جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / أبرز الأخبار / حسابات المستقبل السياسية تحتّم تحالفاً انتخابياً «غير منتج» مع الوطني الحرّ
paula_182194_large

حسابات المستقبل السياسية تحتّم تحالفاً انتخابياً «غير منتج» مع الوطني الحرّ

حسم تيار «المستقبل» و«التيار الوطني الحر» أمرهما في الايام القليلة الماضية بخوض المعركة الانتخابية يدا بيد في معظم الدوائر وذلك بعد مرحلة طويلة من المفاوضات الشاقة والحسابات الدقيقة اضافة للتنازلات المتبادلة. فبعد ان قرر كل من الطرفين اعطاء الأولوية لحلفه مع الطرف الآخر على حساب تحالفات أخرى كانت لتبدو بديهية في مرحلة ما قبل استقالة رئيس الحكومة سعد الحريري ومحنته في المملكة العربية السعودية، بدأت الاعتراضات تتوالى من داخل جمهوريهما. فالجمهور الأزرق يحتج على تحالف لا يقدم ولا يؤخر بالنسبة اليه انتخابيا، لا بل يستفزه خاصة وأن المرحلة الطويلة من العداء مع «الوطني الحر» انتهت في ليلة وضحاها من دون أي توضيحات أو جردة حساب او مجرد محاولة استيعاب الاختلافات الكبيرة بين الحزبين حول نظرتهما للدولة واقتصادها وقوتها الدفاعية وغيرها من الملفات التي كانت ولا تزال تشكل ملفات خلافية كبيرة بينهما.
ولا تتردد قيادتا «الوطني الحر» و«المستقبل» بالحديث عن مصالح، سواء انتخابية أو سياسية تحتم التحالف بينهما. فالأخير يتوق الى تحالف سياسي مع فريق رئيس الجمهورية العماد ميشال عون يعتبره بمثابة «طوق نجاة» في المرحلة الحالية بعد خسارة مشروعه السياسي في المنطقة، وبما انّه غير قادر على وضع يده بيد حزب الله بشكل مباشر ارتأى وضعها بيد حليف الحزب الأقوى، بناء على حسابات سياسية دقيقة لمرحلة ما بعد الانتخابات. وتؤكد مصادر مطلعة أن «المستقبل» جاهز لتقديم كل التنازلات الانتخابية لمصلحة «الوطني الحر» لاستثمارها سياسيا في الفترة القادمة من خلال قيام حلف سياسي متين يجمعهما يرسّخ ثنائية جديدة هي الثنائية المسيحية – السنية التي يعوّل عليها الطرفان لتكون على مستوى الثنائي الشيعي الذي أثبت عن قدرة وفعالية غير مسبوقة على مستوى الثنائيات السياسية في البلد.
ويؤكد خبراء انتخابيون ان «المستقبل» لا يستفيد شيئا من التحالف الانتخابي مع «الوطني الحر» في كل الدوائر دون استثناء، بحيث عدد الاصوات المسيحية في المناطق حيث التماس ما بين الطرفين غير مؤثر على الاطلاق، بل بالعكس تماما، فان العونيين هم من يعتمدون على الأصوات السنية التي ستؤمن الحاصل الانتخابي وبالتالي فوز أحد مرشحي «التيار». ولعل دائرتي عكار المعروفة بدائرة الشمال الأولى، ودائرة البقاع الغربي – راشيا والمسماة «دائرة البقاع الثانية»، أبرز مثالين على شكل ونتائج التحالف الانتخابي العوني ـ المستقبلي، بحيث قد تم الاتفاق على حصول «التيار» على حد أدنى من المقاعد، بعدما كان تمثيله مغيبا تماما في الانتخـابات الماضية على اساس القانون الأكثري. ففــيما تؤكد المعطيات أن «الوطني الحر» اكتفى بمقعد واحد في عكار من أصل 7، هو المقعد الأرثوذكسي وتخلى عن المقعد الماروني الذي كان يتمسك به لمصلحة النائب هادي حبيش، يبدو ان هذا السيناريو سيسـري على البقاع الغربي حيث سيحصل العونيون بأفـــضل الأحوال على مقعد او 2 من أصل 6 مقاعد مخصصة للدائرة هناك.
لكن موافقة «التيار الوطني الحر» على حد ادنى من المقاعد في هاتين الدائرتين يقابله تعويل على دعم مستقبلي واضح في دوائر أخرى، وأبرزها دائرة الشمال الثالثة (البترون – بشري – الكورة ـ زغرتا) حيث يخوض رئيس التيار وزير الخارجية جبران باسيل معركة مصيرية تتخذ أبعادا «رئاسية» باعتبار انّه يواجه فيها مباشرة رئيس تيار «المردة» سليمان فرنجية ورئيس حزب «القوات» سمير جعجع، وبالتالي كل صوت هناك سيكون ثمنه باهظا جدا في حسابات معركة رئاسة الجمهورية المقبلة في العام 2022.
ويتابع جمهورا الطرفين عن كثب قراراتهما الانتخابية والسياسية على حد سواء، ويشعران وكأنهما «مثل الأطرش في الزفة»، فهما عمليا لم يستوعبا حتى الساعة متى أصبح مشروعهما السياسي متناغمين وأين أصبح «الابراء المستحيل» الذي شكل القاعدة التي بنى عليها «الوطني الحر» سياسته طوال السنوات الماضية! بعض هذين الجمهورين رضخ لفكرة ان المصلحة الوطنية تقتضي هذا التحالف، وبات يدافع عنه وان كان لا يملك الحجج والمبررات المقنعة، اما البعض الآخر فيُراكم الاعتراضات التي قد تنفجر قبل موعد الانتخابات ما يُشكل صفعة قوية للطرفين تتجلى عبر صـناديق الاقتراع.
ولا تقتصر الصدمة على جمهوري الطرفين، بل تطال وبشكل رئيسي حلفاءهما السابقين. فلا «القوات اللبنانية» تصدق أن الحريري تخلى بهذه السهولة عنـها، خاصة بعد استبعادها عن معظم لوائحه، ولا حـزب الله يستوعب الحماسة العونية التي وصلت لحد تفضيل الحلف الانتخابي مع «المستقبل» على الحلف مع الحزب في دوائر عديدة، ستشهد مبارزة واضحة بين الطرفين ولعل ابرزها صيدا – جزين. ويتــعاطى حزب الله مع الموضوع من منطلق ان العونيين يحاولون من خلال ذلك رد الصاع صاعين بعد اعلان الحزب صراحة اولوية تفاهمه وتحالفه مع حركة «أمل» على حساب اي تفاهم أو تحالف آخر، وهو ما بدا جلـيا خلال الأزمة الأخيرة بين الوزير باسيل ورئيس المجلس النيابي نبيه بري والتي انتقلت شرارتها الى الشارع.
وبالرغم من كل الخطط والحسابات الانتخابية والسياسية المستمرة بين قيادتي «المستقبل» و«الوطني الحر» والتي يعتقدان أنّها تندرج باطار «مصلحة استراتيجية» لهما، فان ما ستقوله صناديق الاقتراع في 6 أيار المقبل، سيكون له صداه الواسع والحاسم على كل المستويات، ما قد يدفعهما لاعادة ترتيب أوراقهما مع حلفاء وضعوهم على الرف!

بولا مراد