جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / حرب من ساحة النجمة: نرفض البصم ورفع الأيدي دون مناقشة القانون…
بطرس حرب

حرب من ساحة النجمة: نرفض البصم ورفع الأيدي دون مناقشة القانون…

رأى النائب بطرس حرب في مداخلته في جلسة مجلس النواب عن مشروع قانون الانتخابات النيابية، وقد كان اول المتكلمين، أن “قانونا بدقة قانون الانتخاب وبخطورته لا يمكن ولا يجوز أن يقر دون مناقشة، كمبدأ عام. والمناقشة هي الوسيلة الوحيدة لشرحه وتفسيره للحكومة ولنا وللناخبين. وهو قانون يرسي نظاما جديدا للإنتخاب”.

وأضاف: “لا أذيع سرا إذا ما اعترفت، وأنا القانوني والنائب منذ عقود، والمتمرس في العمليات الانتخابية، أنني وجدت صعوبة في تفسير بعض مواد المشروع، وأنني اضطررت، في سبيل فهمه، إلى بذل جهد خاص لفهمه، ولا يجوز أن نخضع الناخب والمشرف على العملية الانتخابية له.

طبعا لا بد من الأخذ في الاعتبار هواجس دولة رئيس المجلس في وجوب الإسراع في إقرار القانون، فنحن في 16 حزيران، وولاية مجلس النواب تنتهي في العشرين منه، وأنه من الضروري والملح أن نقر القانون قبل نهاية الولاية، ليتمكن رئيس البلاد من نشره. إلا أن ذلك لا يجب أن يصرفنا عن أداء واجبنا في التشريع بشكل سليم من جهة، وعرض أسباب هذه الحشرة من جهة أخرى، وتحميل مسؤوليتها لمن دفع البلاد إلى هذه الحالة، التي لا يمكن وصفها إلا بالابتزاز السياسي المفضوح للمجلس، بحيث أصبحنا أمام معادلة، إما تقرون ما اتفقنا عليه، أو تتحملون مسؤولية الفراغ وعدم إقرار قانون جديد والإبقاء على قانون الستين الملعون”.

وتابع: “لنبدأ بالتأكيد أن بعض القوى السياسية قصدت وخططت بإتقان للوصول إلى هذه المعادلة، إما تبصموا بمادة وحيدة (بسبب ضيق الوقت) وإما تتحملون المسؤولية. فالأمر مدروس لإسقاط دور المؤسسات الدستورية، والمشروع أقر خارج مجلس الوزراء في الكواليس ووقف ما قرره كارتيل القوى النافذة، أكثر من ذلك لقد أنهيت صياغة المشروع الذي نناقشه بعد موافقة مجلس الوزراء عليه.

والمطلوب اليوم من مجلس النواب البصم ورفع الأيدي دون مناقشة ودون إبداء رأي. وهذا ما نرفضه، ولو اقتضى الأمر أن يبقى المجلس مجتمعا طيلة الثلاثة أيام المتبقية من ولايته.

في الخلاصة إننا اليوم أمام مأثرة جديدة من مآثر الحكومة الفاشلة. لقد عجزت الحكومة عن الاتفاق على قانون للإنتخابات طوال ستة أشهر، ربما لانشغال بعض أعضائها بالصفقات أو بتحضير ملفات ملاحقة النواب الذين تجاسروا وانتقدوها، وهي تحاول حشرنا بقانون ” توصاية ” على قياسات أصحاب المصالح والنفوذ فيها.

فبحجة الاستعجال وإنقاذ البلاد أسقطتم الكوتا النسائية، وبحجة الخوف من انقضاء ولا ية المجلس شوهتم النسبية، وبحجة تحصيل الحقوق وحماية القرار في اختيار النواب، بالإضافة إلى المزايدات، ضيعتم حقوق اللبنانيين والمسيحيين والمسلمين، وعرضتم صيغة العيش المشترك للخطر، كما عطلتم حق المنتشرين في العالم في الانتخاب، لقاء وعد (وكم من وعد قطعتموه ولم تنفذوه) بتوفير حقهم في الانتخاب في الانتخابات المقبلة بعد 4 سنوات. والمخزي في الأمر تباهي أحد الوزراء بهذا الإنجاز الوهمي في وقت يعطل المشروع حقهم الموجود في القانون الحالي، كما عطل سابقا حق المغتربين في إعلان نيتهم الانتخاب في بلاد الانتشار، بمنعهم من التسجيل في السفارات والقنصليات إذ لم يكونوا مستكملي شروط الاقتراع،وهو ما لم ينص عليه القانون النافذ.

فالحقيقة أنكم لم تفتشوا عن قانون يحقق صحة التمثيل وعدالته، ولا احترام المناصفة بين المسلمين والمسيحيين، ولا إقرار قانون عصري حديث ينتج طاقما سياسيا جديدا. لقد أضعتم وقتكم، ووقت اللبنانيين، في إيجاد صيغة تحقق لكم، مجتمعين ومنفردين، مصالحكم الخاصة والحزبية والطائفية والمذهبية، إذ كاد المشروع يطير بسبب التصميم على تأمين مقعد إنتخابي واحد لأحد المخططين النافذين الطامحين لنجاح لم يتمكن من تحقيقه في أكثر من محاولة، وبسبب ذلك فرغتم النسبية من مضمونها الحقيقي، وذهبتم باتجاه الصوت التفضيلي في القضاء، وليس في الدائرة، ما يدفعني إلى سؤالكم ماذا بقي من النسبية ومفاعيلها إذا كان الصوت التفضيلي في القضاء.ما دفع بعض المراقبين إلى إطلاق إسم على مشروع: إنه مشروع الـ /127/ نائبا زائد واحد.

لقد صح بكم ما سبق وقلته في أحد تصريحاتي السابقة: بدل أن تتفقوا على قانون يتيح للناخب اختيار نوابه، اتفقتم على مشروع يتيح لكم، كمرشحين، أصحاب مصالح خاصة أو حزبية أو طائفية، اختيار ناخبيكم، مشروع القانون فصل على قياساتكم، فأنتم انتخبتم الناخبين، بدل أن ينتخب الناخبون ممثليهم الحقيقيين.

فلماذا تخافون من المواطنين وتصويتهم؟ هل لأنكم تعرفون أن الناس يرفضونكم، ويرفضون ممارساتكم وصفقات بعضكم واستباحتهم للأموال العمومية، لكي يحققوا إثراءا غير مشروع على حساب فلس الأرملة ولقمة عيش اليتيم وعرق جبين العامل والمزارع والموظف وصاحب المهنة الحرة؟.

إلا أن كل ذلك لن يحول شعبنا إلى قطيع يساق أو يشترى بوظيفة أو بخدمة أو ترغيب أو ترهيب، لأنه شعب واع مثقف قادر على محاسبتكم، وسيحاسبكم في صناديق الاقتراع، أيا كان القانون الذي اتفقتم عليه.

فبالله عليكم كفاكم تبجحا بالإنجاز التاريخي الذي تزعمون تحقيقه، لقد تمخض جبلكم فولد فأرا قبيحا رائحته كريهة يرفضه اللبنانيون.

ولإيهام الناس بتوجهكم نحو الحداثة والعصرنة، دحشتم نصا يتيما غامضا حول البطاقة الإلكترونية. وطلبتم منا الإجازة لكم بتعديل القانون الذي تطلبون منا إقراره لاعتماد البطاقة الإلكترونية. وفي ذلك مخالفتان كبيرتان:

الأولى: لم تحددوا في مشروعكم ماذا تعنون باعتماد البطاقة الإلكترونية، ولا محتوياتها ولا كيفية استعمالها، ولا ضوابطها، ولا فوائدها، وبالأخص لم تقدموا أي برهان على قدرتكم على اعتمادها، ولبنان لم يحقق بعد الحكومة الإلكترونية، ولا أقر مشروع قانون المعاملات الإلكترونية. إن التوجه والطموح مقبولان، إنما المطلوب بعض الجدية أيها السادة.

الثانية والأخطر: إنكم تطالبون المجلس النيابي بالتنازل عن صلاحياته التشريعية للحكومة، وأن يمنحكم صلاحية إجراء التعديلات اللازمة لاعتماد البطاقة الإلكترونية. وفي هذا الطلب الكثير الكثير من الغرابة والمخالفات الدستورية، إنطلاقا من أنه لا يجوز تفويض أحد بصلاحيات مجلس النواب. فالصلاحيات لا تفوض ولا يمكن التنازل عنها، ولا سيما في معرض قانون بأهمية قانون الانتخابات النيابية.

إنني متأكد أنكم تعلمون أن ما تطالبون به غير جائز، ولا يمكن أن يمر، وقد يكون قصدتم من وضعه في مشروعكم تبرير التمديد الثالث للمجلس لمدة 11 شهرا، وقد اتفقتم على ذلك في ما بينكم، بمن فيكم من أقام الدنيا ولم يقعدها على التمديدين السابقين، وهو ما دفع البعض للتذكير بما أشيع عن إتفاق سياسي سابق يتضمن حلا متلازما يسمح بإنتخاب رئيس للبلاد وتمديد ولاية مجلس النواب لسنة.

وأننا لتفادي ذلك، ولأننا رافضون التمديد حوالي السنة نرفض تفويضكم بأي صلاحية وعدم ربط إجراء الانتخابات بنظام البطاقة الإلكترونية التي تقترحون والتي بقيت مبهمة غير معروفة.

أما المضحك المبكي هو تسابقكم على أبوة هذا المشروع المسخ ما يذكرني بفيلم ” Mamma Mia ” الشهير حيث تنافس ثلاثة رجال عاشروا أمرأة واحدة على أبوة أبنتها، مع الفارق أن تلك الصبية كانت جميلة وطريفة بينما إبنكم قبيح وبشع”.

وختم حرب: “أخيرا، ولأننا تحت ضغط الوقت، ولأننا متمسكون بوجوب تعديل قانون الستين وإجراء إنتخابات نيابية في أقر وقت، وتفاديا لتحويل مجلس النواب، السلطة الأم في نظامنا السياسي، إلى جمعية للبصم على ما اتفق عليه في الكواليس، أقترح أخذ ما طرحه دولة الرئيس بري بالاعتبار، وبدلا من تلاوة 125 مادة، ومناقشة كل منها على حدة، أن يحصر النواب ملاحظاتهم في المواد التي يعترضون عليها أو يطالبون بتعديلها، وبعد الاتفاق عليها، يصار إلى إقراره بمادة وحيدة، كما طرح الرئيس بري.

وسيكون لي اقتراحات ترمي إلى إلغاء أو تعديل بعض المواد الواردة في مشروع الحكومة”.