جريدة الكترونية تأسست
1/1/2015
الرئيسية / جريدة اليوم / حرب خلال مناقشة الموازنة: لا أوافق على الموازنة لأنها مخالفة للدستور بدون قطع حساب
بطرس-حرب

حرب خلال مناقشة الموازنة: لا أوافق على الموازنة لأنها مخالفة للدستور بدون قطع حساب

القى النائب بطرس حرب كلمة خلال مناقشة موازنة العام 2018 جاء فيها: “الموازنة يفترض أن تكون مرآة صادقة لأحوال البلاد المالية والاقتصادية تعكس آلية إدارة البلاد.

وفقتم يا دولة الرئيس بتعيين جلسة المناقشة هذه في أسبوع الآلام، أي أسبوع آلام السيد المسيح الذي انتهى معلقا على خشبة الصليب والذي قام من بين الأموات بعد ثلاثة أيام، وهو ما أحيا الرجاء بالقيامة والانتصار على الموت.

إلا أن ما أخشاه أن تؤدي السياسة الاقتصادية والمالية أن يعلق الشعب اللبناني على صليب دون رجاء القيامة، وهو ما يدعوني إلى التمسك بحقي في الكرم محذرا منبها من مصير محتوم في حال بقي الآداء الحكومي على المستوى المعدوم المسؤولية الذي نشهده هذه الأيام.

كلنا نعلم أن استعمال إقرار الموازنة بهذه العجلة الاستثنائية ليس إلا تلبية للضغط الدولي، الذي يعتبر أن ذهاب الحكومة إلى مؤتمر سيدرا دون إنجاز الموازنة غير مقبول وسيرتد سلبا على المؤتمر المنعقد لدعم لبنان، لأن المجتمع الدولي لن يكون ملكيا أكثر من لبنان.

واسمحوا لي أن أصارحكم أن إقرار الموازنة غير المقرونة برؤية واضحة للسياسة الاقتصادية وبخطة إصلاحية جديّة، كما هي الحال، ليس إلا تأشيرة دخول إلى المؤتمر، إلا أنها غير مضمونة النتائج.

تتكلمون عن /17/ مليار دولار أميركي كقروض تطمحون تحصيلها من المؤتمر، والأجواء السائدة أن نتائج المؤتمر لن تتجاوز الـ /4/ مليارات التي كانت قد قررت سابقا في عهد حكومات سابقة، ولم تصرف لأنها ستكلف الدولة حوالي /700/ مليون دولار كلفة إستملاكات والدولة عاجزة عن توفيرها، بالإضافة إلى أن منح القروض مشروط بإصلاحات مالية وإقتصادية يجب أن يقوم عليها لبنان بدءا باحترام الدستور وبعدم مخالفة القوانين وبقيام قضاء مستقل عادل.

ولا تنتظروا من المجتمع الدولي الصديق أن يدعمكم إذا لم تساعدوا أنفسكم في إقرار إصلاحات جدّية تحقق النهوض وإذا لم تلتزموا تنفيذ ما سبق ووعدتم بتنفيذه من معالجة للمشكلات المالية والإدارية وإلى وقف تراكم الدين العام وتعاظم العجز والتوصل إلى تحسين الأوضاع المعيشية للمواطنين، ولا سيما حل مشكلة البطالة المتزايدة لدى الشباب اللبناني.

لقد اتخذت مؤتمرات سابقة عقدت لدعم لبنان واتخذت مقررات ممتازة داعمة، إلا أنه من المؤسف أن لبنان لم ينفذ ما التزم به بل أكثر أن الحكومات اللبنانية لم تنفذ حتى القوانين التي أقرها مجلس النواب، ولا تزال ممتنعة عن ذلك، ما اتسع في المجال لاستمرار عربدة الفاسدين والمفسدين وما سهّل عليهم تكديس الثروات غير المشروعة واستغلال مواقفهم لصرف النفوذ وتسخير الدولة في خدمة مصالحهم الشخصية والانتخابية.

والسؤال اليوم، وقبل ذهابكم إلى باريس لتشحدوا العطف الدولي، هل قررتم الالتزام بتنفيذ الالتزامات وبتنفيذ الإصلاحات المطلوبة وتطبيق القوانين واعتماد القواعد للحوكمة الصالحة الرشيدة وترشيق الدولة وزيادة فعاليتها وإنتاجيتها؟

وإذا كان بعضكم سليم النوايا، فسؤالي كيف ستتمكنون من ذلك والفاسدون بينكم يمارسون أسوأ صور المخالفات والتبذير والصفقات والرشوات، ويحوّلون الإدارات إلى مكاتب مسخرة لخدمة مصالحهم الانتخابية يدحشون فيها المحاسيب دون أية حاجة لكم ودون حساب أو رادع ويهدرون أموال الدولة لتأمين مصالحهم على حساب المصلحة العامة؟

كيف يمكن أن يثق بكم المجتمع الدولي، وهو يسجل عليكم أبشع الممارسات والمخالفات؟

لقد مارست حقي كمواطن، بأن وجهت إلى دولة رئيس الحكومة كتاباً في 23/1/2018 أطلب فيه إفادتي عن عمليات التوظيفات والتعاقد التي حصلت منذ تولي هذه الحكومة السلطة، وعن كلفتها المالية وتفاصيلها ومصادر تمويلها وأسماء من تمّ توظيفهم وإختصاصاتهم العلمية، وذلك استنادا إلى أحكام قانون الحق في الحصول على المعلومات رقم 28/2017، وأرسلت كتاباً آخر بتاريخ 6/2/2018 لأن الحكومة لم ترد، ولا زلت حتى اليوم في 29/3/2018 أنتظر الجواب دون نتيجة.

هذا في ضوء التزام دولة رئيس الحكومة أمام مجلس النواب، وأثناء مناقشة موازنة 2017، بوقف كل التوظيفات وعقود التعاقد إلا عبر مجلس الخدمة المدنية. وكلنا يعلم أن مرشحين فاشلين في كل الانتخابات الماضية وضعهم القدر في موقع السلطة وفي حكومات متعاقبة، قد سخروا إداراتهم لتوظيف الناخبين أو للتعاقد معهم لغايات إنتخابية ولو على حساب الشعب والدولة.

وإذا كنا نفرح لكل شاب أو صبية لتوفير عمل له فأننا نطالب بأن يصار إلى توظيفهم حسب الحاجة إليهم ووفق كفاءاتهم وليس لشراء ضمائرهم وتسخيرها لمصالح الحاكمين في موسم الانتخابات.

ومن هنا نسج تحفظنا على كل ما تقوم به الحكومة ونطالب هيئة الإشراف على الانتخابات تسجيل هذه المخالفات واعتبار عمليات التوظيف رشوة مكشوفة يعاقب عليها القانون وتعرض الانتخابات للطعن، لأن الجميع يُدرك مدى تأثير توظيف أكثر من خمسماية شخص في دائرة قضاء واحد على النتائج اللانتخابية.

أكثر من ذلك، أنتهز المناسبة اليوم، وتحت قبة البرلمان، لأتوجه إلى الموظفين، ولا سيما إلى أصحاب المراتب العليا في الوظيفة، بتنبيه أو تحذير إلى التسلح بالكرامة والاستقامة فتوقفوا عن امتناعهم عن الرد على إتصالات ممثلي الشعب الذي يدفع رواتبهم وهو ما لم نكن معتادين عليه، وأسألهم عن السبب الذي يجعلهم يخافون من الكلام مع المعارضين. أليسوا في خدمة كل المواطنين؟ ألا يتقاضون رواتبهم من كل الشعب اللبناني ومن الموالين والمعارضين. وأحذّرهم من أنهم إذا استمروا بنهجهم هذا يلحقون الضرر بمستقبلهم وأذكرهم بما كتب الرئيس الشهيد رفيق الحريري على مدخل السراي الحكومي أنه ” لو دامت لغيرهم لما وصلت إليكم “. وأن الدهر دولاب يدور فيوما تكون فوقه ويوماً تصبح تحته.

ويأخذني الحديث عن تسخير الأموال العمومية لمصالح خاصة إلى ما يقوم به بعض الوزراء من تسخير الأموال العمومية لخدمة حملتهم الانتخابية، كما يفعل وزير الخارجية الذي جال على حساب اللبنانيين والخزينة العامة للإتصال بالناخبين وطلب تأييده في الانتخابات، تحت غطاء تعزيز روابط اللبنانيين المنتشرين في العالم مع الوطن، وهو ما يخالف أبسط قواعد عمل رجال الدولة والمسؤولين، وما يتناقض مع مبدأ تكافؤ الفرص بين المرشحين، ما يدفعني إلى تسجيل مخالفة أخرى لحياد السلطة ونزاهة الانتخابات.

وللتدليل أكثر وأكثر على سوء الإدارة السياسية للملفات المتعلقة بحياة الناس وحاجاتهم وبتراكم العجز الذي تسببه، يكفي أن نذكر بما تتداوله وسائل التواصل الاجتماعي حول ملف الكهرباء والبواخر والاتهامات التي يطلقها فريق في الحكومة في وجه فريق آخر عن عرقلته لمشروع دير عمار أود أن أسجل استغرابي للتبريرات التي يرفعها وزير الطاقة الحالي ومن سبقه حول عدم تنفيذ معمل دير عمار بسبب موقف ديوان المحاسبة الذي رفض الموافقة على السير بالمناقصة التي كانت جرت، وطبعاً بسبب تعطيل وزير المالية، والفريق الذي يمثله في السلطة، الموافقة على المناقصة، ما أوقف المشروع وأبقى لبنان في الظلام.

لم يفهم اللبنانيون حتى الآن لماذا رفضت المناقصة التي رست على شركة ” بوتيك ” بسبب عدم توفر الاعتماد الكافي لها وهل كان من الصعب على الوزير المختص أن يقصد مجلس الوزراء ويطلب رفع الاعتماد وينفذ المشروع.

ولماذا رفض وزير الطاقة الأسبق آنذاك عرض الصندوق الكويتي تمويل تنفيذ المشروع بقرض ميسر لا تتجاوز فائدته 2,5 % يسدد خلال 25 عاما مع فترة سماح لخمس سنوات؟ ولماذا أصر على أن تستدين الدولة من الأسواق المالية مليار ومايتي مليون دولارا أميركيا بفائدة 7 % مع فترة تسديد لخمس سنوات فقط ؟

أليس في ذلك ما يثير الشبهة والريبة خاصة وأن تمويل المشروع من قبل الصناديق العربية يضمن حسن الرقابة على صرف الأموال وضبطها ؟

أكثر من ذلك، وبعد أن حصل الخلاف بين وزير الطاقة الأسبق وديوان المحاسبة، لماذا اكتفى الوزير بتبرير فشله في التنفيذ بعرقلة سياسية له وأبقى لبنان في الظلام، وفرض استئجار البواخر التركية لسنوات وسنوات، بدل أن يلجأ إلى نص المادتين / 40 و41/ من قانون ديوان المحاسبة العمومية التي تجيز له رفع الملف إلى مجلس الوزراء لبت الخلاف، فإما يوافق الوزير ويسمح بمتابعة المناقصة، أو يوافق ديوان المحاسبة ويأمر بإجراء مناقصة جديدة، ما يحول دون تعليق التنفيذ سنوات وسنوات ؟

سؤال كبير أطرحه، ليس لمساندة موقف أحد من الممثلين، بل للتأكيد أن سبب بقاء لبنان دون كهرباء واستمرار تراكم العجز بسبب ذلك، يعود إلى فشل الوزير الأسبق في إدارة ملفه وفي اعتماد الطرق القانونية لحلّ الخلاف الذي طرأ فيه.

فنحن لا نزال نتخبط في الظلام، والمواطن لا يزال يدفع فاترتين للكهرباء والصناعة تتعثر بسبب فشل من تولّى وزارة الطاقة منذ سنوات دون النجاح في توفير حل منطقي وعملي والاكتفاء بطرح بدائل مشبوهة لا تحل مشكلة الكهرباء بل تسهّل حصول صفقات وسمسرات على حساب الشعب اللبناني.

دولة الرئيس، لقد قدمت بعض النماذج عن منهجية الحكومة في إدارة شؤون البلاد، ما يدفعني إلى التساؤل عن مدى قدرة الحكومة وجدّيتها في طلب مساعدة الدول الصديقة، في الوقت الذي تناقض الحكومة كل ما تتطلب منها هذه الدولة لتقديم دعمها.

تطلبون من المجتمع الدولي الدعم لنا وتعمدون إلى وضع يدكم على السلطة القضائية بدل تكريس استقلاليتها لتحكم بأسم الشعب اللبناني وليس بأسمكم.

إننا نشهد أظلم أيام القضاء في لبنان، فمن تشكيلات قضائية فُصّلت على قياس مصالح الحكومة والسلطة، ولم تصدر إلا بعد الطاعة والانصياع، إلى زرع قضاة معروفين بانتماءاتهم السياسية في المراكز الحساسة التي عليها إتخاذ قرارات تتعلق بمصالح السلطة وبعض أعضاء الحكومة، فعُيّن القضاة المحسوبين على السلطة، وبصرف النظر عن كفاءاتهم ونزاهتهم في الأماكن التي للسلطة مصالح مباشرة، وأُبعد الكثير من القضاة المشهود لهم بالكفاية والنزاهة عن مراكز القرار لأنهم أحرار الضمير مستقلي الرأي.

فأي عدالة يمكن أن توفر للناس وللمتقاضين مع هذا ؟

ولقد تناست الحكومة أن أحد شروط المجتمع الدولي الصديق قيام سلطة قضائية مستقلة، وأن ذلك يشكل العنصر الأساسي المشجع لأصحاب رؤوس الأموال للإستثمار في لبنان وتوفير فرص العمل للبنانيين.

لقد وعدتم الشعب بمكافحة الفساد ويا ليتكم لم تعدوا.

نسي الناس أنكم أنشأتم وزارة لمكافحة الفساد لأنها أُنشئت على الورق ولم نشهدها تفتح ملفاً واحداً أو تلاحق فاسداً واحداً ولم تطلب سجن مرتكب أو مختلف، بل أكثر من ذلك قمتم بكل أعمالكم ومنعتم على وزير مكافحة الفساد التحرك فبقي الفساد وطارت مكافحة الفساد.

لقد تعاظمت المشكلات معكم.

عجز الكهرباء بلغ /31/ مليار دولار ولا نزال ندور في حلقة مفرغة تتمسكون بصفقة البواخر المشبوهة وتحاولون فرضها على إدارة المناقصات خلافاً للقوانين وكأنكم تريدون الصفقة وتوابعها ولا تريدون الكهرباء.

قضية التعليم في لبنان تحولت معضلة، وتحاولون الالتفاف على وزير التربية للحؤول دون نجاحه أو حل القضايا التي تواجهه، ترفضون إدراج مشاريعه على جدول أعمال مجلس الوزراء وتستغيبونه لتمرير مشاريع دون رأيه وموافقته، واليوم تحاولون في مشروع موازنتكم الالتفاف على حقوق المعلمين والأساتذة العاملين والمتقاعدين، التي قررناها في قانون سلسلة الرتب والرواتب، كما تتركون قضية المدارس الخاصة قنبلة موقوتة دون تفكيك.

تتناسون حقيقة مشكلة أقساط المدارس الخاصة، وتتركونها مادة المزايدة الشعبوية والانتخابية، وتتجاهلون الحل الحقيقي لمسألة التعليم في لبنان.

فاللبناني الفقير يرسل أولاده إلى المدارس الخاصة بعد تهاوي مستوى التعليم في معظم المدارس الرسمية. وإذا خططنا لرفع مستوى التعليم الرسمي يبقى في المدارس الخاصة من لديه الإمكانات المادية لذلك ويعود متوسطو الحال إلى المدارس الرسمية.

وتناول قضية الحكم وتحسينه. ورفع الحصانات عن المسؤولين. والإثراء غير المشروع.
ورفع السرية المصرفية.

وختم لا أوافق على الموازنة لأنها مخالفة للدستور بدون قطع حساب.