليها، ولم يترك تضحية الا وقدمها، ولا بابا الا وطرقه.
واضاف احمد الحريري: الصيغة التي قدمها الرئيس المكلف الى رئيس الجمهورية هي صيغة حل لمشكلة قائمة، اما كل الافكار الثانية فهي افكار لمشكلات وليست لحلول، ومحاولة للعودة بالبلد الى 30 عاما الى الوراء، وهذا الأمر اصبح من سابع المستحيلات.
وقال الأمين العام لتيار المستقبل: لا احد يستطيع احراج الرئيس المكلف او الضغط عليه، وتشكيل الحكومة لا يصير على الكلكليتر، كل واحد بيحسب كم حصة يريد وكم وزيرا، هناك دستور واصول واعراف تحدد آليات التشكيل، اما محاولة وضع اعراف جديدة بالحصص والمعايير فهي مرفوضة، وكل من يعزف على الخلاف حول الصلاحيات بين الرئيسين (عون والحريري) مخطئ بالعنوان، فخطوط التواصل بين بعبدا وبيت الوسط مفتوحة.
بدوره، اكد النائب إلياس بوصعب عضو تكتل لبنان القوي على استمرار التواصل بين رئيس الجمهورية والرئيس المكلف، وانه فور عودتهما من السفر سيستأنف التواصل من اجل تشكيل الحكومة.
النائب ابراهيم كنعان عضو تكتل لبنان القوي شارك امس في احتفال معراب ممثلا رئيس الجمهورية ميشال عون، اعتبر ان هذه المشاركة تأكيد على قدسية المصالحة بين الطرفين، وانه لا تمييز بين الشهداء بعدما طوينا صفحة التمييز والماضي الاسود، كما اكد على حرص الرئيس عون على المصالحة غير القابلة للعودة الى الوراء، وان اي خلاف سياسي او تنافس سياسي سقفه الظروف التي نمر بها، وبالتالي هو ليس خلافا نهائيا.
(الأنباء الكويتية)