جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / “حصان” قانون الانتخاب في لبنان خرج من “الحظيرة”

“حصان” قانون الانتخاب في لبنان خرج من “الحظيرة”

… ما كُتب قد كُتب. عبارةٌ تختصر المشهد السياسي في لبنان الذي يسير بخطى ثابتة نحو «الفصل الثالث» من التسوية الكبرى التي أعادتْ تعويم آليات الحكم وكرّستْ الاستقرار السياسي والأمني في البلاد عبر عزْلها عن «ملاعب النار» في المنطقة.

ويتمثّل هذا الفصل، الذي أعقب انتخاب العماد ميشال عون رئيساً للجمهورية وتشكيل حكومة برئاسة سعد الحريري، بالتوافق على قانون انتخابٍ يعيد إنتاج السلطة وفق حساباتٍ بدتْ ضاغطة على كل القوى السياسية التي وجدت نفسها مضطرة لتقديم تنازلات متبادَلة لتفادي سيناريواتٍ قاتمة تطيح بمجمل التسوية الكبرى.

وبعدما حَمَل الأسبوع الماضي حسْماً للإطار العام والأساسي لقانون الانتخاب الجديد عبر تَوافُق سياسي على قاعدة اعتماد النسبية الكاملة في 15 دائرة والصوت التفضيلي على مستوى القضاء، فإن الساعات الـ 48 المقبلة يفترض ان تشهد استكمال اتفاق «الأحرف الاولى» بإنجاز التفاهم على جوانب تقنية أساسية ما زالت عالقة تمهيداً لاجتماع مجلس الوزراء الأربعاء المقبل لإقرار مشروع القانون وإحالته بصفة المعجل المكرر على البرلمان الذي يعقد جلسة الاثنين المقبل للتصويت عليه بـ «نعم» كبيرة.

وأكدت مصادر مطلعة لـ «الراي» ان «حصان» قانون الانتخاب «خرج من الحظيرة» ولم يعد هناك أي إمكان للعودة به الى الوراء وان ربع الساعة الأخير من المفاوضات حول الشقّ التقني لن يحمل اي انتكاسات من النوع الذي يعطّل القرار السياسي الكبير بالإفراج عن قانون الانتخاب قبل نهاية ولاية البرلمان في 20 الجاري.

ووفق هذه المصادر فإن المسائل التقنية العالقة، مثل حسْم اعتماد نسبة عشرة في المئة (ضمن الدائرة) كعتبة تأهيل للوائح للتمثّل بمقعد وما فوق، وطريقة احتساب الأصوات «والكسور» الزائدة تخضع لدوْزناتٍ قبل التفاهم النهائي حولها، لافتة الى ان عقدة موعد إجراء الانتخابات وتالياً فترة التمديد التقني للبرلمان يفترض ان يتمّ التوصل الى توافق في شأنها، ولا سيما اذا قررت غالبية الأطراف مقاربة هذه النقطة من زاوية الاعتبارات التقنية البحتة التي كان اختصرها التقرير الذي رفعه وزير الداخلية نهاد المشنوق بناء على دراسة لفريق من الأمم المتحدة اكدت الحاجة الى 7 أشهر لزوم التكيف مع القانون الجديد واستكمال التحضيرات اللوجستية والجهوزية لانتخاباتٍ وفق النسبية. علماً ان فريق رئيس الجمهورية يفضّل إجراء الانتخابات في أكتوبر المقبل مقابل رغبة أطراف أخرى بالسير بمقتضيات «دراسة المشنوق» وتالياً إرجاء الاستحقاق حتى أواخر مارس المقبل (لتعذُّر إجراء الانتخابات في عزّ الشتاء).

وفيما بات إقرار القانون بمثابة «تحصيل حاصل»، فإن ثمة معطياتٍ تشير الى محاولة لجعْل هذا القانون جزءاً من اتفاق سياسي عبر إنجاز ما يشبه «إعلان نيات» (للمرحلة المقبلة) يتضمّن نقاطاً أساسية يسعى الى تحصيلها «التيار الوطني الحر» (حزب الرئيس عون) وشريكه في الثنائية المسيحية حزب «القوات اللبنانية» ولا سيما لجهة إنشاء مجلس الشيوخ وتكريس المناصفة المسيحية – الاسلامية في البرلمان وإقرار اللامركزية الإدارية.

ورغم أنّ استيلاد قانون الانتخاب بدا «قيصرياً» وعلى «حافة الفراغ»، فإن نجاح القوى السياسية في التوافق عليه ترك ارتياحاً داخلياً وخارجياً، لا سيما ان هذا التطور سيسمح بتحصين الواقع اللبناني حيال التحدّيات الأمنية وأخطارها المتزايدة.

(الراي)