أدلى النائب بطرس حرب، لمناسبة مرور عام على انتخاب العماد عون رئيسا للجمهورية، بالتصريح الآتي: “بالرغم من أنني لم أنتخبه، أتمنى نجاحه وحصول إنجازات إيجابية، لأن الانتخاب وضع حدا للشغور الرئاسي القاتل لنظامنا الديمقراطي وللصيغة التي يقوم عليها، ولأن التسوية – الصفقة التي تمت بين معظم القوى السياسية في البلاد، سمحت بتوفير نصاب جلسة الانتخاب، ولأن توافقا إقليميا بين محوري إيران – سوريا ودول الخليج، وتسهيلا دوليا قد تحقق. إلا أنه من المؤسف أن العهد لم ينجح في توظيف كل هذه العوامل الإيجابية لإرساء الحكم الرشيد وإطلاق ورشة الإصلاح ومحاربة الفساد، كما كان ينادي سيد العهد منذ سنوات.
وفي تقييم إجمالي للسنة الأولى من العهد، أود أن أسجل الملاحظات الآتية:
– لقد خالف العهد والحكومة أحكام الدستور مرتين:الأولى بعدم إجراء الانتخابات النيابية الفرعية في طرابلس وكسروان خلافا لأحكام المادة 42 من الدستور.
والثانية طلب إقرار الموازنة لعام 2017، التي تشكل بنظري إنجازا باتجاه عودة الانتظام المالي للدولة، دون قطع حساب، بما يخالف أحكام المادة 87 من الدستور، وما يخالف مواقف فخامة رئيس الجمهورية وتكتله السياسي طيلة عقد من الزمن، لجهة رفض إقرار أي مشروع موازنة من دون الموافقة على قطع الحساب قبل نشرها.
– مخالفة الحكومة مضمون البيان الوزاري الذي حازت الثقة على أساسه، وتحول الحكومة الواحدة إلى حكومات غير منسجمة لكل منها سياسته، فبات لكل وزير وزارته ولكل وزارة ووزير سياسية خاصة مستقلة، عن الحكومة، إن لم تكن متناقضة معها. ولنا في ما يجري على صعيد السياسة الخارجية أكبر دليل، بسبب إنحيازها الى محور إيران – سوريا وتبني العهد لسياسة حزب الله وتبرير استمرار سلاحه غير الشرعي وإنخراطه في الصراع الإقليمي، مع ما سيترتب على ذلك من إنعكاسات سلبية مرتقبة على لبنان.
– وبدلا من تعزيز أجهزة الرقابة، يتم تجاهلها وتجاوزها إجمالا، ولا سيما في ملف الكهرباء والاتصالات والنفط والغاز، وأصبحت البلاد خاضعة، بشكل غير مسبوق، لقواعد المحاصصة والمحسوبية والتنفيعات وتقاسم المغانم بين أهل الحكم، بالإضافة إلى الاستئثار بالصلاحيات والكيدية المفرطة في التشكيلات القضائية والتعيينات الإدارية والديبلوماسية.
– تحول نظرية حكم “الرئيس القوي”، واستعادة حقوق المسيحيين “المسلوبة”، إلى تفويض مطلق لأحد الوزراء المقربين لإثارة النعرات الطائفية والأحقاد، ووضع المسيحيين في مواجهة المسلمين، ولنكء الجراح التي بذلنا الكثير من التضحيات لبلسمتها، ولا سيما بتحقيق المصالحة التاريخية في الجبل، بمباركة وتوجيه البطاركة الموارنة صفير والراعي، بالإضافة إلى ممارسته كل أشكال التجاوزات والتعدي على صلاحيات الوزراء الآخرين، الذين تحولوا، نتيجة ذلك، إلى سكرتيرية وأمناء سر للوزير المحظي.
– ضرب شعار “الرئيس بي الكل” بإقحامه في مشاريع لا يجوز جر موقع الرئاسة إليها، ومحاولة استغلاله لتحقيق مصالح شخصية وفئوية أو حزبية أو إنتخابية.
في الخلاصة، نعم، لقد أقر قانون جديد للإنتخابات النيابية على أساس النسبية، إلا أنه “القانون العجيبة”، كما وصفه وزير الداخلية، وهو قانون لن يستطيع الناخبون فهم تعقيداته وزواريبه ونتائجه السلبية على صحة التمثيل وعلى القواعد الديمقراطية.
كما أقرت موازنة بعد غياب 11 سنة، لكنها أقرت خلافا لأحكام الدستور.
أجريت تشكيلات قضائية على طريقة الولادة القيصرية، بحيث خير مجلس القضاء الأعلى بين الخضوع لإرادة السلطة السياسية والمحاصصة والمحسوبية، أو إبقاء القضاء دون تشكيلات، ويكفي لمعرفة حجم القضية التجول في أروقة قصر العدل.
لقد حصلت تعيينات في المراكز الإدارية الشاغرة، ومنها ما جرى خلافا للآلية التي وضعها مجلس الوزراء، فعين بصورة عامة، الأزلام والمحاسيب فيها، وتحولت هذه الإدارات، من إدارات لتسيير شؤون البلاد وكل اللبنانيين، إلى مراكز حزبية وطائفية في خدمة المحازبين والأقرباء والمرشحين القريبين من السلطة، وبعض أصحاب المصالح من حيتان المال.
والحمد الله يبقى إنجاز كبير لا يمكن إلا أن نجمع على الترحيب والافتخار به، وهو معركة فجر الجرود التي خاضها جيشنا الباسل لدحر الإرهاب في ظروف دولية وإقليمية مؤاتية لم تكن متوافرة قبلا.
إنها سنة من عمر العهد قد انتهت، لكنها السنة الأولى يليها خمس سنوات أخرى، خلافا لتوقعات ومخططات البعض، نتمنى أن تكون مختلفة عن الأولى، وأن يعاد النظر في النهج الذي اتبع، وأن يبدأ العمل الجدي على إصلاح الأخطاء وتغيير العقلية وإبعاد الفاسدين، ولا سيما أقرب المقربين، لوضع حد للمخالفات الدستورية وللفساد المستشري والاستئثار بالسلطة وتجاوز الصلاحية”.