أثار إدراج وزارة الخزانة الأميركية النائبين محمد رعد وأمين شرّي ومسؤول وحدة الارتباط والتنسيق في «حزب الله» وفيق صفا، على لائحة العقوبات، تحديات وأسئلة حول تأثير هذه الخطوة على الحزب من جهة؛ وعلى الدولة اللبنانية من جهة ثانية، لا سيما أن القرار «طالب المجتمع الدولي بإدراج الحزب على قوائم الإرهاب»، وأكد أنه «يجب عدم التمييز بين جناحيه العسكري والسياسي»، كما شدد على أنه «يجب على الحكومة اللبنانية قطع اتصالاتها بأعضاء (حزب الله) المدرجين على لائحة العقوبات»، لافتاً إلى أن واشنطن «لن تغلق أعينها عن أعضاء الحزب في الحكومة».
وعدّ النائب في كتلة «حزب الله» الوليد سكرية أنه «لا تأثير لهذه العقوبات على الحزب ونوابه». وقال لـ«الشرق الأوسط» إنه «لا أموال لدى نواب (حزب الله) في مصارف أميركية أو حتى مصارف لبنانية، وهم لا يتلهفون للسفر إلى الولايات المتحدة. كما أن الحزب مصنف، منذ زمن، إرهابياً لدى الإدارة الأميركية التي تعرف أن هذه العقوبات لا تؤثر مطلقاً عليه. والدولة اللبنانية لن تقدم على أي إجراء لتطبيق هذه العقوبات.
فرعد وشري منتخبان من الشعب اللبناني ولديهما شرعيتهما الشعبية والسياسية، وللحزب وزراء في الحكومة. وإذا اتخذت الدولة اللبنانية أي إجراء بحق أي نائب أو وزير فهي ستنهار. بالتالي، الأميركيون يمارسون ضغطاً لا طعم له».
وقال سكرية إنه «لا يمكن تحديد سياسة الولايات المتحدة تجاه لبنان فقط من خلال (حزب الله)، فهي تعرف أنه موجود في الحكومة والبرلمان. وهي لا تريد أن يهتز استقرار البلد بما يؤثر على أمن إسرائيل وبما يسمح للإرهاب بأن يستشري، مع العلم بأنها تتمنى اليوم قبل الغد أن تنزع سلاح الحزب، لكنها لا تملك القدرة أو الوسيلة لذلك.
فالمسؤولون الأميركيون يرددون أن ما يهمهم من لبنان هو الاستقرار الأمني والاستقرار الاقتصادي. بالتالي؛ لن يفرطوا في أي من هذين العاملين من خلال الضغط على نواب في الحزب».
من جهة أخرى؛ قال مدير «معهد الشرق الأوسط للشؤون الاستراتيجية» الخبير الاقتصادي الدكتور سامي نادر لـ«الشرق الأوسط»: «لنفهم العقوبات يجب أن نوسع البيكار، وليس الاكتفاء بقراءتها داخل لبنان. فقد فُرضت على محمد رعد وهو رئيس أكبر كتلة نيابية، نظراً لأن (حزب الله) هو الطرف الأقوى في منظومة الدولة، ويقود تحالفاً له الأكثرية النيابية. بالتالي، إخضاعه وإخضاع رئيس المنظومة الأمنية في (الحزب) وفيق صفا للعقوبات، يضع لبنان بمواجهة المجتمع الدولي. فهو في وضع اقتصادي مأزوم وبحاجة إلى مساعدة، ومؤتمر (سيدر) يضع شروطاً مقابل حصول لبنان على الأموال والمساعدات. بالتالي ستصبح الأمور أصعب. والأمر لا يقتصر على مسألة تحويلات مصرفية. عندما تحصل حادثة من هذا النوع ووفق تسلسل الأحداث، يُطرح السؤال: ما الخطوة التالية مع المسار التصعيدي عندما تطال العقوبات رأس الكتلة البرلمانية التي تتحكم بالسياسة اللبنانية؟».
وأضاف نادر: «هذا سؤال رئيسي بالنسبة إلى المراقبين والدول التي تتعامل مع لبنان. من دون إغفال علاقة العقوبات بالأزمة بين الولايات المتحدة وإيران. وإذا لم ينجح الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون في محاولات التهدئة، فإلى أين ستصل الأمور؟ لا سيما أن مساحة التمييز بين الجناحين العسكري والسياسي لإيران وأذرعها تتقلص أكثر فأكثر. ما يستوجب السؤال عن علاقة لبنان مع الشركاء الأوروبيين، خصوصاً أنه في وضع مأزوم. وبالتأكيد سيتأثر مع هذه الخطوة الإضافية التي ستزعزع الاستقرار وتؤثر على تصنيف الوضع الاقتصادي اللبناني، وتضيف نقطة ضعف جديدة تنال من الثقة الدولية بهذا الوضع، وأي تصنيف يعكس تدني مستوى الثقة سيؤدي إلى تغيير هندسة المصارف. والتعقيدات ستأتي وإن بدا ألا تأثير في النطاق الضيق، لكن هناك سلبيات على الاقتصاد وعلى العلاقة مع الدول».
(الشرق الاوسط)